حوار جلالة السلطان قابوس مع جريدة الحياة اللبنانية عام 1975م


حديث سياسي هام لجلالة السلطان مع صحيفة الحياة اللبنانية:
    هناك محاولات عربية لإقناع عدن بالكف عن دعم المتمردين الماركسيين في ظفار.
    الأردن يدعمنا فعليًا في مجالي البناء والحرب والدعم العربي لنا مازال في مراحله الأولى.
    سأقوم قريبا بزيارة رسمية للسعودية.

أدلى جلالة السلطان قابوس المعظّم بحديث سياسي هام لصحيفة الحياة اللبنانية نشرته في عددها الصادر يوم الاثنين الماضي. وأعلن جلالة السلطان قابوس في حديثه للحياة أنّ (الدول العربية وفي مقدمتها المملكة العربية السعودية ومصر تحاول إقناع حكومة عدن بالكف عن دعمها للمتمردين الماركسيين في ظفار كوسيلة لإنهاء التمرّد هناك).

ولكنّ جلالته قال: (إنّ هذا الموضوع لا يزال في طور الإعداد والتفكير، وإنّ الهدف منه هو الحؤول دون اليمن الجنوبية والارتماء أكثر وأكثر في أحضان السوفيات وإعادتها إلى الحظيرة العربية بعد أن تتعهد بالكف عن إثارة أنواع المشاغبات في غرب عُمان الجنوبية والجمهورية العربية اليمنية والمملكة العربية السعودية).

وسُئِلَ جلالة السلطان قابوس عن أنباء تحدثت عن عرض 10 ملايين دولار على اليمن الجنوبية للتعويض عليها عن المساعدات السوفياتية، فقال: (إنّ ذلك قد يكون حدث وإنّه يعرف أنّ اليمن الجنوبية وجمهورية اليمن طلبتا مساعدات مادية باعتبارها من دول المواجهة بحكم وجودهما على مضيق باب المندب).

وأعرب جلالته عن (اعتقاده بصدق عن الأنباء التي ترددت عن محاولة اليمن الجنوبية الانضمام إلى [الكومنترن]، أو السوق التجارية الأوربية الشرقية)، وأشار إلى (حجم المساعدات الخاصة العسكرية منها التي تتلقاها حكومة عدن من طائرات ودبابات وغيرها بالإضافة إلى وجود الخبراء السوفيات)، وأضاف يقول: (إنّ الدعم العربي لعُمان في حربها ضد المتمردين لا يزال في مراحله الأولى وإنّ الدعم الفعلي هو من الأردن، كما إنّ السعودية زادت مساعداتها أخيرًا، وقدّمت أبو ظبي شيئًا من الدعم المادي على شكل بناء طرق).

وقال: (من الواجب على الإخوان خاصة الأقرب منهم أن يدعمونا أكثر لكنّ هناك ظروفًا لا تساعدهم في الوقت الحاضر وأنا أعتقد أنهم يعرفون الخطر وهم معنا قلبًا وقالبًا، ولكنَّ الدعم العسكري قد يسبب لهم حرجًا، أو قد يفتح لهم جبهة هم بغنى عنها، وعلى أي حال فنحن لا نريد أنْ نكلفهم ما لا يطيقون).

وأكد جلالة السلطان أن القوة الأردنية العاملة في عُمان لم يكن الهدف من حضورها الحلول محل القوة الإيرانية التي سبقتها إلى العمل ضد المتمردين)، وقال: (إنّ المعركة معركة مطاردة ومعركة بناء والأردنيون يساعدوننا في المجالين، هناك قوة تساعد في المجال العسكري، وهناك كتيبة هندسة تساعد في البناء كشق طرق الجبال. كذلك للإيرانيين قوات مقاتلة وقوات هندسة تقيم حاجزًا لإعاقة تسلل المتمردين من الجهة الغربية، والقوة الإيرانية جاءت لتساعد السلطنة في بعض العمليات في مناطق معلومة، وقد أُعطِيتْ عملا خاصًا بها بالتعاون مع قوات السلطان المسلحة لتتمكن هذه القوات من التفرّغ لأشياء أخرى في أماكن أخرى من الجبهة، والجميع جاءوا ليساعدوا وعندما تنفرج الأزمة ويستتب الأمن والسلام ترجع القوات الإيرانية والأردنية إلى بلادها).

وأشار جلالته إلى القوة العربية البديلة التي تردد اقتراح بشأنها فقال: (إنّه يشترط لقبول ذلك أن تكون القوة من الدول التي أرتاح إليها وأن توضع تحت تصرفنا مباشرةً وأن تكون على الحدود)، وأعرب جلالته عن (اعتقاده أنّ العراق ليس راضيًا عن الوضع في عدن خاصةً بالنسبة إلى الارتماء في أحضان الاتحاد السوفياتي)، وقال: (إنّ سوريا أكدت أنها لا تشجع تدريب المتمردين في أراضيها، وإنّ هؤلاء يتدربون مع الفلسطينيين في مخيماتهم ومعسكراتهم بحجة الانتماء إلى العمل الفدائي).

واستبعد جلالته قيام مناطق أمنية في الخليج أو غيره وقال: (إنّه في عصر الصواريخ والتكنولوجيا الحديثة لم يعد يوجد في الواقع ما يسمى مناطق أمنية)، غير أنّ جلالة السلطان أبدى تفاؤله بمستقبل أمن الخليج خاصةً بعد الاتفاق الإيراني – العراقي الذي توقّع أن يكون له تأثير طيب خاصةً إذا تمسك البلدان بما اتفق عليه من عدم التدخل في شئون دول المنطقة وعدم إثارة أيّة قلاقل وعدم دعم أيّة حركات مناوئة للأنظمة الموجودة وأن يكون أمن الخليج مسئولية الجميع مع تحمّل كل دولة لمسئوليتها)، وكشف جلالته النقاب عن أنّه (يأمل بزيارة المملكة العربية السعودية قريبًا بعد أن كانت الزيارة المقررة له في السابق قد تأجلت بسبب اغتيال الملك فيصل)، وختم حديثه بالقول: (إنّه يرى أن لا يُعقَد مؤتمر قمة عربي قبل مؤتمر السلام في جنيف لصعوبة اتفاق العرب فيما بينهم على خط واحد وأن لا يُعقَد مؤتمر جنيف إلا عندما تتوفر له جميع عناصر النجاح لأن مخاطر الفشل ستكون بالغة).
...........................
المصادر: ناصر أبو عون – صحفيون في بلاط صاحب الجلالة، محاورات السلطان قابوس مع وسائل الإعلام العربية والأجنبيّة، ص: 179، 180، 181، دار كنوز المعرفة للنشر والتوزيع – الأردن – ط 2/ 2015م، وانظر أيضا: جريدة عُمان - الصفحة الأولى - السنة الثالثة – العدد 134- المجلد الثالث - السبت 07\06\1975 م – 16 من جمادى الآخرة 1395هـ

تعليق عبر الفيس بوك