عيسى بن علي الرواحي
يرى كثيرٌ من أولياء الأمور أنَّ اللجوء إلى الدروس الخصوصية في مادة اللغة الإنجليزية أمر لابد منه ويتمثل ذلك في عدم استطاعتهم الوقوف بجانب أبنائهم في هذه المادة، وأنَّ ما يتلقونه في المدرسة لا يكفي؛ ولأجل ذلك يكثر إلحاق الأبناء بالمعاهد والجامعات الخاصة لإعطائهم دورات في اللغة الإنجليزية، كما يكثر إعطاؤهم دروسًا خصوصية في هذه المادة، وقد تطرقت في مقال سابق إلى أهمية تقوية الأبناء في مادة اللغة الإنجليزية للتحديات التي يفرضها الواقع المعاصر، فهذا ولي أمر يُعقب بقوله " أنا أوفر لأبنائي المدرس الخصوصي في اللغة الإنجليزية؛ لأني لا أعرف تدريسهم، ولا أريدهم أن يكونوا مثلي".
فيما يثير أحد أولياء الأمور نقطة أخرى تتعلق بتوفير المدرس الخصوصي في مادة اللغة الإنجليزية، ولكن من زاوية أخرى قد تكون موجودة في الواقع التعليمي كحالات فردية لا ظاهرة منتشرة، إذا يعقب بقوله: " أتفق معك في عامة الموضوع، إلا أنه يجب ألا نتجاهل نقطة مهمة جدًا وهي مستوى المدرسين وخاصة ممن درسوا خارج السلطنة وهم شريحة لا بأس بها. وقد تكون سببا رئيسيا في انخفاض مستوى الطالب والاتجاه نحو الدروس الخصوصية وفِي هذه الحالة قد أسميها دروس تقوية.
الأسبوع الماضي كنت أراجع مادة اللغة الإنجليزية مع إحدى بناتي وهي في الصف الثاني، وانذهلت من أن ما يعطى الطالب من قبل المدرسة معظمه خطأ في خطأ والحسرة أنّه تم تصحيح الأنشطة الدفترية بأخطائها، وبالتالي قد لا ألوم أولياء الأمور على الدروس الخصوصية".
ومع احترامي لهذا الرد، فإنني أقول بأن هذا الضعف في أداء المعلمات أو المعلمين قد لا يصل إلى حد الظاهرة؛ ومع ذلك فإننا نؤكد أهمية النظر إلى هذه الحالات من قِبل الجهات المعنية بوزارة التربية والتعليم، وتكثيف الإشراف والبرامج التدريبية للمعلمين الجدد سواء من أبناء البلد أو المُعارين من خارج السلطنة، كما نؤكد على ضرورة وضع معايير كفاءة واضحة ومتينة فيما يخص استقدام المعلمين من خارج السلطنة بالطرق والوسائل المناسبة، كما أنَّه في حال وجود مثل هذه الحالات فإنه ينبغي توضيح الصورة لمن يعنيه الأمر.
وعودة على بدء فيما يخص اضطرار بعض أولياء الأمور إلى جلب المعلمين الخصوصيين لأبنائهم في مادة اللغة الإنجليزية، فإنَّ علينا أن نعلم جيدًا ـ ومن خلال عدة لقاءات مع أساتذة اللغة الإنجليزية ـ بأنَّ تمكن الطالب في هذه المادة ينطلق من رصيده اللغوي؛ فمتى ما استطاع الطالب أن يحفظ أكبر عدد ممكن من كلمات هذه اللغة تمكن فيها بشكل أكبر، أما القواعد الخاصة بها فهي ليست بحاجة إلى جهدٍ كبير في فهمها أو استيعابها، وهي تعتمد أيضًا على الرصيد اللغوي، وعليه فإن المعلم الخصوصي في مادة اللغة الإنجليزية لن يقدم سوى مفاتيح لفهم القواعد للطالب، وهذا يقوم به معلم المدرسة بكل تأكيد وبشكل أوسع، أما الجهد الأكبر فيعتمد على الطالب نفسه في تحقيق المطلوب منه في حفظ الكلمات وفهم القواعد.
وما يؤكد ذلك أن أبناءنا الطلاب يدرسون اللغة الإنجليزية اليوم منذ مراحل رياض الأطفال، وفي مختلف مراحل التعليم الأساسي فيما كان النظام السابق وهو ما قبل التعليم الأساسي تبدأ دراسة الطالب للغة الإنجليزية في الصف الرابع الابتدائي، ولكن رغم البداية المبكرة جدًا في ملازمة دراسة اللغة الإنجليزية منذ الصغر فإنَّ أغلب طلابنا يعانون من ضعف شديد في مهارات هذه المادة، وهذا ناتج من إهمال الطالب لهذه المادة وعدم تقبله لها، وعزوفه الشديد عن حفظ الكلمات وإتقانها قراءة وكتابة وإملاء، مما يؤكد أن تمكن الطالب في المادة يعتمد على الطالب نفسه، فإذا بقي الطالب على هذا الإهمال وعدم الرغبة في تعلم مهارات هذه المادة، ولم يبذل جهدا في الحفظ والقراءة، فلن يفيده المدرس الخصوصي في شيء.
نعم نحن بحاجة بلا شك إلى كفاءات حقيقية في تدريس هذه المادة في مدارسنا بحيث تملك هذه الكفاءات المهارة والأسلوب في تحبيب المادة أولاً إلى الطلاب، وبعد ذلك في كيفية إيصال فهم القواعد إلى أذهانهم، وإيجاد طرق محببة لهم لرفع رصيدهم اللغوي.
ومن الردود التي تبرر لبعض أولياء الأمور في اللجوء إلى المدرس الخصوصي هو عدم استطاعة معلم المدرسة في تغطية أفكار الاختبارات النهائية، بحيث يكون المدرس الخصوصي إذا دعت الحاجة إليه؛ لهدف معين ووقت مُحدد فقط؛ فهذا أحدهم يعقب قائلاً: "إذا كانت طبيعة مناهجنا وزمن الحصص الدراسية وكثرة الأفكار التي تكون في الاختبارات النهائية لا تساعد المعلم على تغطية أفكار الاختبارات.
فما الحل؟
بسبب كثرة الأفكار في الاختبارات النهائية أنا أشجع المعلم الخصوصي ولكن لهدف محدد لدى الطالب أولاً وهو تغطية أفكار الاختبارات النهائية".
وهذا الرد يتفق مع ما طرحته في مقال سابق بشأن النقاط التي لا مناص منها في اللجوء إلى المدرس الخصوصي، وذلك في وقت محدد فقط يتعلق بالاختبارات النهائية في حال لم يتمكن معلم المدرسة من تحقيق ذلك، ورغم أننا قد نتفق مع عامل الوقت؛ فإن هناك من المعلمين من يرون الوقت كافيًا في تغطية المنهج وتدريباته، وأفكار الاختبارات النهائية، ولا حاجة لنا للمدرس الخصوصي في جميع الأحوال، ولكن ذلك يعتمد على معلم المدرسة في المقام الأول، فقد عقب أحد المعلمين بقوله : "سأخبرك من واقع تجربة، ولا أدعي أنها نظرية صائبة. درست الصف الثاني عشر بحتة لأكثر من سبعة أعوام، والوقت كافٍ للأفكار، ولشرح المنهج، ولكن لابد من أن يتعب المعلم. من ضمن الأفكار: تخصيص دفتر خاص للمسائل ذات القدرات العليا ونسخها ولصقها في دفتر الطالب فيستغل الوقت بدل كتابة المسألة، وتعويد الطلاب على شرح المسائل لبعضهم البعض، وتخصيص يوم الخميس من كل أسبوع لحل امتحانات سابقة"
ويدعم هذا التعقيب، ويؤيده في أن الوقت كافٍ ولسنا بحاجة إلى اللجوء إلى المدرس الخصوصي لهذا السبب، ما عقب بهم أحدهم قائلاً : " التخطيط الجيد سيساهم في تنظيم الحصة واستغلال الوقت الاستغلال الأمثل."
ختاماً وبعد هذه الجولة التي قدمت فيها رؤية واسعة ووجهات نظر متعددة عن الدروس الخصوصية في ثمانية مقالات عبر هذه الصحيفة الغراء؛ فإنني أرجو الله أن أكون قد وفقت في هذا الطرح، سائلاً الله تعالى أن يرزق أبناءنا التفوق والنجاح، ويهديهم سبل الرشاد إنه سميع مجيب.