"غرفة عمليات" لتوظيف 25 ألف شاب

خلفان الطوقي

من الصعوبة أن تعرف من أين تبدأ الكتابة عندما يتعلق الموضوع بالتوظيف؛ فالتوظيف ليس بالعملية السهلة؛ والسبب في صعوبته أنّ الموضوع يخص عدة أطراف بعضها واضح للعيان وبعضها غير واضح؛ وكل طرف ينظر للموضوع من الجهة التي تخصه؛ وللأسف فبعضهم لا يستطيع أن ينظر لباقي زوايا الموضوع بقصد أو بدون قصد؛ فكلما زادت أطراف الموضوع زاد تشابكه وزادت صعوبته.

يبقى لكل مشكلة حل؛ والحل في مشكلة التوظيف هو تعريف أطراف الموضوع وأدوارها؛ حيث إنَّ البعض يتوقع أن الحل يكمن في وزارة القوى العاملة والهيئة العامة لسجل القوى العاملة وأنهما هما المسؤولتان فقط؛ عموما فبعد تحديد الأطراف لابد من إعداد خارطة طريق تحمل في طياتها المهام والمسؤوليات لكل طرف من الأطراف وتنفيذها وتقييمها وتعديلها حسب المُتغيرات.

فلنبدأ بتحديد الأطراف وهي بالإضافة إلى وزارة القوى العاملة والهيئة العامة لسجل القوى العاملة؛ وزارة التجارة والصناعة وإثراء والغرفة والجهات المعنية بتراخيص قيام الأعمال كوزارة السياحة والبلديات الإقليمية والبيئة والشرطة وغيرها من الجهات الحكومية؛ كما علينا ألا نغفل دور مجلس عُمان بشقيه الشورى والدولة؛ والقطاع الخاص بكل مستوياته؛ والباحث عن العمل وولي أمره؛ ووزارة الإعلام والهيئة العامة للتلفزيون والإذاعة والإعلاميين والمغردين والكتاب والمفكرين والمثقفين ومنصات التوظيف المستحدثة.

هنا يتضح أنَّ الكل له علاقة بملف التوظيف على المدى القريب؛ فكلما زادت الجهات التي لها علاقة بالتوظيف؛ تجد أن الملف يكون حمله ثقيل؛ والحل في حمله أو تحمل مسؤوليته هو أن يشارك الجميع في الحل من خلال تقديم التضحيات وبعض التنازلات والدعم من كل جهة من الجهات المذكورة أعلاه؛ فالموضوع هو أكثر تعقيدا من توظيف 25 ألف شاب وشابة؛ فالموضوع مستمر وعلينا ألا يكون هدفنا توظيف الـ25 ألف شاب وشابة فقط؛ فالحياة مستمرة وأعداد الخريجين في نمو مستمر؛ ولابد أن تقابلها عقول وجهود وتضحيات عملية تتفاعل مع هذا الموضوع الحيوي والحساس؛ ولابد من التفكير في طرح حلول لم تطرح في السابق؛ فظروف اليوم وإحداثياته تختلف تمامًا عن الظروف السابقة.

حان الوقت للاستماع لكل الأطروحات والرؤى من خلال إنشاء "غرفة عمليات" تجمع ممثلي من كل الجهات والاستفادة القصوى من خلال المنصات الإلكترونية؛ وتنفيذ الأصلح منها؛ وتفادي القرارات الأحادية والارتجالية والقرارات المبنية على ردات الفعل؛ وقذف المسؤولية لجهة دون أخرى ووضعها في فوهة المدفع؛ وممارسة فن الاختفاء في الأوقات التي تتطلب تنفيذ المتطلبات أو تحمل المسؤولية؛ هذه المرحلة تتطلب إلغاء الأنانية والمصلحة الخاصة من قواميسنا؛ واستبدالها بمصطلحات تتسم بالتضحية وإنكار الذات والنظر للموضوع بمنظور شمولي وليس ذاتي؛ وتبني مفهوم التفكير الاستباقي والابتكاري من خلال طرح سيناريوهات ديناميكية مختلفة وكيفية التعامل معها؛ وتحمل جزء من المسؤولية ليكون الحمل خفيفا.

وأخيرا وللتذكير وأخذ العبر والاستفادة من أحداث التاريخ واستحضارها في الوقت المناسب؛ فكما كان هناك "غرفة عمليات" في أحداث الظروف الجوية الاستثنائية لـ"جونو" في صيف ٢٠٠٧م واستحداث لجنة وطنية تجمع الجميع من قطاع عام وخاص وأمني ومدني لتجاوز المحنة وتقليل الأضرار من خلال طرح سيناريوهات وتعاون الجميع في تنفيذها وبسرعة قياسية؛ فإنَّ موضوع التوظيف ليس بأقل تعقيدا وتشابكا وحساسية من أي حدث آخر؛ فبدون تكاتف الجهود وتقديم التضحيات من الجميع؛ سيبقى الحمل ثقيلا؛ ولن تتمكن جهة أو جهتان أو ثلاث جهات من تحمل المسؤولية لوحدها؛ ولكتابة خارطة طريق لكل جهة من الجهات المذكورة فذلك يحتاح إلى كتيب استرشادي ولا يكفيه مقال واحد أو مقالان؛ وإني على ثقة تامة بأن كل طرف أو جهة إن قامت بعملها بشكل إستراتيجي وتحملت مسؤوليتها على أكمل وجه؛ فلن نرى هناك معضلة تسمى بمعضلة التوظيف.