الرعاية السامية للمواطن

 

حاتم الطائي

◄ المواطن العُماني سيظل دوماً في عَيْن القيادة الرشيدة وأولوياتها... والدولة بكافة مُؤسَّساتها ستظلُّ عونًا وعضُداً وسنًدا له في كل الأحوال

 

◄ بلادنا تمضي بكل ثبات على المسار الصحيح لتنميةٍ خلاقةٍ، وفعلٍ نهضويٍّ واعٍ، يقوم على فَهْم صحيح لمتطلبات المجتمع والمرحلة

 

◄ حرص مدروس على تهيئة أبناء المجتمع وتأهيلهم، وتخريج أجيال جديدة للعالم تحمل مشاعل الابتكار والنماء والعطاء

 

 

حاتم الطائي

لقد حَملتْ الإشادةُ الساميةُ من لدن مولانا حضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم -حفظه الله ورعاه- خلال ترؤس جلالته الأسبوع الماضي اجتماعَ مجلس الوزراء الموقَّر، بتعاونِ المواطنين في إنجاح برامج وخطط التنمية، ومباركته وثنائه -أيَّده الله- لجهود تشغيل المواطنين وتوفير فرص العمل المناسبة، رسائلَ تأكيدٍ وتطمين بأنَّ المواطن العُماني سيظل دوماً في عَيْن القيادة الرشيدة وأولوياتها، وأنَّ كافة الجهود الضرورية التي تباشرها حكومتنا الرشيدة، وتكلؤها عين رعاية المقام السامي بالإسداء والتوجيه، لن تتحوَّل مطلقًا لعبءٍ على المواطن، وأنَّ الدولة بكافة مُؤسَّساتها ستظلُّ عونًا وعضُداً وسنًدا له في كل الأحوال، تبحثُ في التحديات وتذلِّل الصعوبات التي قد تترتب على أيِّ إجراءٍ تستدعيه الحاجة لتعزيز وضع اقتصادنا الوطني، في سياسة مُتوازنة توائم بين مُتطلبات التنمية المُستدامة وخطط التطوير من جانب، وتوفير حياة كريمة للإنسان العُماني الواقف على أرض صلبة يكتملُ فيها بُنيان دولة المؤسسات والقانون من جانب آخر، وترجمة نهضوية لما أرادَه مولانا المعظم لهذا الوطن الأشمِّ، عندما أطلق وَعْدَه قبل ما يُقارب نصف القرن من النماء والخير، بالتحول إلى الدولة العصرية في أسرع وقت مُمكن.

إنَّ العقيدة السياسية التي ينبني عليها القرار في بلادنا، والضامنة لأن يظل الإنسان هو هدف التنمية وصانع مفرداتها، لهي واحدة من علامات الحُكم الرشيد والسياسات التنموية الحذقة، وما نراه اليوم من انعكاسات إيجابية لآلية تنفيذها وتحقيقها على أرض الواقع، ما هو سوى تأكيد على أنَّ بلادنا تمضي بكل ثبات على المسار الصحيح لتنميةٍ خلاقةٍ، وفعلٍ نهضويٍّ واعٍ، يقوم على فَهْم صحيح لمتطلبات المُجتمع، ويلبِّي احتياجات كل مرحلة وفق أسس منهجية، وتخطيط سليم يعمِّق ما تعيشه بلادنا من حراك على مُختلف المستويات.

ولعلَّ هذا ما يُمكن إدراكه من تأكيد جلالته -أيَّده الله- على أهمية تأهيل الشباب وإعدادهم للالتحاق بالعمل الذي يُوفر لهم حياة كريمة، وهو تأكيد يأتي في إطار خطوات تستمدُّ أبعادها من مفهوم "التنمية المسؤولة"، الذي يرعاه المقام السامي طوال ثمانية وأربعين عامًا، اكتملتْ فيها للعَيان ملامح دولة التوازن، والعقلانية، والواقعية، وتحقيق الممكنِ، دولة تبتعد عن القفزات غير المحسوبة، والشعارات الفضفاضة، مشهودٌ لها بالحرص المدروس على تهيئة أبناء المجتمع وتأهيلهم، وتخريج أجيال جديدة للعالم تحمل مشاعل الابتكار والنماء والعطاء، وبتراكم خبرات جماعيَّة يؤهِّل ويَضْمَن وصولًا أسرع لأفضل النتائج على المدى الطويل، برؤى مستقبلية تصُوغها حكمة القائد، وتضع نُصب عينيها تقدم الوطن وخير مواطنيه.

وفي رأيي، قد يكُون استيعاب معامل الارتباط في مُعادَلة الاتزان بين الفكر الاستشرافي لمولانا حضرة صاحب الجلالة في بناء عُمان الحديثة من جهة، والفكر الإستراتيجي التنفيذي ورعاية حاجيات المواطن والقيام على أمره من جهة أخرى، سهلًا إدراكه على جيل الآباء، ومن عايشوا مراحل التنمية منذ بدايات عهد السبعين، إلا أنني هنا لن أسير خلف ما يعتقده البعض بصعوبة استيعاب وإدراك الأجيال الجديدة من أبنائنا له، بل على العكس تمامًا؛ فالجيل الجديد من شبابنا بما يحمل في داخله من أُمنيات وتطلعات ومُطالبات مُعلنة مشروعة وقابلة للتطبيق، وما يتهيَّأ لهم من فرص لم تكن متاحة لأسلافهم، وما يطَّلعون عليه من حولهم... كل هذا يجعل استيعابهم لمعامل الارتباط والاتزان الحاصل بين طرفي معادلة الاستشراف القيادي والقرار التنفيذي له، أكثر سهولة، لا سيما وأننا نمتلك مشروعًا نهضويًّا متجددًا، قابلًا للتطوير على الدوام.. مشروع نهضوي يؤمن بأنَّ الدماء الشابة هي الأقدر على صناعة الفصل القادم من عُمر نهضتنا المباركة، فصل يتَّكئ على منجزات الحاضر ومُكتسباته، ويستشرف المستقبل بثقة وقوة وحيوية، ولا أدلَّ على ذلك من توجيهات وخطط وتحركات على أعلى مستوى طوال الفترة الماضية من أجل تأهيل وتوظيف وتمكين الشباب.

لقد ظلَّ الفعلُ التنموي العُماني الرائد منذ إشراقة فجر النهضة المباركة -في أبعاده المختلفة- نموذجًا حيًّا ومضرب مثل لما يجب أن تكون عليه التنمية؛ فما تحقَّق من إنجاز يُؤكِّد مَدَى إرادة الوطن في الوصول لأرقى درجات التقدم والازدهار، وتحقيق أفضل مستويات الرفاهية للمواطنين؛ لذا فما زال البناءُ مُستمرًا، والأمن مُستَتبا وسط عالم تموج به عواصف الصراعات، وأمواج الاضطرابات، وما زال اسم عُمان عنوانًا بارزًا من عناوين المجد، يتغنَّى به كل مواطن ومقيم، ويشهدُ بذلك ما أحدثته مفردات التطور من إعادة صياغة الحياة في بلادنا، وفق منهجية حكيمة عميقة الدلالة، أكدها جلالته في خطابه بمجلس عُمان عام 2009، بالقول: إنَّ "المستقبل المشرق المحقق للتقدم والنماء والسعادة والرخاء، لا يُبنى إلا بالهمم العالية، والعزائم الماضية، والصبر والإخلاص والمثابرة، ونحن واثقون بأن أبناء وبنات عُمان يتمتعون بقسط كبير من تلك الصفات السامية، يشهد بهذا ماضيهم، وحاضرهم، ونحن لا ريب لدينا ثقة بأنهم قادرون على بناء مستقبل سعيد بإذن الله".. فما نشهده اليوم من اهتمامٍ شاملٍ وعميقٍ ورعاية سامية من قائدنا المفدَّى للمواطن العُماني، وتعليمه وتثقيفه، وصقله وتدريبه، إنما منشؤه الأساس ثقة كاملة وإدراك حقيقي واعٍ بأنَّ الثروة البشرية هي أغلى ثروات الوطن.

إنَّ التوجيهات والتأكيدات السامية الدائمة، والجلية في كلِّ خطابات جلالته -أبقاه الله- لتضع المواطن ومن قبله كل جهات التنفيذ الاعتبارية، أمام مسؤوليات أكبر لإتمام حلقات ارتقائنا الوطني والحضاري؛ فالحكومة من جهة ترسُم الخُطط وتضع الإستراتيجيات، والجهات التنفيذية والرقابية تتابع إنفاذ كل ذلك لضمان حياة كريمة للمواطن، وهذا الأخير مطالب بأدوار أكبر في الحفاظ على ما تحقق له، والبناء عليه، ردًّا للجميل ابتداءً، ووفاءً لسياسات حكيمة برهنت -على مَدَى عقود- أنها تصبُّ في صالح خدمته، ومن ثمَّ اضطلاعًا بدوره الوطني في مسيرة بناء تتبرعم خيراتها ربوع وأرجاء وطننا الغالي من أقصاه إلى أقصاه.. وليتأكد للجميع أنَّ الكل شريكٌ في البناء، وعلى عاتقنا أمانة ومسؤولية وطن نُفاخر بمسيرته، ويفتخر بنا.. فلنجدِّد جميعنا العزم لمواصلة المسير..!

ويبقى القول في الأخير.. إنَّ ما تزدان به مسيرة اجتماعات مجلس وزرائنا الموقر من توجيهات مولانا حضرة صاحب الجلالة، ليُوثق في قلب كل مواطن عُرى المواطنة المسؤولة، التي تدفعه لإيمان حقيقيٍّ بأنَّ مصلحة بناء هذا الوطن لن تستقيم دون تكاتف الجميع خلف قيادتنا الحكيمة، وأن كل مرحلة تتطلب أن نتَّحد لمُواجهة تحدياتها عبر فكرٍ يتجدد، وصفحةٍ جديدةٍ تستصحبُ مفاهيمَ عملية يُمكن تفعيلها على أرض الواقع، لتحويل التحديات والأزمات إلى فرص واعدة لمزيد من الإنجاز والتقدم والازدهار.