عندما تكتئب

 

 مدرين المكتومية

الاكتئاب حالة تُلازم الشخص حين يشعر أنَّه غير قادر على استيعاب ماهو عليه، أو عند مروره بأزمة شديدة تجعله يرفض فكرة الجانب المُشرق من الحياة، فيظل ينظر لكل شيء حوله بسوداوية، ولربما يصل به الأمر للإصابة بمرض لايستطيع الخلاص منه، والاكتئاب يجعلنا ننسى مباهج الحياة من حولنا ونعيش بين أربعة جدران لا يدخلها ضوء الأمل، ونغلق على أنفسنا أبوابا تفصلنا عن أهداف الحياة ويصبح كل شيء بالنسبة لنا ليلا أسود لا ينجلي ظلامه.

لا يُمكن لأي منِّا أن ينكر تلك الحالة التي تمر عليه بين الحين والآخر، فهناك الكثير من الناس يصابون باكتئاب لحظي، وهناك من يلازمهم لساعات طويلة، وغيرهم من يصاب به ليوم كامل ولا ينتهي من كابوسه إلا بعد الاستيقاظ لليوم الآخر، وهناك من ذهبت حياته كاملة بسبب معاناته الدائمة مع الاكتئاب وهذه تحديداً تعتبر من الحالات المعقدة التي يحتاج الشخص فيها لتناول المسكنات والعلاجات المختلفة.

الحالات التي تأتي للأشخاص بين حين وآخر ماهي إلا طبيعة بشرية، فنحن نعيش تقلبات في كثير من أمور الحياة وربما أيضا يشكل الروتين جزءًا منها لذلك حين نشعر بمزاج سيئ أو عدم قدرة على الحديث مع أحدهم ربما من الأفضل أن نقوم بعمل شيء نشعر أن فيه الخلاص، الشيء الذي يجعلنا ننتقل من مرحلة الانكسار والاكتئاب إلى مرحلة اليقين بأهمية وجودنا وأهمية ما نحن فيه وما نمتلكه من قدرات داخلية يمكنها أن تغير الحال للأفضل.

ولكل شخص طريقته في إيجاد الحلول المناسبة لتجنب شعوره بالاكتئاب، فمنهم من يجد نفسه في السفر وآخر يجد الحل في تغيير شكله ومظهره، وبعض النساء قد يكون خروجهن من الحالة بوضع مساحيق التجميل أو التسوق، وهناك من يميل للقراءة ودخول دور السينما، وكل ذلك يأتي بغرض كسر الروتين وطرد الإحساس السيئ الذي قد يلازم الشخص ويشعره بأنه غير مرغوب أو أن هناك من يكيد له، وربما أنه لا لزوم لوجوده على قيد الحياة، فحياته من الأساس بلا معنى، الكثير من الأفكار المخيفة التي تسكنه بسبب شعوره بتلك الحالة التي لا يعرف لماذا تراوده..؟

والاكتئاب في كثير من الأحيان يتسبب بالكثير من الألم بالنسبة للمصاب به، ولا يقتصر الاكتئاب على شخص يُعاني من نقص ما، فربما هناك من يمتلك أموالا لا حصر لها إلا أنه لم يعش حالة من الرغبة والاحتياج لشيء وبالتالي يُعاني من حالات الاكتئاب بسبب امتلاكه ما لا يجعله يعيش المغامرة ويبحث عن الجديد، فهو بكل ما يملكه من مال يمكنه من أن يمتلك كل شيء بنقوده، لذلك حتى المشاهير الذين يمتلكون حب الناس والمعجبين يمرون أيضا بحالات من الاكتئاب الذي يجعلهم عرضة للانتحار أحياناً، ومن مشاهير الفن الذين راحوا ضحية هذه الحالة المغنية داليدا التي تركت رسالة بخط يدها قالت فيها "سامحوني فالحياة أصبحت مستحيلة"، وكذلك الحال مع الفنان كيرت كوبيان المغني والموسيقي الذي اشتهر في فترة الثمانينات من القرن الماضي، انتحر بواسطة إطلاق النار على رأسه، وتوفي في عمر الـ27 عاماً وكان في ذروة التوهج الفني إلا أنه فقد السيطرة على نفسه بسبب إصابته بالاكتئاب.

ولكي نجتاز هذه الحالة التي قد تأتي إلينا بين الحين والآخر علينا أن نبذل قصارى جهدنا للهرب منها سريعًا بأي طريقة كانت، سواء كان ذلك بتغير الجو أو تغيير المكان وربما ترك من نجالسهم حتى نشعر بأننا أحسن حال.

 

madreen@alroya.info

 

 

الأكثر قراءة