د. آسية البوعلي
التراثُ بسلطنة عُمان قديمٌ قِدَم البشرية بها، ويتميَّز بالثراء والتنوُّع وهو يُبادل البشرية علاقة تبادلية في التأثر والتأثير؛ فالتراث يصنع المجتمع، والأخير يشكله ولا يستغنى عنه؛ لأنَّ التراثَ بالنسبة لأي مُجتمع يُعدُّ قاعدة تاريخية وفكرية (ثقافية) واقتصادية وأحيانًا سياسية. والتراث من المفردات التي في كثير من الأحايين يصعب تحديد زمنها، خاصة في شقه اللامادي. وهو ينقسم إلى تراث ثقافي مادي وآخر غير مادي. ولما كان التراث الثقافي المادي يُدرَك بالحواس فإنَّ التعامُل معه يكون أيسر مُقارنة باللامادي؛ فمهما كانت الصعوبات المرتبطة به فحلولها واردة آجلاً أم عاجلاً. وتحت هذا النوع من التراث، تندرجُ مُفردات مثل: الحصون، والقلاع، والمقابر التراثية، والمزارات، والمساجد التاريخية، والآبار، والأفلاج...إلخ. أمَّا التراث الثقافي غير المادي، فهو -حسب تعريف اليونيسكو له في اتفاقية حماية التراث الثقافي غير المادي (الدورة الثانية والثلاثين عام 2003م)- هو "الممارسات والتصوُّرات وأشكال التعبير والمعارف والمهارات وما يرتبط بها من آلات وقطع ومصنوعات وأماكن ثقافية التي تعتبرها الجماعات والمجموعات وأحيانا الأفراد، جزءًا من تراثها الثقافي. وهذا التراث الثقافي غير المادي المتوارث جيلاً عن جيل، تبدعه الجماعات والمجموعات من جديد بصورة مستمرة بما يتفق مع بيئتها وتفاعلاتها مع الطبيعة وتاريخها. وهو ينمي لديها الإحساس بهُويتها والشعور باستمراريتها، ويعزز من ثَمَّ، احترام التنوع الثقافي والقدرة الإبداعية البشرية" (1) على ضوء هذا التعريف حددت اتفاقية اليونسكو مفردات التراث الثقافي غير المادي في: التقاليد وأشكال التعبير الشفهي، فنون وتقاليد أداء العروض، الممارسات الاجتماعية والاحتفالات، الممارسات المرتبطة بالفنون الحرفية التقليدية، وأشكال التعبير الشعبي (2). والأخيرة هذه هي جزء من المأثورات الشعبية أو "الفولكلور" الذي يشتمل في عمومه على كلِّ أشكال التعبير الشعبي المنطوقة وغير المنطوقة؛ أي كل "الفنون والمعتقدات وأنماط السلوك الجمعية التي يعبر بها الشعب عن نفسه. سواء استخدمت الكلمة أو الحركة أو الإشارة أو الإيقاع أو الخط أو اللون أو تشكيل المادة أو آلة بسيطة"(3) وأشكال التعبير الشعبي المنطوقة -أي الشفهية- يندرج تحتها أجناس الأدب الشعبي التي هي الحكاية الخرافية والشعبية وحكايات الجان والمردة والأمثلة الشعبية والألغاز والأغاني الشعبية والسير الشعبية، والبعض يضع الأسطورة ضمن أجناس الأدب الشعبي. وكل هذه الأجناس لها وظائف وجماليات جوهرية يجعل الكشف عن هذه الجماليات ليس بالأمر اليسير. وأخيرًا لابد أن ندرك أن للفولكلور في عمومه سمة الجمعية تجعله وسيلة اتصال جيدة بين الفرد والجماعة؛ لذلك يتحقق في الفولكلور التكامل واللقاء بين البُعدين الذاتي والجماعي.
-----------------------------
المراجع:
1- راجع: موقع اليونسكو عبر شبكة الإنترنت.
2- المرجع السابق.
3- أحمد علي مرسي. "مُقدِّمة في الفلكلور"، القاهرة، عين للدراسات والبحوث الإنسانية والاجتماعية، 1995م، ص:82.
* مستشار أوَّل للعلوم الثقافية بمجلس البحث العلمي