المعتصم البوسعيدي
يعيش العالم في ظل صراعات كبيرة، وقضايا مُتعددة، وسط شتات الدول ودخولها في مُعتركِ الخلافات، وهنا ووسط "شرق أوسطي" مشتعل، وأمة إسلامية وعربية ـ للأسف ـ مُتعاركة، تقفُ عُمان ـ كما أراد لها حكيمها المعظم - حفظه الله ورعاه - صديقةً للجميع، وأرضًا مُحايدة مُرحبةً بالمتحابين والمتجافين، وبالمتوحدين والمتفرقين؛ فجسرها بُني على التعايش، وأرضها زُرعت بالتسامح، وإنسانها جُبل على التصالح مع ذاته والآخرين.
لقد نادت المؤسسات الرياضية الدولية بضرورة إبعاد السياسة عن الرياضة، بل إنها تود أن لو أن الرياضة سبب في حلحلة مشاكل السياسة لا سبب فيها أو امتداد لها، والأحداث تخبرنا نجاحها في أحيانًا كثيرة وأخفاقها في أحيانًا أخرى؛ فمنظر توحد وفد الكوريتين الشمالية والجنوبية في البطولات الرياضية يريح النفس ويبعث الأمل، كما أنّ ذكرى "حرب الكرة" بين الهندوراس والسلفادور ذكرى أليمة في تاريخ الرياضة على وجه الخصوص، ومنظر يستدعي الحزن العميق، ومن بين تلكم الأمثلة ظهر ما نسمع عنه ويدعى "بالأرض المحايدة" التي تجمع متنافسين يصيران بلغة السياسة "خصمين" لا يأتمن بعضهما البعض!!.
وبعيدًا عن الاحداث، وقريبًا من أرض عُمان المحايدة التي أضحت ملاعبها ملاعب سورية وسعودية وإيرانية، نجد مع اعتزازنا وفخرنا بذلك من المنظور السلمي الذي تلعبه سياستنا بين الدول "وخزُاً" في حديث اللاعبين والجماهير عن سوء بنية ملاعبنا ومدى جودتها، وهذا حديث بقدر ما يؤلمنا من الأشقاء والأصدقاء، بقدر ما نحن ندرك حقيقته وصدقه لحد بعيد، ويعيدنا إلى مدى حاجتنا لتطوير منشآتنا وتحسين جودتها وكيفية التعامل معها وتوفير متطلباتها وفق أحدث التقنيات العالمية، دون أن نرى في ذلك انتقاصًا نسعى للتغافل عنه، أو مهاجمة من يقول مهما كان قوله وطريقة تعامله مع هذا الأمر، ومن جانب آخر يجب أن نتعلم من كوننا أرضا محايدة في تحليل بعض المؤشرات كالشغف الجماهيري وتهافته لتشجيع الأندية العريقة التي تلعب على أرض السلطنة؛ وذلك بنظرة إيجابية على مستوى تطوير مسابقاتنا المحلية وتعزيز علاقة النادي بالجمهور من جهة، وأهمية استقطاب الأندية العربية والعالمية وإقامة بطولات دولية من جهة أخرى.
إنّ ملاعبنا تعاني ـ أيضًا ـ من استهلاك في الاستخدام؛ لما تقدمه من خدمة مجتمعية واستغلالها في فعاليات مختلفة، إضافة لكونها مكان إقامة المناسبات الوطنية، وبدون تقليل جهود المعنيين في وزارة الشؤون الرياضية أتمنى إعادة النظر في إدارة الملاعب وتوفير متطلبات الملاعب الحديثة من شبكة اتصالات عالية الجودة، ومراكز إعلامية متعددة الاستخدامات ذات سعة أكبر من الموجود حاليًا، وأماكن للتبضع والصلاة، علاوة على ضرورة تقنين إقامة الفعاليات، مع تحسين العشب وتجديده بين فترة وأخرى، والتعامل مع احتضان السلطنة لمباريات الملاعب المحايدة بتجهيزات أعلى؛ كون الأمر يُعد واجهة دولية تنقل صورة السلطنة، متمنين أن لا تكون بيننا أرض محايدة وأن تستقر الأوضاع، وأن تنتصر الرياضة على السياسة أو تكون لسياسة السلام طائر محبة ووئام.