معرض الكتاب بين المكانة والإبداع

سلطان السلامي

تتزامن عادة أيام معرض الكتاب البهية مع تفاعلات وآراء وانتقادات وأخبار مُثيرة تأتي من هنا وهناك، تمثل انعكاسا لجلال الحدث ومكانته في قلوب العمانيين وعقولهم.

وحيث إنَّ اللافت في الأعوام الأخيرة تزايد أعداد الإصدارات العمانية بشكل يثلج الصدر، إلا أن البعض يرى أن هذا التطور الكمي قد أثر على جودة المنتج؛ باعتبار أن الجميع قد أصبحوا كُتَّابا، وهذا رأي به إجحاف بحق تلك الأقلام الشغوفة الطامحة.

وهنا.. أود أن أوجز بعض النقاط التي قد تُسهم في إيضاح وجهة نظر مختلفة كالتالي:

1- دائما ما نُتهم نحن العرب بأننا أمة لا تقرأ، وكثيرا ما تظهر مقارنات وإحصائيات دولية تؤكد ذلك. فمثلا يقال إن معدل ما يقرأه الأمريكي سنويا 11 كتابا وسبعة كتب للأوروبي، أما العربي -حسب تلك الإحصائيات- فنصيبه نصف صفحة سنويا، موزعة بين كتب تفسير الأحلام والجن والطبخ.

2- بغض النظر عن مصداقية تلك الأرقام وواقعيتها، إلا أنها يجب أن تشكل دافعا إيجابيا يُحرِّك فيهم الساكن، ويحفز الإبداع، ويشحذ الهمم نحو صحوة ثقافية للعرب، وعلى ذلك فلا يفترض انتقاد كثرة الإصدارات.

3- كنتاج لبرامج الدعم المقدمة من جمعية الكتاب والنادي الثقافي -وغيرهما من مؤسسات- للكتاب، فقد تزايد عدد الإصدارات عاما تلو الآخر، وخلق مناخا صحيا طالما نادينا به.

4- إن رصانة الكثير من الإصدارات العمانية المعاصرة على مستوى الوطن العربي تؤكد أن الكاتب العماني أصبح له شأنه في خارطة الثقافة مع أشقائه العرب، وهو ما يجعلنا نغض الطرف عن هشاشة بعض إصدارات المبتدئين الذين يستحقون منا كل التشجيع للأفضل.

5- يُدرك المتتبع لواقع معارض الكتب السنوية بدول الخليج العربي المكانة المتقدمة التي يتميز بها معرض مسقط الدولي؛ من حيث القوة الشرائية، ومناخ حرية الفكر، وانعدام مصادرة الكتب ومنعها، باستثناء ما حدث هذا العام والذي لم تتضح لنا أسبابه حتى الآن.

6- بناءً على تلك المكانة، فقد ظهر العديد من الكُتَّاب والمبدعين الشباب كنتيجة حتمية تراكمية للمناخ الثقافي العام.

7- وحيث إنَّ المحتوى المعرفي الإنساني قد تضاعف عالميا بشكل غير مسبوق -نظرا للثورة التقنية ووسائل التواصل العالمية- فقد انعكسَ ذلك إيجابا على المثقف العماني الطموح؛ فأتاح له مصادر بحث متعددة وتفاعل مع العالم وقضاياه، نتج عنه تسارع وغزارة في إنتاجه الثقافي.

8- يعرف عن العُمانيين تاريخيا غزارة الإنتاج الفكري -وإن كان أغلبه محصورا في الفقة والعقيدة وعلوم الدين- إلا أنه يعطي مؤشرا بأن توافر الظروف الاجتماعية والتعليمية اللازمة يُساعد على تنشيط حركة الإنتاج الثقافي والفكري.

وفي الختام.. نوجه الدعوة لمختلف الجهات المعنية بالثقافة لتوفير المزيد من برامج الدعم للكتاب الناشئين، والأخذ بيدهم نحو مزيد من الإبداع، كما أدعو للالتزام بمنهج حرية الفكر وعدم السماح بمصادرته كما أكد على ذلك مولانا جلالة السلطان المعظم -حفظه الله ورعاه- فالجميع يعلم أن لا جدوى من منع كتاب في ظل فضاء إلكتروني واسع.

sultan@infinity.om

تعليق عبر الفيس بوك