قالت الوردة قالت الحياة

ريم كبا


(1)
لَم تستَطِع أبدا"
أن تُحارِبَ "طَواحينَ الأحلام" !
كانت تُفاجَأُ  كُلَّ صباح
بِثُلَةٍ مِنَ الأحلامِ الصَريعة
مَرمِيَّةٍ...
أمامَ بابِ بيتِها!
تَمِكَّنَت فَقَط مِن إنقاذِ بعضٍ منها:
القَديم المُهتَرِىء
والحديث الذي لم تنمو براعِمُهُ بعد!
ثُمَّ سَطَرَتها بِعِنايَة
 في صُندوقٍ خَشَبِيٍّ قديم
وَكَتَبَت عَليهِ:
يُفتَح بَعدَ مَوتي! ...
(2)
آنيَةٌ
 يفوحُ منها العطر ..
خِزانَةُ أمي..
قَبرُها الذي لَم أزُرهُ
بسَبَبِ الحَرب!!
ثِيابُها التي مازِلتُ أشُمُّ
رائحَتَها بِرَغمِ البعاد..
أحلامي التي دفَنتُها
على مذبَحِ الطاعَة وَالأخلاق..
اعتِرافاتي اللَّيلِيَة التي
خَطَطتُها في مَديحِ
 عَينَيه..
قلبي الذي مازالَ يَدُقُّ
رَغمَ الصَخرَةِ اليابِسَة
التي تَكَوَّمَت في مَضَخَّةِ
أوكسِجينه!
أيّامي التي أمضَغُها
كَلُبانَةٍ بائتَة!
فَرَحي الذي قَصَصت
 أجنِحته ونِمتُ!
خَيالي الذي
مازالَ يُطارِدُ الفَراشات..
صَباحاتي التي نَسيت
في حَقيبَةِ يَدٍ قديمَة..
أوراقي
التي نَثَرتُها في
كُلِّ الأماكن
حَتّى على الطُرُقات
وَفَوقَ الأغصان
وفي جُيوبِه!
شَغَفي الذي
أدمنتُ
بِكُلِّ جميلٍ ومغرٍ
كَطِفلَةٍ مَذهولَة..
كُتُبي التي لاأنام
قَبلَ أن أنثُرَها
حَولَ فِراشي
كَما لَو كُنتُ
أرتِبُ قَبري!!
أزهاري التي ألامِسُها
كُلَّ صباح
عَلَّ شَذاها
يَتَسَرَبُ إلى شَراييني
وَيَختَلِطُ بِدِمائي  ..
سَمائي  البَليدَة الداكِنَة
التي أستَميحُها شوقا"
وَهَلَعا"
أن تُكَذِّبَ فَراسَتي !!
وَأحشائي  التي تَصرُخ
احشائي التي تَفيض
بِماءِ الحُلُم
وَيَطفو على سَطحِها قلبي
سعيدا" وَمُستسلِما"
كَشَهيد !! ..
(3)
كانَ يَطيبُ لَهُ ..
أن يَحتَسيَ فنجانا" مِنَ القَهوَة
في حديقَةِ عَينَيها  !
فيُحَلِّقَ بِخَيالِهِ معَ الاضواءِ الخافِتَة
وَيَنتَشي بِرائحةِ البُن! ..
في ذلِكَ المَساء وَكَالعادَة..
وَبَعدَ رَشفَةٍ صَغيرَة ..
تَلَتها رَشَفات !
شَعَرَ بِحرارةٍ مفاجِئة تدُبُ في   
أوصالِه!
ماهيَ الا لَحَظات
حتّى انهَمَرَ المَطَرُ كالدَمع!!
عِندَما أغلَقَ البابَ خلفَه
وابتَلَعَهُ الضَباب
كانَ يَتَذَوَّقُ آخرَ رَشفَةِ بُن
امتَزَجَت على شفتيهِ  
بِمَذاقٍ مالِح ! ..
(4)
قالَتِ الوردة:
كنتُ أنضَحُ بالجَمال
عندَما فاجَأني الذُبول!
قالَ الطِفل:
كانَت تَدُرُّ عَلَيَّ الشهدَ
ثُمَّ فَطَمَتني!
قالَتِ الحياة:
كنتُ أعتَقِدُ أني
سَأجِدُ مُتَسَعا"
لِكُلِّ هَؤلاءِ البَشَر!
قالَتِ المرأة :
لَو أنَّكُم خُلِقتُم نِساء
كُنتُم ستُدرِكونَ ما أعنيه!
قالَتِ الحقيقَة:
لَو كُنتُ أعلمُ أني سَأصبحُ
نِسبِيَّة..
لَكَذَبتُ عَلَيكُم  وَعاقَبتُكُم! ...

تعليق عبر الفيس بوك