الاقتصاد العالمي وسيناريوهات المستقبل

علي الرئيسي

يبدو أنَّ صندوق النقد الدولي قد تخلى عن تحفظاته السابقة حول حالة الاقتصاد العالمي. ففي تقريره"آفاق الاقتصاد العالمي" الصادر في أكتوبر من هذا العام، قد بشَّر بازدياد قوة الانتعاش في الاقتصاد العالمي منذ بدايته في منتصف 2016، فهناك تفاؤل بتسارع النمو في أوروبا واليابان والصين والولايات المتحدة، هذا مع تحسن في الأوضاع المالية لهذه البلدان. ورغم هذه النظرة المتفائلة إلا أنَّ التقرير يحذر من المخاطر المحتملة حيث إن هذا التعافي، قد يكون غير قابل للاستمرار، فليست كل الأقطار مشاركة فيه، والتضخم لايزال في الغالب أدنى من المستوى المستهدف مع ضعف نمو الأجور، كما إنَّ النمو في الآجال المتوسطة مخيبة للآمال في معظم البلدان. ورغم ذلك فإنَّ التقرير توقع نمو الاقتصاد العالمي بنسبة 3.6 بالمائة في عام 2017 وبنسبة نمو 3.7 بالمائة في عام 2018.

ما احتمالات استمرار هذا الانتعاش وماهي السيناريوهات المحتملة؟ نوريل روباني في بروجك سندكت يتساءل حول استمرارية النمو في الاقتصاد العالمي والذي انعكس بصورة أساسية على أسعار الأسهم في البلدان المتقدمة، كما يتساءل إذا كان هذا الانتعاش سيشهد انتكاسة أخرى كما حصل في صيف 2015 وبداية 2016، عندما توقع المستثمرون انتكاس الاقتصاد الصيني والتخوف من قيام الفدرالي الأمريكي بتغيير سياسته بالنسبة للتسهيل الكمي وتغيير سياسة سعر الفائدة. روباني يطرح ثلاثة سيناريوهات محتملة للاقتصاد العالمي خلال الثلاث سنوات القادمة. السيناريو الأول أن البلدان الاقتصادية الأكبر الصين، منطقة اليورو، اليابان والولايات المتحدة ستقوم بتطبيق إصلاحات هيكلية وبالتالي هذه الإصلاحات ستعزز من النمو وستقوم هذه البلدان أيضا بمعالجة الاختلالات المالية مما سيؤدي حتمًا إلى نمو معقول للناتج المحلي وإلى زيادة معقولة للتضخم وإلى استقرار في أسواق المال، والى ارتفاع في سوق الأسهم الأمريكية والعالمية مرجعاً ذلك إلى متانة الأساسيات الاقتصادية. السيناريو الثاني هو أن عكس ذلك سيحدث، الاقتصادات الكبرى تفشل في اتخاذ الإصلاحات الضرورية .وعوضا عن استغلال الصين لمؤتمر الحزب الشيوعي لإجراء الإصلاحات الضرورية تتلكأ القيادة الصينية وتستمر في طريق الانكشاف المالي وعدم التصدي لديون الشركات الحكومية.

أما بالنسبة لمنطقة اليورو فتفشل في اتخاذ الخطوات الضرورية للتكامل الاقتصادي بينما العوائق السياسية تمنع من قيام المسؤولين من القيام بإصلاحات هيكلية محفزة على النمو. في اليابان سيبقى الاقتصاد في حالة نمو ضعيف حيث إن برنامج الإصلاح لرئيس الوزراء آبي لن يتمكن من تحقيق أي تقدم.

أما بالنسبة للولايات المتحدة، فإن إدارة ترامب ستواصل سياستها بالنسبة لتخفيض الضرائب والتي ستكون لصالح الأغنياء، وسياسات الحماية في مجال التجارة والقيود على الهجرة والتي ستؤدي إلى تباطؤ النمو. وستؤدي سياسة الحوافز المالية مع خفض الضرائب إلى زيادة العجز وتزايد الدين العام مما سينتج عنه ارتفاع أسعار الفائدة وتقوية سعر الدولار، مما سيؤدي إلى تباطؤ النمو، أما الأمر الأكثر سوءا وتعقيدا فاحتمال أن يشن الرئيس ترامب حرباً على كوريا الشمالية ومن ثم إيران..

السيناريو الأخير، يسهم في استمرار التعافي في النمو وسوق الأسهم بينما ستقوم الاقتصادات الكبرى ببعض الإصلاحات لتحسين فرص النمو ولكن لن تكون كافية لاستمرار النمو لفترة طويلة وتبقى هذه الاقتصادات معرضة للمخاطر الاقتصادية والمالية ومخاطر الصدمات الجيوبولتيك مع استمرار الفوارق في الدخول وعدم ارتفاع الأجور الحقيقية للغالبية العظمى من العمال.

بالنسبة لدول الشرق الأوسط وشمال أفريقيا فإن تقرير آفاق الاقتصاد العالمي يتوقع أن تنمو هذه الدول 2.2 بالمائة في 2017 و3.2 في عام 2018 ويعزى هذا التباطؤ في النمو بالأساس إلى تباطؤ اقتصادات الدول المصدرة للنفط نتيجة لانخفاض أسعار السلع الأولية وبالذات النفط . أما بالنسبة لسلطنة عمان فإن التقرير يتوقع أن الاقتصاد العُماني سيتعافى في عام 2018 حيث من المتوقع أن ينمو الناتج المحلي الحقيقي بنسبة 3.7 بالمائة خلال عام 2018 كما أنه من المتوقع أن يبلغ التضخم في 2017 1.1 بالمائة وأن يرتفع 3.2 بالمائة في 2018، وسيسجل العجز في الميزان الجاري لميزان المدفوعات 14.8 في عام 2017 و 13.2 من الناتج المحلي الإجمالي في عام 2018.