السلطان قابوس: مصلحة أمريكا إيجاد حل عادل للقضية الفلسطينية

ناصر أبو عون – صحفيون في بلاط صاحب الجلالة

 

حديث هام لجلالة السلطان قابوس المعظّم لجريدة البلاد السعودية:
    الوضع العربي يدعو للأسف والعرب مطالبون بوضع خلافاتهم جانبا.
    عدم الثقة من بعض البلدان العربية أوجد أوضاعًا غير سليمة.
    يُفترض أن توحدنا الأخطار ولكن الوعي لدى البعض لم يصل إلى الحد المطلوب لإدراك هذه الأهمية.
    مصلحة أمريكا إيجاد حل عادل للقضية الفلسطينية لوجود مصالح لها في العالم العربي ستكون أكثر ضمانا في حالة الحل.
    السلطنة مع عقد المؤتمر الدولي للسلام وهو فرصة ليقول العالم كلمته العادلة ولكن بشرط الإعداد الكامل لنجاحه.
    عقد القمة الإسلامية او التريث فيها متروك لتقييم الإخوة الكويتيين.

يوم الأحد كان اليوم الذي حُدِّدَ لي لأتشرف بإجراء حديث صحفي مع جلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظّم؛ سلطان عُمان، وفي قصر السيب كنتُ أنتظر هذا الشرف، وفي ذهني صورة عُمان الفتية التي انتقل بها جلالة السلطان قابوس وفي فترة قياسية من الظلام والتأخر إلى النور والتقدم تلك الصورة كانت ماثلة أمامي وأنا أستعد لأضع آلة التسجيل وأبدا الحديث مع هذا الزعيم الذي صنع لبلاده حضارةً وجعلها دولة تعيش التطور والازدهار.
جاء الموعد فدخلت برفقة معالي وزير الإعلام العُماني الأستاذ عبد العزيز الرواس إلى مكتب جلالته، وقد أذهلني تواضع هذا الزعيم وبساطته، وابتسامته التي كان جلالته يتلقى بها أسئلتي، مما أغراني بالاستزادة في الوقت، وقد كان جلالته يلمح فيّ تلك الرغبة فلم يمانع من إعطائي الفرصة التي شعرتُ بأنني وإن اغتنمتها فإنني لا بد وأن أسرع فأنا امام رجل دولة، وزعيم يفكر ويخطط ويعمل من أجل عُمان، ومن أجل عالمه العربي والإسلامي يكفي هذا الشرف بهذه الساعة التي قضيتها في مكتب جلالته.

المحرر: إن الحديث مع جلالة السلطان قابوس بن سعيد هو حديث الصراحة التي يتسم بها جلالته، وكم هو محظوظ ذلك الصحفي الذي يُترك له المجال للسؤال دون تقييد بموضوعات محددة، وهذا ما تمّ في لقائي بجلالة السلطان... لقد كان حديث جلالته شاملا للوضع العربي، وفيه وجهة نظر جريئة، تقدس الوضوح، و لا تتعامل مع الآمال إلا من منطلق الواقع.

قلتُ لجلالته: هل تسمحون لي جلالتكم بإدارة جهاز التسجيل لبدء الحديث؟.. فقال جلالته: تفضّلْ
فكان السؤال الأول:
المحرر: جلالة السلطان.. تثار تساؤلات عديدة بشأن الوضع العربي الراهن وبشان ما يدور فيه على الأصعدة المختلفة... فما هي وجهة نظركم بالنسبة للوضع العربي؟
جلالة السلطان: حقيقةً الوضع العربي للأسف ومن يتابع التطورات التي تجري على الساحة العربية يشعر بالأسى والأسف للأحداث الدائرة على هذه الساحة، وإن كنت أتمنى وأدعو الله – سبحانه وتعالى – أن تنقشع هذه السحب وأن يتبدل الوضع الى وئام وصفاء بين الأشقاء.

المحرر: لكن كيف يتم الوصول إلى ما تنشدونه جلالتكم من وئام وصفاء؟
جلالة السلطان: في اعتقادي وهذه كلمات تقليدية تُقال – أنّ العرب مطالبون بوضع خلافاتهم جانبا وأن يهتموا بما يفيدهم – وهذا لن يتأتى إلا إذا صارت هناك ثقة متبادلة، وأعتقد أن عدم الثقة الموجود بين بعض البلدان العربية هو الذي أوجد هذا الوضع غير السليم.

أزمة ثقة:
المحرر: يا صاحب الجلالة.. تحدثتم عن أزمة ثقة فإلى متى في اعتقادكم سوف تستمر هذه الأزمة بين بعض الدول العربية في حين أنّ الشعوب العربية واحدة؟
جلالة السلطان: صحيح أن الشعوب العربية واحدة وتطلعاتها مشتركة وطموحاتها تصب في مجال واحد يتمناه وبرغبة الجميع. كما أنه صحيح أيضا توجد أزمة ثقة في بعض البلدان العربية وأعتقد أن تحكيم العقل والنظر إلى المصالح التي ترتبط شعوبنا العربية بعين الحقيقة ثم ترك الحساسيات الشخصية عوامل في اعتقادي تصل بنا إلى الطريق السليم وتنهي أزمة الثقة الموجودة بين بعض البلدان العربية.

المحرر: ألا تعتقدون جلالتكم بأنّ المخاطر والتهديدات التي تحيط بالعالم العربي - وهي خطيرة وكثيرة – كفيلة بأن تجعل العالم العربي يتخلى عن وضعه الراهن وأن يعيد الثقة إلى ما كانت عليه؟
جلالة السلطان قابوس: ليس هناك من شك في أنّ الأخطار دائما توحد أي أمة سواء كانت أمة بلد بذاته أم أمة مثل الأمة العربية. والمفروض أن يحدث مثل هذا. لكن في اعتقادي أن الوعي أحيانا عند البعض لم يصل إلى الحد المطلوب لإدراك هذه الأهمية القصوى.

ترسبات الماضي:
المحرر: جلالة السلطان.. مقولة تتردد بأن عالمنا العربي منقسم إلى عدة محاور وإلى سياسات متعددة بل مفككة في بعض الأحيان، فما رأي جلالتكم في مثل هذه المقولة؟
جلالة السلطان: ما هو موجود في العالم العربي – كما أعتقد – ترسبات وتأثيرات من الماضي وهذه الترسبات وتلك التأثيرات التي توجد في مختلف مناطق العالم العربي تتعلق بالنواحي الثقافية، كما تتعلق بالنظرة إلى الأمور السياسية. وهذه الترسبات وتلك التأثيرات هي التي تجعل عالمنا العربي لا ينظر إلى الأمور بنظرة جماعية مشتركة.
المحرر: أقصد يا جلالة السلطان الاتجاهات السياسية في عالمنا العربي؟
جلالة السلطان: نعم.. وهذا يوضح ما سبق أن قلته فبإمكانك أن ترى الاتجاهات السياسية في العالم العربي وأن ترصد تطوراتها على أساس إما أنها مخلفات من الماضي أو إنها اتجاهات سياسية جديدة قد تكون بسبب ما، وأكثر الأسباب هذه لدوافع محلية أو اقتصادية أو عسكرية. بمعنى أن هناك عدة عوامل تفرض نفسها.

حساسيات شخصية:
المحرر: جلالتكم تحدثتم عن خلافات شخصية أو بالأحرى حساسيات شخصية انعكست على الوضع العربي بينما الشعوب العربية واحدة.. هل تعتقدون جلالتكم بأن الخلافات الشخصية هي التي أثرت على وضع عالمنا العربي؟
جلالة السلطان: لا شك في ذلك فعندما يكون هناك حكام في أي بلد ما من بلدان عالمنا العربي يشعرون بشعور ما ضد الحكام في بلد عربي آخر فإن هذا يوجد الحساسية الشخصية التي تؤثر على وضع العالم العربي، وبهذا هم يتجاوزون المصلحة الكبرى سواء لبلدانهم أو للأمة العربية ككل وينظرون إليها بنظرة ضيقة.

القضية الفلسطينية:
المحرر: القضية الكبرى يا جلالة السلطان، هي القضية الفلسطينية وهي الأخرى قد أصابها بعض آثار هذه الخلافات.. فما هو رأي جلالتكم في التوجهات العربية للقضية الفلسطينية؟ وما هو موقف السلطنة من هذه القضية؟ وكيف ترى السلطنة حل هذه القضية؟
جلالة السلطان: موقفنا.. نحن لم نتغير أصلا من القضية الفلسطينية، نحن نرى أن الشعب الفلسطيني يجب أن تُسترد حقوقه وفي مقدمتها حقه في تقرير مصيره على أرضه، ونحن مع كل بادرة تحقق هذا بالطرق السلمية ونرى أن الطريق السلمي لتحقيق هذه الحقوق هو الأفضل من الطريق غير السلمي الذي تنشأ عنه سلبيات في العالم الآخر في أوروبا أو في أمريكا أو دول العالم الشرقية أو الغربية، فهذا العالم لا ينظر إلى الكفاح العربي على أنه كفاح – هو صحيح كفاح – بل ينظرون إليه كأنه إرهاب في أكثر الأوقات.. فلو اتبعنا الطريقة التي تكون محببة بشكل أكبر للرأي السائد في العالم وأبعدنا أنفسنا عن الطريق غير السلمي.. ونحن العرب ننظر إليه على أنه كفاح والآخرون يصورونه إرهاب وهذا مرفوض عالميا فإننا نكون قد اتبعنا الطريق السلمي وأن يكون بشكل جماعي فإن من شان ذلك – بدون شك – أن يؤدي في النهاية إلى ما يُحمد عقباه ونتمناه للشعب الفلسطيني... ونحن بصراحة مع الدعوة القائلة بضرورة أن يعمل الشعبان الأردني والفلسطيني معا لإيجاد المخرج السليم لهذه الأزمة بمؤازرة من الحكومات والشعوب العربية التي هي مباشرةً موجودة على الساحة والتي تؤيد ذلك ويجب ألا نعطي الجانب الآخر أي ذريعة يتذرع بها. وبالتالي هو يكسب الوقت ويحتل أكثر وأكثر، والقضية في هذه الحالة تصبح (مائعة) والله وحده يعلم ماذا ستكون النهاية.

مؤتمر السلام:
المحرر: هل جلالتكم يؤيد الدعوة إلى عقد مؤتمر دولي لإقرار السلام في الشرق الأوسط؟
جلالة السلطان: نعم.. ليس هناك شك في أن المؤتمر الدولي هو الطريق السليم الذي يجعل العالم يقول كلمته. ونحن نتوقع أن تكون كلمة عدل وبالتالي يستطيع الشعب الفلسطيني وإخوانهم في العالم العربي ان يتلمسوا الطريق الصحيح. وهذا المؤتمر سيكون له مردود إيجابي بشرط أن يتم الإعداد له بشكل كامل وان تكون كل الأمور التي تؤدي إلى نجاحه مهيأة.

الوحدة الفلسطينية:
المحرر: لكن الإخوة الفلسطينيين – جلالة السلطان – منقسمون على أنفسهم حول هذا المؤتمر وحول نظرتهم الكاملة للسلام؟
جلالة السلطان: في اعتقادي أنه لا بد – إذا كانوا ينظرون إلى مصلحتهم بنظرة جدية – أن ينبذوا هذه الخلافات وأن يضعوا جهودهم جميعا في اتجاه مشترك وأن يتكاتفوا من أجل تحقيق مصلحتهم – وكلنا في العالم العربي نعرف بأن هناك عبئا كبيرا على الدول العربية التي هي مباشرةً في خضم القضية الفلسطينية – ويجب أن نساعدهم على تحقيق الألفة والتجمع وليس الفرقة.

من مصلحة الولايات المتحدة:
المحرر: هل تعتقد جلالتكم بأن لدى الولايات المتحدة الرغبة من الخروج بمشكلة الشرق الأوسط إلى برّ الأمان؟
جلالة السلطان: أنا في اعتقادي أن من مصلحة الولايات المتحدة وليس الرغبة أو عدم الرغبة فمن مصلحة الولايات المتحدة أن تبحث عن حل عادل لهذه القضية لأن للولايات المتحدة مصالح كثيرة في عالمنا العربي وإذا ما حُلَّت هذه الأزمة فربما ستكون مصالحها أكثر ضمانا مما إذا بقيت هذه القضية متجمدة، وبالتالي دائما هناك لوم عليها بأنها منحازة إلى الجانب الإسرائيلي، وأعتقد أن من مصلحة الولايات المتحدة أن تقوم بعمل جدّي من أجل القضية الفلسطينية. أما كيفية هذا العمل فأنا أعتقد وإني لا أشك بأن الولايات المتحدة تريد حلّ هذه القضية لأن مصلحتها في ذلك، لكن الطريقة التي اتبعتها قد لا تكون هي المثلى في الوقت الحاضر.

الطريقة المثلى:
المحرر: ما هي الطريقة المثلى التي يجب اتباعها يا صاحب الجلالة؟
جلالة السلطان: الطريقة المثلى في الحقيقة هي أن أي خطوة أو مبادرة تتخذها الولايات المتحدة لابد أن تكون مدروسة دراسة كافية مع أولئك الذين هم في خضم القضية، ولا يكفي أن تبني مبادرتها على أن هناك من يعرف كل خلفيات القضية وعنده تصورات لحلها من خلال جلسة في واشنطن يقترح فيها ما يراه... ونحن نعتقد أنّ على واشنطن أن تدرس دراسة عميقة وبالطريقة السليمة مع الأطراف التي يهمها الأمر ومع أصحاب القضية بالدرجة الأولى، وفي هذه الحالة فإن الخطوة ستأتي دون شك موفقة وتؤدي إلى النتائج المرجوة منها.


السياسة مصالح:
المحرر: هل تعتقدون جلالتكم بأن سياسة واشنطن تجاه الشرق الأوسط سياسة منحازة بعض الشيء أو كل الشيء؟
جلالة السلطان: أعتقد أنّ أي سياسة هي سياسة مبنية على المصالح. وأنا كما أسلفت أعتقد أنّ للولايات المتحدة مصالح كبيرة في المنطقة، لذلك أعتقد أنّه يجب ألا تكون منحازة في الحقيقة، صحيح أن لها مصالح استراتيجية وأمورا تربطها بإسرائيل لكن هناك أمورا كثيرة وكبيرة تربطها بالعالم العربي. ومن ثَمَّ يجب ألا تكون منحازة ويجب أن تكون سياستها متوازنة لأن ذلك في صالحها.

الإعداد المدروس:
المحرر: جلالة السلطان.. يُعقد قريبا مؤتمر القمة الإسلامية في الكويت.. فهل تعتقدون جلالتكم بأن الخلافات العربية انعكست على هذه القمة مما سوف يؤجل المؤتمر أو ينتابه بعض الخلافات؟
جلالة السلطان: إنّ لي رأيا شخصيا في أي مؤتمر كان، فانا أرى أنّ أي مؤتمر يُعقد يجب أن يُعد له إعدادا كاملا ومدروسا وأن يُنظر إليه بأنه إذا عُقِدَ يجب أن يحقق مردودا إيجابيا وأن تُجنى من ورائه ثمار طيبة وبعد ذلك يحدد له الوقت والمكان والزمان... وبحسب علمي الخاص فإن أي مؤتمر إسلامي سيأتي بمردود خير على العالم الإسلامي بأجمعه وليس هناك من شك في أنّ العالم العربي – وهو جزء من العالم الإسلامي سيحظى بذات المردود الخيِّر. لكن هناك بعض الظروف التي قد تطرأ على الساحة الإسلامية أو العربية تجعل من الضروري أن ينظر الإنسان إليها بعين الاعتبار وبنظرة جديّة يُقيّم فيها كل الأمور ويبحث أين تكمن المصلحة، وهل تكون المصلحة في الاستمرار في عقد المؤتمر أو أن المصلحة تكمن في التريث والانتظار.. يجب ألا تكون مظاهرة، بل يجب أن يكون المؤتمر – أي مؤتمر – مؤتمرا للعمل وأن يحقق مردودا ولو بنسبة متواضعة، أما أن يكون مظاهرة، فأنا أعتقد أنّ هذا ليس من الصواب.


القمة الإسلامية:
المحرر: جلالة السلطان.. يظل سؤالنا السابق قائما.. ماذا ترون جلالتكم بالنسبة للمؤتمر الإسلامي؟
جلالة السلطان: بالنسبة للمؤتمر الإسلامي فإنني لا أستطيع أن أتحدث باسم الإخوة في الكويت في كيفية تقييم الأمور. لكنني أعتقد أنه سيكون عندهم من الوعي والعقلانية ما يكفي لكي يقيّموا الأمر والوضع والظروف جميعها فإن رأوا أن هناك مصلحة في الاستمرار في عقد المؤتمر فإن ذلك بلا شك سيكون شيئا حسنا ومحلّ تقدير وإن رأوا أن يتريثوا في عقده فذلك أيضا يعد وجهة نظر صائبة لأنهم قدروا وقيَّموا الموضوع بالطريقة السليمة وخرجوا بالنتائج الواضحة في كلتا الحالتين. وما أتمناه من الله – سبحانه وتعالى – أن يزيل كل العقبات ومادام مؤتمر القمة الإسلامية قد أُعِدَّ له وحُدِّدَ تاريخ انعقاده فإنه – إن شاء الله – سوف يُعقد.

مع المملكة بشأن القمة:
المحرر: تحدثتم جلالتكم عن ضرورة الإعداد الجيد للمؤتمرات بما يكفل نجاحها – ولو بنسبة ضعيفة – وأعتقد أن جلالتكم تؤيدون وجهة نظر المملكة في أنه إذا ما عُقِدَ مؤتمر القمة العربية يجب أن نُهيئ له فرص النجاح؟
أجاب جلالته على الفور.. جدًا جدًا، ففي الحقيقة عندما دار الحديث عن موضوع القمة العربية كنتُ أُؤيد وجهة نظر المملكة كل التأييد، وكما أسلفتُ فإنّ أي مؤتمر لن يشعر الإنسان حياله أنه ليس هناك مردود منه وأنّ الظروف غير مهيأة لانعقاده فلا حاجة لأن ينعقد، بصراحة أنا بكل قوة مع اتجاه المملكة، ووجهة نظرها في القمة العربية.

وجهة نظر خاصة:
المحرر: جلالة السلطان.. هل تعتقدون أن لسلطنة عُمان سياسة عربية خاصة أو وجهة نظر عربية خاصة؟
جلالة السلطان: من المعروف أنّ لكل بلد وجهة نظر خاصة به وليس هناك شك في ذلك شريطة أن تكون وجهة النظر هذه لا تتعارض مع المصالح الكبرى للشعوب العربية، ومن هذا المنطلق فإنّ كل بلد له وجهة نظر خاصة وقاعدة خاصة في الطريقة التي ينتهجها إزاء القضايا والمتغيرات والظروف التي يعالجها.

طريقنا الصراحة:
المحرر: أقَصَدَ جلالة السلطان وجهة نظر السلطنة ضمن القاعدة العربية المتسقة؟
جلالة السلطان: إذا كان لي أن أقول بالحقيقة، فإنني أقول إن طريقتنا هي طريقة الصراحة ونحن هنا في جميع معاملاتنا نتوخى ألا نلف وندور وأن نكون صريحين ولو أنّ هذه الصراحة أحيانا تجلب لنا بعض المتاعب وأعتقد أن الإنسان يجب أن يكون مخلصا في قوله وفي عمله وأنا لا أقول هذا بمعنى أن بقية الدول العربية أو بقية الإخوة ليست لديهم الصراحة أو الإخلاص.. أبدا، ولكن المسألة أننا أحيانا تتعدّى الحدود الدبلوماسية التقليدية ونقول كلمتنا بدون أن نأخذ ونعطي فيها لأنه ربما من واقعنا ومن التجارب التي مرت بنا قد جعلتنا نتخذ هذا الاتجاه.

المسيرة الخليجية:
المحرر: جلالة السلطان.. كيف تنظرون إلى مسيرة التعاون الخليجي؟
جلالة السلطان: نحمد الله.. فمسيرة التعاون تسير بخطى ثابتة وأنا كأحد قادة هذه المسيرة في دول مجلس التعاون الست أشعر بالارتياح وأشعر أن ما تحقق يجب ترسيخه وأعتقد أنّ هذا هو الطريق الذي أصبح يسلكه مجلس التعاون في ترسيخ ادوات نجاح المسيرة وتعميقها والنظر إلى المستقبل بصورة ثابتة وثاقبة وعدم الاستعجال في الخطوات القادمة لأن أي استعجال أحيانا لا يكون مردوده طيبا ويجب عندما نخطو خطوة ألا نرجع إلى الوراء، بل يجب أن نخطو خطوة إلى الأمام وأنا أشعر بالرضا والارتياح لطابع التأني في اتخاذ القرارات فأي شيء يُتَخذُ قراره يجب أن يكون عن قناعة وأن يكون حسب القدرة والإمكانية والمفهوم.، وهذا ما حدث وهو مفهوم واضح في مسيرة مجلس التعاون ويبشر بالخير.


لا بصيص نور:
المحرر: جلالة السلطان.. الحرب العراقية – الإيرانية ما زالت مشتعلة، فكيف يمكن إيقافها والخروج منها؟
جلالة السلطان: نعم للأسف، فمازالت الحرب قائمة وتحتاج إلى ما يشبه المعجزة لكي تقف هذه الحرب لأن هذا النوع من الحرب وصل إلى طريق لا يرى فيه الإنسان بصيص أمل لكي يخرج منه، فكل المبادرات وكل ما بُذِلَ من جهود يبدو أنها لم تثمر حتى الآن. ولكن يظل هناك امل كبير في الله – سبحانه وتعالى – الذي يغيّر ولا يتغيّر، فمن يعلم فقد تنتهي هذه الحرب ويعم السلام في المنطقة وهذا ما نتمناه ومن يعلم فقد يأتي صباح أي يوم نفتح فيه الإذاعات ونسمع أن الجانبين العراقي والإيراني قد جلسوا على مائدة المفاوضات وحلّوا مشاكلهم بالطرق السلمية وهذا ما نتمناه وليس ذلك على الله ببعيد.

علاقات شعور:
المحرر: جلالة السلطان.. كيف تقيّمون العلاقات العُمانية السعودية؟
جلالة السلطان: ماذا عساي أن أقول عنها: علاقتنا علاقات أخوية ممتازة وعلاقات الأسرة الواحدة لسنا بغرباء عن بعض لكي نقيّم علاقاتنا لأننا شيء واحد في الحقيقة وفي هذه البقعة من الأرض العربية. والحمد لله لا توجد في علاقاتنا أية شوائب ولا أرى أنّ الإنسان إذا ما أراد أن يعبِّر عن هذه العلاقات يمكن أن يعبِّر عنها بالكلمات لأن هذه الكلمات لا تكفي بما في الشعور ولا تستطيع أن تُعبِّر عنها فعلاقاتنا علاقات شعور وأتمنى بإذن الله أن تظل علاقاتنا باستمرار علاقات ممتازة.

..................................
المصدر: ناصر أبو عون – صحفيون في بلاط صاحب الجلالة، محاورات السلطان قابوس مع وسائل الإعلام العربية والأجنبيّة، ص: 317، 318، 319، 320، 321، 322، 323، 324، 325، 326، دار كنوز المعرفة للنشر والتوزيع، الأردن 2014م.، وانظر أيضا: جريدة عُمان – الصفحة الأولى والثالثة – السنة السادسة – العدد 2060 المجلد الخامس والعشرونالأربعاء 07\01\1987 – 7 من جمادى الأولى 1407م.

تعليق عبر الفيس بوك