أرمل الأصابعِ

محمد حمودة – غزة - فلسطين


...............
مذ كان لي يدان لم أبترك
والآن
حين أصبحتُ أرمل الأصابعِ
هجرني
طلاء ودّكِ وصرتُ خمشًا مأكولا
أكلني الصدأ وصرتُ المادة الخشبيّة على مدِّ المّدّة الحجريّة، فلا أمدّني بجزئيّاتكِ كانت حسّيّة أو ملمسيّة
نعم
لم تنبشينني أنتِ
ولو بجهدٍ لم يُتعبه التّعب،
ولم تدفني أظافري بجانب القشّات المهجورات حين مات تقلّمها،
تركتِ الباب المقفل يأكلني ليبلع طول وقوفي
وهذا الظّلُّ الدّائريّ
هل استطال من بعدي
هل استقال في ظهري
هل تقمّص خيوط ردائي المركون في قرنة البترِ
لا لم يكن عليكِ
أن تبتزّي التّلويح
كان عليكِ أن تطلي وجهكِ بيدايّ المزقزقتان في عِلم القصِّ
بتسريحتكِ المخصصةِ حين تخلطين شعرك بالمنديلِ
وحتى بالتّرسيب السّاكن أمورك اليدويّة
فتحلّين صنعي
كان على تلويحكِ أن يرسمني قدومًا على أنّه هبوبًا
فتهُبّيني بعثًا ملفوفًا بالرّجوعِ
وكانت تلك القبّعة التي ضببتها في ظهرِ حِملي
ثقيلة جدّاً
أثقلُ من شجرة الدوم وهي تنخز
إبط قلبي
مذ أصبحت يداكِ
هشّة اللمس
لم أسمع سماتك تهمسُ لأشيائي بـ (تعال)
منذ ذلك الوقت
وأنا أزرع أذني وعيني وأنفي وفمي وحتّى النبات الناشف على جدارية قلبي
الـ "أصبح" صبّارًا يشوّكهُ نبض قلبك
الـ "صار" يلهث كلّما دقّ الحنين في حسّ التّعب
كنتُ أزرعُني بعيدًا عنّكِ،
حتّى لا يُقال
لعاشقات المدينة أنّكِ هدرتني في الحبّ
وأنّي أخافُ أن يمسّكِ تقشّفِ أصابعهن
فتنحلين مثلي
(صدأً – صدأ)

تعليق عبر الفيس بوك