أحمد محمد العساف - سوريا
(1)
قَـــالَتْ هَلُــمَّ إِلَيَّ إِنْ كُنْتَ ذَا شَجَنٍ
وَ اجْعَــلْ لِقَـــائِي فِيْكَ أَوَّلَ الغَسَـقِ
وَدِّعْ هُمُوْمَكَ صَــاحِ أَقْبِلْ بِــلَا حَزَنٍ
فَقَدْ أَحَـــالَكَ الشَّـوْقُ نَثْـرَاً بِلَا نَسَقِ
أَنَا البَحْرُ فِيْ أحشائه الدُّرُّ ذَا ثَمَنٍ
هَلُـــمَّ إِنْ كُنْتَ لَاتَخْشَى مِنَ الغَــرَقِ
(2)
بَيْضَـــــاءُ فِي قَـــــدّْهَا الْحُسْـــــنُ مُكْتَمِــــلٌ
تَرْنُـــو بِشِعْـــــــرٍ وَ مَجْمَعُ الشِّعْــــرِ عَيْنَاهَــا
كَـــــأَنَّهَـــــا وَ الَّلـــيْــــلُ ســَــــارٍ بِـحُـلْـكَـتِـهِ
بَـــدْرٌ أَنَـارَ الكَـــوْنَ نُــــوْرٌ مِـــــنْ مُـحَيَّاهَـــا
وَ الشَّعْـــرُ صَـــــــــافٍ فِــــــيْ نَسَـــــائِمِـــهِ
يَلْهُــــــو مَــــعَ الزَّهْــــرِ حَــظْــيَاً بِلُقْـــيَاهَـــــا
وَ العَــيْــنُ لَوْ رَأَيْتَهَــــا السِّــحْــرُ فِي كَـمَائِنِهِ
كَالسَّــهْمِ صَـــــيْـــــدَاً يَـــجْــــرِي بِبَيْــدَاهَـــا
فَلَيْتَ الوَصْــــلَ يَدْنُـــــــو وَ لَــــــوْ لَـــحْـــظَــةً
ظَــمْــــــآنٌ أَنَـــا وَ فِي ثَنَايَـا الــثَّغْــرِ رَيَّـاهَــا
وَ اللهِ مَــــــا رَأَتْ عَيْنِي كَمِثْـــلِ جَـمَــالِـــهَــــا
لَا وَ لَا مِـــــــنْ جَنُـــــوبِ نَجْــــــدٍ لِسِــينَاهَـــا
(3)
فيحاءُ هيفاُء كالبدرِ صافيةٌ
ما لقلبي من سحر عينيها مفر
حوريةٌ في خدها الشعر لو ظهرَتْ
لا تبق من نثري حرفاً ولا تذر
(4)
شَقْــرَاءُ مَـــالَهَا فِي رُبُوعِ الكَــوْنِ نِدٌ
وَ ضَـــوْءُ الصُّبْحِ بَعْضٌ مِنْ مُحَيَّاهَـا
فِمٍنْ خَــدَّيْهَا تُنِيرُ الشَّمْسُ صُـبْــحَاً
وَ يَسْتَحِي البَــدْرُ إِنْ بَانَتْ ثَنَـايَـاهَا
وَ لِلْعُـيُــونِ بَــرِيقُ سِـــحْـــرٍ كَــأَنَّــهُ
مِنْ حُسْنِهِ غَــــــدَا نَـجْـمَــاً بِرُؤْيَاهَـا
وَ مَـــا الشِّفَاهُ سِــوَى دَانَةٌ تَشْــدُو
وَ ثَغْــــرِي يَئِنُّ شَــــوْقَاً لِسُـقْيِاهَــا
كَــأَنَّهَا يَا صَـــاحِ وَ الرَّبِيْعُ تَـوَائِـمٌ
زَهْرَاءُ ... وَ الزَّهْـرُ يَحْلُـو بِلُقْــيَاهَـا
(5)
سَمْـرَاءُ دَعْجاءُ فِي خَصْـرِهَا نَحَلٌ
كَأَنَّهَا مِنْ فَـرْطِ حُسْنِهَا حَـوْرَاءُ
وَ الشَّـعْــرُ مِنْهَــا اللَّيْلُ فِي حَــلَكٍ
تُحَــاكِيْ النَّسِيمَ كَـــأَنَّهَا الغَــيْدَاءُ
رَمَتْنِي بِسَهْمِ الحُـبِّ حَتَّى كَأَنَّنِي
صَريعٌ أَصـَابَهُ طَعـْنـَةٌ نَجــْـلَاءُ
أَبِيـتُ لـَـيـْـلِيَ بِالآمـَــالِ أَنْثـُـرُهـَـا
دَوَائِي بِثَغْرِهَا كَمَا كَانَتْ لِيَ الدَّاءُ
وَ رُوحِي فِي مَآَقِي السُّهْدِ تَسْرِي
تَرْجُــو وِصَاَلَاً بِهِ تَحْيَا أَيَا هَيْفَاءُ
فَجُودِي عَلَى نَفْسِي بِاللِّقَا وَ تَكَرَّمِي
فَمَا عُدْتُ أَرَى بِدُنْيَايَ إِلَّاكِ سَمْـرَاءُ
(6)
سَأَلْتُهَا الوَصْلَ يَوْمَـــاً فَتَهَلَّلَتْ وَ اسْتَبْشَرَتْ
وَ قـَـالَتْ مِنْ مُهْجَتِيْ يــَـا مُهْجَتِي وَ عَيْنَايْ
فَجَاءَتْنِيْ كَالْبَــدْرِ بِنُورِهِ بَازِغَـــــاً وَاسْتَهَلَّتْ
وَزَادَ مِنْ وَهْـجِ طَلْعَتِهَا أَنْ أَنــَـارَتْ مُحَيَّايْ
فَأَلـْـوَتْ عَلَى كَتِفِيْ وَ مِنْهَا الخِصَــالُ تَدَلَّتْ
حَـــرِيرٌ كَــأَنَّ الشَّعْرَ لَيْلٌ إِنْ أَحْلَكَتْ دُنْيَايْ
دَاعَبْتُ خِصَـالَهَا بِكَفِّي وَ الخُـــدُودُ تَوَرَّدَتْ
وَ هَمَسَتْ بِثَغْـرِهَا أَقْبِلْ وَ لَا تَخْشَ نَهْـدَايْ
قَبَّلْتُهَا ثـُمَّ قَبَّلْتُهَا ثـُمَّ قَبَّلْتُهَا وَ مَـــا اكْتَفَتْ
وَ مـَـا تَرَكــَتْ قِطَـــافَ خَــمْــرِهَا شَفَتَايْ
فقلت لَـهَــا أَنَا إِنْ غـَــدَوْتُ فِيكِ صَـــرِيعَاً
فــَـلَا لـَـوْمَ إِذَاً عَلَى مـَـــا اقْتَرْفَتْ يَـدَاي
(7)
يَا زَهْرَةَ الْأُقْحُوَانِ إِنِّيْ قَدْ رُمِيْتُ سَهْمَــاً أَصَــــابَ بَيْدَائِي
لَهَا بِطَرْفِ العَيْنِ لَحْظٌ هَـز نِيْ فَأُزْلِفْتُ ثَمَّ مِـنْ عَـلْيَائِي
سُبِيْتُ غَــدَاةَ يَوْمٍ كَـــأَنَّه لـَـهَــا عِيــدٌ عَلَى فَــرْطِ بَلْـوَائِي
أَلَا رَحْمَـةً بِالْقَلْـبِ الَّــذِي ذَاقَ الهَـــوَى جَمْــرَاً بِأَحْشَـائِي
يَا مُـؤْلِمَاً بِالْوَجْـــدِ رُوْحِي هَلَّا تَجُـودِي بِعِتْــقٍ فِيهِ إِحْيَائِي
لَكِ قَدْ زَرَعْتُ الصَّدْرَ زَهْرَا وَرُوْحِي أَجُـودُ بِهَا إِنْ تَشَائِي
