حمود الطوقي
أضع عنوان مقالي بين قوسين حول ما يثار بين الفينة والأخرى عن استحقاق المواطن العماني للوظيفة سواء كانت في القطاع العام أو الخاص، هذه الوظيفة التي هي بمثابة حلم يراود كل شاب طموح لخدمة بلده يُقابلها تحديات بين من ينتقيها ومن يرفضها ومن يفضل الانتظار، الوظيفة التي بصدد الحديث عنها تعد أكثر الملفات نقاشا وجدالا وسيظل هذا الباب مفتوح مادامت عجلة التنمية تدور ومخرجات التعليم تزيد والعرض والطلب محدود .
وبالأمس أثير نقاش في شبكات التواصل الاجتماعي وتصدر وسم
#عمانيون_بلا_وظائف أكثر الوسوم متابعة في تويتر حيث تفاوتت الآراء حول الحلول المقترحة، بين ناقم وبين متفائل وبين مؤيد حقيقة الأمر وأنا أتابع النقاش ينتابني شعور بالإحباط على المستوى الفكري للحوار الذي يتغلف بالضبابية والسوداوية ويثيره البعض في أطروحاتهم دون أن يكون لديهم أدنى أبجديات الفكر والنقد البناء الذي ينشده الجميع لأنه نقد يبحث عن التغيير ويقدم حلولاً جوهرية ومنطقية ويطرح أفكارًا خلاقة ونيرة تُساهم في مد جسور التَّعاون بين أبناء المُجتمع .
في الوقت الذي تشتد لغة الحوار بين المتذمرين نرى في المقابل المخططين يمضون في ترجمة أهدافهم إلى واقع فعلي دون الالتفات إلى الوراء بل يمضون نحو الأمام بثبات وبإخلاص في تأدية واجبهم دون كلل أو ملل. وهذا ما لمسته من مداخلة الرئيس التنفيذي لصندوق الرفد الأستاذ طارق الفارسي الذي تفاعل مع الوسم وشارك المغردين وغرد على حسابه في تويتر قائلاً: "نتمنى من كل من له الرغبة من الباحثين عن العمل الجادين التوجه إلى أقرب فرع لصندوق الرفد".
هذه التغريدة حظيت بردود فعل إيجابية وبنقاش جاد واتسمت الردود والإيضاحات بالشفافية والمهنية، وهنا أرى أن هذا الفضاء الافتراضي يجب أن يكون محل تقدير ويفتح حوارا مباشرا بين المسؤول والمواطن شريطة أن يُتبادل الاحترام وتكون لغة الحوار راقية بهدف الوصول إلى قناعة فيما يطرح من القضايا التي تهم المجتمع .
حقيقة لم أكن أود الخوض في هذا الموضوع ليقيني بأن الحوارات التي تثار في شبكات التواصل الاجتماعي وفي هذا الفضاء الواسع تبدأ بلغة حادة وتبقى هذه الأطروحات عالقة بلا قيود كونها لم تقدم الحلول الجذرية والمنشودة .
أنا من أشد المؤيدين لتنظيم جلسات حوارية تطرح بعض الأفكار الإيجابية التي تعود بالنفع على الوطن والمواطن هذه الحوارات الإيجابية جديرة بأن تحترم لأنها تنطلق من أرضية صلبة وتضع المشكلة وتبحث عن الحلول وعادة ينتهي الحوار بقناعة تامة بالنتائج محور النقاش حتى وإن لم يؤخذ بها ولكنها تنطلق من مبدأ الاختلاف في الرأي لا يفسد للود قضية .
جميل جدًا أن تكون الآراء في حواراتنا مُتباينة وتنطلق من مبدأ العلم بالشيء وحتى وإن تفاوتت الأطروحات يظل النقاش بعيداً عن اللغة السوداوية هذه اللغة التي وللأسف الشديد هي المهيمنة على واقعنا الاجتماعي .
علينا أن ننظر حوالينا لنرى كم نحن سعداء إننا نعيش في بيئة تستمع إلى الرأي والرأي الآخر هذه البيئة التى أعطت ومنحت المتحاورين السبل الكفيلة لطرح ومناقشة القضايا التي تعود بالنفع على المجتمع.
علينا أن نغرس لغة الإيجابية على أطفالنا عندما يتم التقاش فهم عمود المستقل وهم من سيحملون اللواء ويقودون قاطرة التغيير البناء والإيجابي فهذا الجيل يتأثر بمن حوله وبما يناقش من قضايا اجتماعية وغيرها علينا أن نؤهله للبناء والتعمير وليس للحوار الذي يحتدم بالسوداوية وبفكر هش ورؤية ضيقة.
الجيل القادم يجب أن يقف على أرضية صلبة وينغمس في حب العمل ويحمل شعاع التنوير لأنه باختصار طاقات ستحدث التغيير بشرط أن تتمسك بلغة الحوار البناء.