علي بن بدر البوسعيدي
تُواجه الأنشطة الرياضية في بلادنا العديد من التَّحديات، وفي ظل الاهتمام الشعبي الكبير بكرة القدم، فإنِّها اللعبة الأكثر إثارة وندية وجماهيرية، لاسيما بين الشباب، الذين يأملون من الفرق الرياضية وبخاصة المنتخب الوطني أن يكونوا جميعًا على مستوى الطموح.
وفي ظل قيام عدد من المدربين الوطنيين بمهامهم على أكمل وجه مع الفرق المحلية وأندية الدوري، نجد أنَّ اعتماد المنتخب على المدرب الأجنبي يُهمش الكفاءات الوطنية القادرة على قيادة لاعبيها بصورة أكثر وعيًا وفهماً لظروف اللاعب ونفسيته، علاوة على أنَّ المدرب الأجنبي يتسبب في زيادة الأعباء المالية، نظرا للفارق الكبير والهائل بين راتب المدرب الأجنبي ونظيره الوطني.
بعض الأندية استعان بمدربين أجانب، ودفع آلاف الريالات لهم، ولم يحققوا المأمول والمتوقع منهم، بل كبدوا الأندية خسائر فادحة، دفعت بإدارات عدد من الأندية إلى الاستقالة. وتمحورت الشكاوى والانتقادات إلى هؤلاء المدربين صوب عدم قدرتهم على فهم طبيعة اللاعب العماني، وآليات تحفيزه وتشجيعه على العطاء، فضلاً عن عدم تأقلمهم مع طقس السلطنة، وسفرهم المتكرر إلى بلدانهم، فضلاً عن كونهم دون المستوى التدريبي الذي تم التعاقد معهم على أساسه، من حيث قدرتهم على وضع خطط تكتيكية، قادرة على منح النصر للفريق.
كما إن الأندية من جهة أخرى لم تعد تستفيد من الدعم الحكومي المُقدم لها، والذي يهتم في الأساس بتعزيز موارد النادي لزيادة استثماراته وبالتالي عائداته، لكن ما يحدث أن الأندية تأخذ هذه المبالغ وتعطيها للمدرب الأجنبي، فتزداد القضية تعقيدًا، ويصعب على إدارة النادي الوفاء بالتزاماتها تجاه اللاعبين والعاملين في الأندية، حتى إن بعض مكافآت اللاعبين لا تتجاوز المئة ريال!! هل هذا يعقل؟!
القصص التي نسمعها ويرويها لاعبون يمتلكون المهارات، عن عدم حصولهم على مستحقاتهم من الأندية، يندى لها الجبين، فمن أين إذن يعيش هؤلاء وقد كرسوا حياتهم لكرة القدم؟ وأنى لهم مواصلة العطاء الكروي وهم يعانون الإحباط وعدم التحفيز أو الحصول حتى على رواتبهم التي تمثل أبسط الحقوق؟!
ومن الأمثلة الصارخة على عدم تحقيق فكرة الاستعانة بالمدرب الأجنبي للنجاح المرغوب، تعاقد اتحاد كرة القدم مع مدربين أجانب لتدريب الفريق الوطني الأول، فحتى الآن وخلال السنوات القليلة الماضية، لم يُفلح أي منهم في قيادة منتخبنا الأحمر بجدارة حقيقية، بل إنّ البعض لم يستمر سوى سنة واحدة، ومن ثم غادر دون عودة.
لذلك فإننا نقترح أن تجري عمليات إحلال وتبديل للمدربين الأجانب في الأندية، لاسيما المتعثرة منها، وتقوم الحكومة والجهات الراعية للأنشطة الرياضية، بتنظيم برامج تدريبية طويلة الأمد، يتم خلالها تأهيل جيل جديد من المُدربين الوطنيين، على أعلى مستوى، وفي أفضل الأكاديميات الرياضية حول العالم، فيعودوا بالخبرات الكروية اللازمة لقيادة الفرق المحلية، ومن ثم يظهر من بينهم من يستطيع قيادة الفريق الأول لبلادنا، وسيكون بلا أدنى شك لدينا ناجحاً في الصعود بالأحمر العماني إلى منصات التتويج وانتزاع الألقاب الكروية ورفع الكؤوس.
هذا نداء عاجل إلى كل عاشق للساحرة المستديرة أن يدعم هذه الفكرة، أو أن يتم طرح غيرها من الأفكار، لعل من بينها ما يجد صدى وقبولاً لدى صناع القرار وحاملي لواء تنظيم قطاع كرة القدم.
إننا نؤكد في هذا المقال أنّ كرة القدم في السلطنة يمكنها أن تكون صناعة وطنية رائجة، من خلال إيلائها الاهتمام الكافي والرعاية اللازمة، ومن ثم دفعها نحو التقدم والرقي، بعيدا عن الميزانيات المهدرة على المدربين الأجانب غير الأكفاء، وتوجيه هذه الأموال إلى مصارفها الحقيقية، إلى اللاعبين والمدربين الوطنيين، وعندئذ يمكننا أن نحكم على التجربة واستخلاص العبر منها، ومعالجة أوجه القصور.