تحية للأبطال

 

عيسى الرواحي

مع مطلع كل عام ميلادي، وتحديدا في الخامس من يناير، تحتفل شرطة عمان السلطانية بيومها السنوي المجيد، الذي يأتي تخليدًا لذكرى افتتاح أكاديمية السلطان قابوس لعلوم الشرطة بولاية نزوى عام 1980م، تحت الرعاية السامية لحضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد -حفظه الله ورعاه- وفي نظري فإنَّ هذا اليوم فخرٌ واعتزازٌ واحتفالٌ لكل مواطن ومقيم يعيش على ثرى هذا الوطن العزيز، وينعم بأمنه وأمانه.

نقف اليوم إجلالًا وإكبارًا وتقديرًا للجهود الكبيرة والأعمال المضنية والمهام الجسيمة والتضحيات البطولية التي يقدمها كافة أفراد شرطة عمان السلطانية بمختلف وحداتهم، في خدمة الوطن والمواطن من أقصاه إلى أقصاه، لا يعرفون كللا ولا مللا، ولا يتوانون أو يتهاونون في تأدية واجباتهم المقدسة في سبيل راحة المواطن وتحقيق سبل الأمن والطمأنينة له، يضحون بأرواحهم الغالية، ويبذلون دماءهم الزكية في سبيل ذلك، يضحون بها رخيصة  فداءً  للوطن وأبنائه وتفانيا في خدمته.

يتفانون في مهام أعمالهم، يواصلون الليل بالنهار، يخاطرون بحياتهم لدفع ثمن أخطاء الآخرين. وفي كل مدلهمة وكارثة وعوارض طبيعية وحوادث مفاجئة يكونون في الصف الأول، لا يعرفون تراجعا ولا توانيا ولا ترددًا ولا خورا، وفي المهام الصعاب والشدائد والمحن يكونون أبطال الوغى بهمة وقّادة وعزيمة وثّابة وشجاعة باسلة.

 ومن دواعي الفخر والاعتزاز ما نشهده اليوم من وتيرة متسارعة وجهود حثيثة تسابق الزمن في تقديم الخدمات الجليلة الفنية والإدارية والإنسانية، بمهارة فائقة وجودة عالية وسرعة كبيرة، عبر منشآت حديثة متطورة منتشرة في كافة الولايات والمحافظات غير مقتصرة على محافظة دون أخرى، يقوم بها رجال مخلصون أوفياء وأبطال مغاوير بواسل قادرون على مواجهة الشدائد والخطوب. وأصبح المواطن اليوم يجد  في المعاملات والخدمات التي تُنفذ من قِبل شرطة عمان السلطانية راحة تامة وسرعة إنجاز من خلال تفعيل الحكومة الإلكترونية بمعايير تفوق غيرها من المؤسسات الحكومية، كما أنَّه يجد إغاثة سريعة من قِبل هذه المؤسسة العسكرية عند كل طارئ يواجهه.

لقد أثبتت شرطة عمان السلطانية في الأعوام الأخيرة بحُسن إدارتها وحكمة قادتها وفطنة العقول التي تديرها أنَّها قادرة على مواصلة المسير والعطاء دون توقف أو تلكؤ أو تراجع، رغم الأزمة الاقتصادية التي صارت تحديا كبيرا لقطاعات حيوية كثيرة، وهي ماضية قُدمًا في تحقيق الإنجازات المتوالية التي يفخر بها الجميع؛ ففي الوقت الذي تعجز فيه بعض المؤسسات الحكومية عن بناء منشأة خدمية ضرورية نجد تزايد منشآت شرطة عمان السلطانية بمواصفات عالمية وسرعة إنجاز تتوافق مع إتقان العمل. وفي الوقت الذي عجزت فيه المؤسسات المعنية بشؤون الباحثين عن العمل عن إيجاد الحلول الحقيقية لهم، نجد شرطة عمان السلطانية تحتضن من أبناء الوطن الأفواج تلو الأفواج؛ لينضموا إلى ركب حُماة الحق وحراس المبادئ؛ لتسهم بذلك في حل أكبر معضلة يواجهها قطاع الشباب اليوم. وفي الوقت الذي لا تزال فيه معاملات المواطنين في بعض المؤسسات حبيسة الأدراج شهورًا طويلة، فإن كثيرًا من معاملات المواطن المتعلقة بشرطة عمان تنجز في لمح البرق أو غمضة عين. وفي الوقت الذي تعاني فيه بعض المؤسسات من البطالة المقنعة، فإنّ شرطة عمان السلطانية تقدم من أبنائها يوما بعد آخر شهداء الوطن وهم يؤدون واجباتهم المقدسة النبيلة. وفي الوقت الذي تتزايد فيه أعداد المركبات وما تواجهه الطرق من تحديات ومخاطر، فإنَّ نسبة الحوادث المرورية في الأعوام الأخيرة تتجه نحو الانخفاض -ولله الحمد- فقد سعت شرطة عمان السلطانية جاهدة لإيجاد وسائل عديدة للحد من الحوادث المرورية، وما تخلفه من وفيات وإصابات.

تحتفل شرطة عمان السلطانية هذا العام بيومها السنوي المجيد، وقد ودَّعت مطلع هذا الأسبوع أحد أبنائها  شهيًدا بإذن الله تعالى -نحسبه كذلك ولا نزكي على الله أحدًا- في حادثة مؤسفة عمت الحزنَ سائر أنحاء الوطن ومن يعيش على ثراه، حادثة أحزنت القلوب وأدمعت العيون. حادثةٌ بلا شك سيستفيد منها قادة شرطة عمان السلطانية في التعامل مع مثل هذه الحوادث في قادم الأيام بما يحفظ الأرواح البريئة، ويعزز إجراءات الأمن والسلامة لهذا الوطن العزيز. وبقدر الحزن والأسى الذي خلفته هذه الحادثة المفجعة في قلوب أهل الفقيد، وأفراد شرطة عمان السلطانية، وكل مواطن ومقيم في هذا الوطن العزيز؛ فإنَّها في الوقت ذاته مبعث فخر واعتزاز لأسرة الفقيد والجهة المنتسب إليها؛ فلِلَّه درُّه، ولله در الأبطال الذين يبذلون أرواحهم  ودماءهم في تأدية واجباتهم، فِداءً للوطن وأهله، فذلك المشهد البطولي لا يستطيع القيام به إلا الأبطال مهما كانت النتيجة، فقد قدَّم دمه وروحه فداءً لبلده، وحماية لأرواح بريئة من تلك اليد الآثمة.

تحيةٌ للبطل الشهيد، وتحيةٌ لكل بطل شهيد، وتحيةٌ لحماة الحق وحراس المبادئ، للأبطال البواسل والمخلصين الأوفياء في شرطة عمان السلطانية، تحيةٌ لهم جميعا مفتشًا عامًّا وقادةً وضباطًا وأفرادًا دائمًا وأبدًا

issa808@moe.om.