الغُرَبَاءُ في المدُنِ البَعِيدَةِ

ممدوح الطَّيب – الكويت
|1|
الغُرَبَاءُ في المدُنِ البَعِيدَةِ
غَيرُ مُكتَملِينَ تَمَامًا.
|2|
 قَدْ تَرَى رَجُلاً يَكْنِسُ الشَّارِعَ
ولا تَرَى ذِرَاعَيهِ.
تَتَعَجَّبُ:
 كَيفَ لِرَجُلٍ بِلا ذِرَاعِينِ أنْ يُمْسِكَ بالمقَشَةِ
والجَاروفِ، ويُفْرِغُ كُلَّ هَذَا الحُزنِ فِي الصُّنْدُوقِ!
فِي قَرْيةٍ (مَا)، يَلْعَبُ طِفْلٌ في الحَقْلِ
كُلَّمَا تَعَثَّرَ،
وَجَدَ ذِرَاعَينِ،
ذِرَاعَينِ مِنَ العُشْبِ تُوقِفَانَه، تَمْسَحَانِ رَأْسَهُ المغَّبَّرَ.
|3|
 قَدْ تَرَى بَائِعَ المثَلَّجَاتِ عِندَ النَّاصِيةِ
ولا تَرَى قَدَمَيهِ كُلَّمَا حَرَّكَ العَرَبَةَ.
تَتَعَجَّبُ:
  كَيفَ لِرَجُلٍ بِلَا قَدَمينِ أَنْ يَجُرَّ عَرَبَةً
وَ لَيلًا يَتَلَكَّأُ بَينَ ظِلالِ الأَعْمِدَةِ !
في مَدِينَةٍ (مَا)، يَنْظُرُ طِفْلٌ مِنْ كُرْسِيِّهِ المدَوْلَبِ
لِفَرَاشَةٍ.. حِينَ لاحَقَهَا
صَارَ لَهُ قَدَمَانِ تَجْرِيَانِ بِهِ.. ولا تَتْعَبَانِ.
|4|
قَدْ تَرَى عَامِلَ دَهَانٍ عَلَى سَقَّالَةٍ
ولا تَرَى عَينَيهِ كُلَّمَا وَضَعَ فُرْشَاتَهُ فِي الدَّلْوِ
وَ رَسَمَ شَمْسًا عَلَى الحَائِطِ.
تَتَعَجَّبُ:
 كَيفَ لِرَجُلٍ بِلَا عَينَينِ أَنْ يَرْسُمَ
شَمْسًا بِثَغْرِهَا الذَّهَبِيّ!
فِي بَيتٍ (مَا)، يَتَحَسَّسُ طِفْلٌ كَفِيفٌ
طَرِيقَهُ لِلصُّبْحِ، كُلَّمَا أَرَادَ أَنْ يَلْهُو
صَارَ لَهُ عَينَانِ تُبُصِرَانِ شَمْسًا تَضْحَكُ عَلَى الحَائِطِ.
..
..
الغُرَبَاءُ في المدُنِ البَعِيدَةِ
غَيرُ مُكتَملِينَ تَمَامًا.

تعليق عبر الفيس بوك