التمكين الرقمي لمنظمات المجتمع المدني

عبيدلي العبيدلي

نحن في أمسِّ الحاجة لنظرة عميقة وشاملة، وخطة متكاملة، وبرامج متواصلة، كي نتمكَّن من غرس قيم التمكين الرقمي في صلب سلوكيات منظمات المجتمع المدني. ينبغي علينا أن نمتلك الصبر والمثابرة، ونتحلَّى بالقدرة على وضع المقاييس الصحيحة التي تضع كل مجموعة من منظمات المجتمع المدني في البحرين في موقعها الصحيح، وفي المسافة المناسبة التي تفصلها عن مقومات التمكين الرقمي، وعلى وجه الخصوص تلك المتعلقة بالحوسبة السحابية. ما نستطيع أن نؤكده هنا أن وزارة العمل والشؤون الاجتماعية تولي هذه المسألة ما تستحقه من اهتمام وعلى أتم الاستعداد لبذل أقصى ما في وسعها من جهد، إضافة إلى وضع إمكاناتها من أجل التعاون مع جمعية البحرين لشركات التقنية "بتك"، وشركة مايكروسوفت، كي يتسنى لنا جميعا النهوض بمنظمات المجتمع المدني، في مجال الاستخدام الأفضل لتقنية المعلومات، للارتقاء بأدائها، لتصبح قادرة وعلى الصعد كافة للمساهمة المؤثرة الناضجة في تطوير المجتمع البحريني القادم وتقدمه، من خلال الاستخدام الأفضل لتقنيات المعلومات التي هي قادمة، ولا مفر من التعامل معها بأفضل المهارات.

ذلك كان مُلخَّصا، وليس نصًّا، لما جاء في كلمة سعادة وزير العمل والتنمية الاجتماعية جميل حميدان، عند رعايته للفعالية التي نظمتها "بتك"، بالتعاون مع شركة مايكروسوفت ووزارة العمل والتنمية الاجتماعية، مساء الأربعاء الماضي.

وفي تلك الكلمة المختصرة، نجح حميدان في أرسال خطاب واضح المعالم، محدد الأهداف للمشاركين في الفعالية يقوم على أربع ركائز مفصلية يمكن تلخيصها في النقاط التالية:

1- أن اختراق تقنية المعلومات لكافة أنشطة المجتمع المدني سيفرض نفسه على الجميع، ولم تعد خيارا يمكن تجاوزه. والخاسر الأكبر من يحاول تفاديها، أو لا يحسن استخدامها على النحو الأفضل والأكثر جدوى.

2- بما أنه من صلب مسؤوليات وزارة العمل والشؤون الاجتماعية النهوض بأداء منظمات المجتمع المدني، ومن ثم فهي ستسخر طاقاته من أجل التعاون، وتنفيذ برامج التدريب المطلوبة، من أجل تحقيق الفائدة القصوى مما تتيحه تقنية المعلومات من فرص من خلال التعاون مع الجهات المعنية مثل جمعية شركات التقنية البحرينية "بتك"، وشركة مايكروسوفت، كإحدى الجهات المؤهلة للقيام بذلك.

3- أن مشوار تأهيل تلك الجمعيات طويل، وبحاجة إلى خطط مدروسة. لكن من الخطأ أن يكون ذلك مدعاة للتراجع أو التلكؤ، والأمر على العكس من ذلك تماما، ومن ثم فهو يشكل تحديا إيجابيا علينا التعاطي معه بما يتطلبه من استعدادات، ويقتضيه من موارد.

4- أن تأهيل منظمات المجتمع تقنيا، يبيح لدوائر صنع القرار الوصول السليم إلى أعلى نسبة من الموارد البشرية المنتجة، ومن يساعدها على اتخاذ القرارات الصحيحة بشأن الاستثمار في الموارد البشرية من جانب، وصياغة برامج التنمية وفق سلم أولويات سليم من جانب آخر.

من جانبه، تناول مدير مكتب شركة مايكروسوفت في البحرين شريف توفيق البرامج التي تخصصها الشركة لتمكين منظمات المجتمع المدني رقميا. وفي هذا المجال، استعرض توفيق مجموعة من حزمات البرمجيات التي تضعها مايكروسوفت بين يدي تلك المنظمات. وفي كلمته، شدد توفيق على القضايا التالية:

* تحرص مايكروسوفت على الموازنة الدقيقة بين حرصها على تحقيق نسبة أرباح مجزية من جانب، والوفاء بالتزاماتها المجتمعية من جانب آخر، وهذا بدوره يضع على الشركة مسؤولية مجتمعية كبيرة لا تتوانى الشركة عن التقيد بها وفق منظومة متماسكة من القوانين التي جعلت من الشركة حالة متفردة في عالم تقنية المعلومات، عندما يتعلق الأمر بما يعرف باسم المسؤولية المجتمعية للشركات.

* ترعى الشركة المبادرات المجتمعية من نمط الفعالية المقامة، والتي من شأنها بناء جسور التواصل بين مايكروسوفت ومنظمات المجتمع المدني. على أن يتم ذلك، وفق صيغ مؤطرة بعيدة عن العشوائية، ولا تغرق في العفوية وتكون ضحية سهلة لها.

* تبدي مايكروسوفت استعدادها الفوري للدخول في شراكة مجتمعية مع الجهات المعنية في البحرين من أجل الخروج ببرنامج متكامل على المستوى الوطني يضمن تحقيق تقدم ملموس على طريق التمكين الرقمي لمنظمات المجتمع المدني، بما يضمن تحولها النوعي الانسيابي من واقع نشاطاتها التقليدية المحصورة نحو الفضاء التخيلي الواسع بما يتيحه من فرص أمام انتقال المجتمع البحريني برمته في الاتجاه ذاته.

وفي نهاية المطاف، شكَّلتْ الفعالية لقاء يفتح المجال أمام تعاون من نمط جديد يجمع تحت مظلته مقومات التحول النوعي المطلوب نحو مجتمع متطور يقوم على ركائز ثابتة عندما يتعلق الأمر بالتمكين الرقمي، تتقدمها إدارات الدولة ذات العلاقة بتطوير الموارد البشرية، تقف معها على قدم المساواة منظمات المجتمع المدني المعنية، يرافقها في هذه المسيرة المقدسة شركة عملاقة من مستوى مايكروسوفت.

وفي خضم هذا التقدُّم نحو مجتمع مدني يسير بخطى حثيثة نحو اقتصاد المعرفة، تبرز الجمعية البحرينية لشركات التقنية، كعامل أساسي في معادلة التقدم التي نتحدث عنها. ومن هنا، تبرز ضرورة البحث عن الصيغة المناسبة التي تحقق هذا التقدم.