وشم الجُـدران

أحمد الجحفلي – سلطنة عُمان


(1)
وشمْ الجــدرانْ وترنيـمةْ
تمتمـها وشفــاتهْ عطـشى
الشمـسْ تهـدهـدْ جـمرتها
في خـدّه.. لكـنْ مـا همـهْ
يعشقْ نادرْ هذي السُمْرهْ
وبيَـدّه يرسـم.. بالجـمـره
السبري كان.. بلون الـدّمْ
خـضّـه، ثــم رشّــه مـرّه
ثمّ مـرات..
ثـم، فـرّغ .. فـرّغ هـمّـه
في حرف الحرف
في جوف الجرف
ف.. س .. ا .. د
وتجلّى النزف.

(2)
جـدرانْ وتتكلمْ عـربي
حيـطانْ اسمنتيه عجـفا
وأيادي معروقه سمراء
وأصابع تقفز كالديدان.

(3)
ماهـرْ.. والغيـم يلـف الجـو
يرسم ياحلمه وجه الضـوء
يمحي ياعينيه رمـش الليل
يمحي والليل وجوه وجـوه
والشـارع أفـعــى تـتلـوى..
وهناك على الركن المزري
(ريمـا) ترسـم ويديـها تـتيه
كـوفـيـه (جيفـارا) عيـنـيـه
ورفــاق الشـمـس حواليـها
وظلال الجدران الخــرسـا
والسبري كانس والأصباغ
وسكــتش افــكار إنســانيةْ
أفكار بلــــون الحــــريــةْ

(4)
جــدران العـــالم تتكلمْ
وشعــوب بحريةْ تحلم
جدران ازدانت بالأوشام
شخـابيط رسام
تتنفس آلاف الكلمات
وجوه أحياءْ ووجــوه أموات
وصراخ ولا تسمع أصـوات
ثوره غرافيتي عربيه
"راجعين ياقدس:
منحوته في متر اسمنت
ورصيــف وصمــت.

(5)
(نوره) بْحْجابْها الاسلامي
وقفــت لتشــكل بورتـريه
لاجيّه تحمل طفلتها
والثلج يكمم شفّتها
ورمـوش ابنتـها وخصـلتها.
وتجرد (أروى) في لوحتها
شهيدةْ ثورهْ عربيهْ
سقطت في ميدان اللعنه
وناجي خطاط المانشيتات
واقف يشرب من قنينه
يطفي ظمأه.
وعلا في الحر.. وجهه يقطر
وبطرف التيشيرت الاحمر
يمسح عرقه
ويعود ليكمل ما بدأه

(6)
أما أمجد.. جسد "إيلان"
و"بابا لا تموت" والخذلان
يدوبه يمشي وخاض البحر
في جنح الفجر
إيلان... مسجّى..
شاطي ممتد وتحت الشمس
لفظه الموت
لا أثر ليغطينه حوله
ولا أثر لحوت.

(7)
تمرّ سياره أَمنيّةْ
ضابط بملابس مدنيةْ
وقّف جنب الحيط المعرض
عينه تتجول في الحيطان
يذهب .. لم يتكلم كلمةْ
وذهبو وقالو كل الكلمات
ذهبو للبحث عن الزملاء
عن جدران أخرى وحريه.

(8)
في حي الورد..
حلمي واقف في ظل الحيط
رسام غرافيتي ثائر
حوله مجموعةْ ثوريةْ
شباب بعمر الاحلام
إجتازوا الخوف الى الإقدام
سوسن شقراء يساريةْ
وجدار بصبغةْ رماديةْ
رسمت ثورةْ..
ثورةْ سكاكين وأمنيةْ
رسمت أطفال
إطفال القدس العربيةْ
الخوف يكبّل نظرتهمْ
وحمام الأقصى خلفيةْ
والمستقبل لاجيء عربي
وشم الجدران وحريةْ.

(9)
جدرانْ .. زقاقْ.. وأميّةْ
الحي فقير.. بلاعنوان
وجوه الناس.. بلا ألوان
وكل الأطفال المحرومين
الجوعانين العريانين
جاءوا كالنسمةْ المبتسمه
في يدهم أكياس قمامه
ياعيني برميل قمامه
كل يوم عليهم يتصدق
قطط موبوءه تتراكض
وكلاب الحي النباحه
وحمام الحي الحّوامه
مشهد .. لا تخطيه الدمعات
والرسامين على الجبهات
وشم الجدران وحريةْ.

(10)
وصار للحيطان ألوان
اخضر .. اصفر .. وكالرمان
لكنةالأسود لهْ سطوه
والأزرق كسماء اللحظه
كتبوا بالاورنجي ثوره
وأحاطوا الكلمه بالحمره
سامي متعب..
يخرج سيجاره من جيبه
دخن حبه .. ثم حبه
والضيق يعشش في صدره
سامي يسقط
ورفاق الدرب إلى جنبه
حملوه .. ولكنه يرفض
يأبى أن يسقط كالثورة
يارا تبكي.. يارا تحبه
يارا.. عربيه مسيحيه
حنطيه تتوشح قتره
وشباب الجدران العذراء
بحثوا عن جمله.. عن فكره
رسموها في عين العالم
وشموها في كف الدنيا
في المدن الكبرى وفي الحارات
على الجدران .. على الشرفات
وأقاموا معرضهم في الضوء
رسام الشارع ياعيني
تغريه الجدران الحره..

تعليق عبر الفيس بوك