مجدي عبد الرحيم من المستشفى

فجر الأربعاء 26 يوليو صعد الشاعر والكاتب الساخر مجدي عبد الرحيم، إلى السماء، مجللا بالرحمات؛ كان عزيزا في مرضه ولم يقف على أبواب المناصب راجيا العلاج على نفقة الدولة، كبرياؤه ونفسه الأبيّة وقفت حائلا أمام كل رغبة تدفعه للاستجداء، إنه (عزيزُ قومِ الشعر والكتابة) الحرَّة المتعالية على كل الصغائر التي لم تزل ولن تُذَل يوما ما.. كانت وصيته في مرضه لجميع الأصدقاء عدم التحدثُ أو الكتابة عن مرضه أو مناشدة الجهات المُختصة للتكفل بعلاجه.
كان آخر إصداراته "ريحة الموت"، وكأنه يكتب نعيه بقلمه، وسبقه بمجموعة من الكُتب الساخرة أهمها: "بيض بالبسطرمة"، و"حنفية وبتنقط مية"، و"هات لي: لاب توب يا جوزي"، فضلًا عن مجموعة كُتب الأطفال. وهنا ننشر آخر ما كتب من قصائد أرسلتها لي ابنته الكبرى وهي الآن تدير صفحته الشخصية.. رحم الله مجدي عبد الرحيم وأسكنه فسيح جناته ولأهله الصبر والسلوان.

(1) تلات صور لمشهد واحد


عارف إن المشهد ده
كان صعب عليك جداً
لحظة ما عرفت إن أبوك
مش راح يرجع تانى
كنت صغير
خفت تخش عليه الاوضه
مع إنك بتحبه قد الدنيا
وأكتر م البحر كمان
......................
دلوقتى ..
بتعيد ترتيب أوراقك
وتحاول تصلح من أخطاءك
علشان قربت تسافر - زيَّه - بعيد
وتصور نفس المشهد
وبناتك راح تبكى عليك
ويمكن ترفض تدخل نفس الاوضه ..
م الخوف
مين راح يمشى معاك ..
فى جنازتك
غير البنت ال مش عارفه
إن الموت الطالع من جواك
إشاراته كتيرة
والعسكري مش راضى ..
يفتح سكة لقلبك
تعرف لحظة مالبنت
مسكت ايدك بشويش
هيه دى اللحظة ..
اللى عدت فيها جنازة روحك
وأنت بتتشهد على نفسك
وبصوت مش مسموع
الشىء المؤلم فعلاً
إنك سايب للورثه شوية كراكيب..
على كام جرنان
وقصايد خايبة قديمة
زعلان ليه؟
علشان ولا واحد من أصحابك
كان موجود فى جنازتك
راح ييجوا طبعاً
مع فناجين الحزن الباردة
وآيات الذكر ..
اللى بتتفرق على روحك
والشيخ اللى مش ناوي يخلص بدري
الليلة دي ..
حتلاقى التكريم اللايق بيك
وحتعرف إنك ساكن فى قلوبهم
وإنك - يامسكين - ..
كنت معاهم إمبارح
سهران للصبح
عمَّال تضحك من قلبك
دى حلاوة روح
زى ما قالوا لأهلك
مع إنه آخر مرة سألوا عليك بجد
كانت من ست سنين
اصبر واستحمل
دلوقتي النور راح يطفى
والكل حيرجع على بيته
ويدوّر على قلبه التايه منه
ويعيد ترتيب أوراقه
علشان ح يصوَّر ..
... نفس المشهد.

(2)
تحاليل ومحاليل وجلوكوز

كلمني صديق :
ـ "ماشاء الله ..
صوتك حلو النهاردة".
ـ حسب ظروف صدرى
شايل محطة  "بلغم"
مالهاش نهاية
من غير المناديل الورقية...
هاضيع
يتغير كيس السلة
6   مرات فى اليوم
السلة صديقتى
معايا ليل نهار
مش بتروّح ..
آخر اليوم ..
زي باقي الناس
.......
أبص من شباك ..
الأوضة
شايف السحاب ..
مش أبيض
يمكن عيان زيي
لو أقدر أجيبه ..
هديله محلولى
وعلاجى
......
إحساس غريب،
مربوط فى السرير
من غير تهمة
إتعودت على الأوضة
جهاز جلسة البخار
حامل المحاليل
الحمام
كلمني السرير
عن عم محمود ..
مريض السكر المتأخر
كان بتجيله غيبوبة طويلة
قطعوا رجله
دق قلبى ..
بلعت ريقى
وِسْكِتْ
قال سريري
أكلمك عن عم أنور
محتاج قلب جديد
جريت أنام   
طفيت النور
ضحك سرير المستشفى
تطفي النور
تولع النور
أنا معاك
وحكاياتي
مالهاش نهاية

تعليق عبر الفيس بوك