ماذا عَلَّمَنِي حُبُّك في زمَنِ الآهاتِ...؟!

سهى عبود طرطوس - سوريا


الشمس بدأت تخفت، أخذت مكاني في، سيارة التاكسي الصفراء وغادرت المحطة. دسست نفسي في صياغة حرائقي وأمزجتي... أنزف بلا جدوى... رغم أنني في إجازة مفتوحة من الهَمِّ والنكد والتفكير... ثمة اختناق غامض يجثم فوق صدري. أسأل السائق أن يفتش لنا عن أغنية. يده تتسلل إلى المذياع... يغير الموجة... صوت كاظم الساهر ينطلق في أرجاء السيارة يصدح بأغنية "علمني حبك سيدتي..."
الكلمات عذبة حنون. تهز أعصابي. تحملني على أجنحة الحنين... دوما كنت في حالة عشق، مستعدة لأن أتعذب وأتأوه وأتنهد دون أن يدري حبيبي و أسمري شيئا...
لماذا صار لأغاني الأمس طعم الرماد في حلقي؟ أ لأنها تجرفني إلى شطآن اللاوعي حيت الأوجاع لا تحصى؟...
آه...
لو أستطيع أن أطير إلى ليل الحنان... أعانق حبي الصادق الوحيد... أجلو الصدأ عن إحساسي بالحب الذي طال هجري إيّاه... الموسيقى ملأى بالوجد... القلب غريق... يحرقني... كُتبي... جوعي للحب... للسلم... للرومانسية؟
لأول مرة تفجعني عواطفي الرومانسية الحارّة التي رافقتني طوال عمري، وتلك الآه التي كنت أتلذذ بصحبتها حين أسمع أغنية كالتي يشدو بها كاظم الساهر... أصبحت أنعتها بالحمق. أشعر أن كلماتها تخذلني، تعجز عن تحسس نفسيتي كجزء من جيل تبدل، عبثا يحاولون ترويضه على الذَّل العربيّ. ومن أمة عبثا يحاول أعداؤها أن يسرقوا الحلم منها ليشحموا به دباباتهم وطائراتهم...
لا... مليون لا... لم أعد كذلك... ففي زمن السقوط والدمار والوجع القوميّ يصبح الإنسان لا رومانسيا رغما عنه، يصير رقما في معادلات تاريخية وحسابات إقليمية وأعدادا مكسورة وطنية... تفرض نفسها على وجوده...
ألسنا بحاجة إلى من ينشد لنا صوت هزيمتنا في خريفنا العربي هذا، الملتهب بالمذابح والاضطرابات؟... و مزيدا من الانبطاح..
آسفة يا نزار..
آسفة يا كاظم..
لقد، علمني حبك..
أن "...." بجنسيتي العربية..!!

تعليق عبر الفيس بوك