صون الموروث الحضاري

تفتخر كل أمة ذات تاريخ عريق وثقافة ضاربة في القدم، بموروثها الحضاري وما يحمله من ميراث الأجداد، الذين برعوا في تأسيس هذا الموروث وحمايته للأجيال المتعاقبة، لذلك كان لزامًا على الأبناء والأحفاد أن يعملوا على صون ذلك الموروث، من خلال إحيائه وتطويره، وإدخال تقنيات العصر فيه.

والصناعات الحرفية العمانية، واحدة من أعرق الموروثات الحضارية في العالم، نظرًا لقدمها وأهميتها الاقتصادية والاجتماعية، ولقد كانت ولا تزال الرعاية السامية لحضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم- حفظه الله ورعاه- للصناعات الحرفية، تسهم بالدور الأبرز في صون هذا الموروث العظيم، والعمل على حمايته وتشجيع أبناء الوطن المهرة على امتهان هذه الصناعات.

ومُسابقة جائزة السلطان قابوس للإجادة الحرفية تجسيد حقيقي وترجمة واقعية لذلك الدعم السامي اللا محدود للحرف والحرفيين، وانعكس ذلك في توجه مؤسسات الدولة، بدءًا من الهيئة العامة للصناعات الحرفية، بيت الحرفيين، وانطلاقًا إلى مختلف المؤسسات الأخرى التي تدعم أو تساعد في دعم هذه الصناعات المتميزة.

والحرفي العماني، سواء كان رجلاً أم امرأة، يتميز بإتقانه الشديد لحرفته، وحرصه البالغ على حمايته، والإمساك بتلابيب المهنة، رغم الثورة التقنية التي أحالت كل مفردات الحياة إلى أدوات تعتمد التكنولوجيا. لكن ذلك لم يثبط من عزيمة الحرفيين، بل قدموا مزيدا من الإبداع في أعمالهم، واعتمدوا التقنيات الحديثة أيضًا في إطار ما يساعدهم على سرعة إنجاز المنتج الحرفي، مع الحفاظ على أصالته وصونه من أي إضافة تخالف الأعراف التي تأسست عليها هذه الحرفة وخرجت منها منتجات عديدة.

ولا أدل على روعة المنتج الحرفي العماني، مما يحظى به من إشادات واسعة وإقبال جماهيري كبير على اقتنائه، وكذلك احتفاظ كل مواطن عماني في بيته بتحفة حرفية من بيئتنا العمانية الجميلة، رغبة منهم في الحفاظ على هذا الموروث الأصيل وكذلك دعمًا للحرفيين والحرفيات.

الإحصاءات تشير إلى استمرار حرص الحرفيين على تعليم الأجيال الجديدة كيفية ممارسة هذه الحرف، إلى جانب جهود كلية الأجيال المرتقبة والتي ستسهم بلا ريب في زيادة أعداد الحرفيين.

إنَّ تتويج الفائزين بجائزة السلطان قابوس للإجادة الحرفية، دعم هائل وتحفيز بلا حدود، لفئة من أبناء الوطن المبدعين، وعلى الجميع أن يبادر ويقدم كل ما من شأنه دعم الحرفيين بما يصون موروثنا الحضاري.

تعليق عبر الفيس بوك