مواكبة الثورة الرقمية

 

تفرض علينا الوتيرة المسارعة للعولمة وما يصاحبها من ثورة رقمية متجددة التعامل مع أسواق دولية أكثر تعقيدًا من أي وقت مضى، والانتقال باقتصادنا الريعي المعتمد على موارد محدودة إلى الاقتصاد القائم على المعرفة، والمبني على قوى عاملة تتسم بالديناميكية والمهارات العالية والابتكارية.

لم تعد هناك حدود اقتصادية، فعالم اليوم بات يعتمد أكثر على التكامل الإقليمي والتحالفات الاستراتيجية التي تتيح له تدفق الاستثمارات والتكنولوجيا والأفكار والبشر؛ ونادرا ما تكتفي الدول بذاتها تكنولوجيا؛ بل تنفتح على كل ما هو مبتكر عالميًا فتستجلب من خارج حدودها أحدث التقنيات الرقمية والنظم، وتوظيفها بما يصب في مصلحتها في عالم اليوم المتلاطم الأمواج.

ولن يتأتى ذلك كله إلا بتعزيز ثقافة الابتكار في بلادنا، ورفع مستوى وعي الأفراد والمؤسسات بأهميّة الابتكار في التنمية الاجتماعية والاقتصادية، وإشراك مختلف الجهات في تأسيس إطار عملي فعّال لجعلها مركزًا مهمًا للابتكار.

ولا تغيب عنّا في هذا الجانب جهود بعض المؤسسات والفعاليات هنا وهناك كجائزة الرؤية لمبادرات الشباب التي أفردت جائزة خاصة للإلكترونيات والطاقة المتجددة والروبوت، ولم تكتف بهذا فحسب بل حرصت على إقامة ورش علمية ومحاضرات تقنية طافت معظم مدارس السلطنة وولاياتها.

ولا ننسى أيضا الصندوق العماني للتكنولوجيا ومساعيه الحثيثة في الدفع بمستقبل الابتكار في عمان نحو آفاق جديدة، تجعل من السلطنة مركزًا جاذبًا للعقول. وبإمكان أي مبتكر عماني تقديم فكرته للصندوق الذي سيتكفل بعملية التمويل؛ بل يشترك معه في المخاطر في حال فشل الاستثمار، لأن غايته ليست ربحية فهو يستثمر بمبدأ الشراكة، ويدعم البرامج التي يقوم بها مجلس البحث العلمي، ويبحث عن العناصر البشرية المناسبة للاستثمار بنفسه في عدد من الولايات.

إنّ الحاجة ماسة لتأسيس إطار عملي لتنفيذ الاستراتيجية الوطنية للابتكار بما يكفل تحويل السلطنة من خانة المستَقبِل للابتكار إلى المُصدِر له لكبرى الشركات العالمية والدول، وتسريع جهود بناء المجتمع المعرفي واقتصاد المعرفة، إضافة إلى تعزيز الوعي حول إمكانيات واحتياجات البنية التحتية المبتكرة فيها، وطرق مواجهة التحديات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية المرتبطة بالابتكار.

تعليق عبر الفيس بوك