محمد بن عيسى البلوشي
يبحث الكثير من المُخططين والمستشارين الاقتصاديين في قضية القيمة المضافة في اقتصاد بلدانهم من البرامج التي تذهب الحكومات إلى تنفيذها، فهناك مشاريع قد تكون واعدة في بلدان مُعينة ولكن ليس بالضرورة أن تحقق نفس المنفعة في أماكن أخرى، فالله سبحانه وتعالى وزع ثروات هذه الأرض بعدالة لا جدال فيها، وعلينا أن نبحث أي الثروات نتميز بها.
في السلطنة يذهب المعنيون إلى أنَّ ثروة الموقع الإستراتيجي هي من أثمن الفرص التي يمكن الالتفات إليها، والحكومة تسعى في خططها لتحقيق الاستفادة القصوى من تلك النعمة التي حبا الله بها عُمان مع النعم الكثيرة التي لا تُعد ولا تُحصى، وذلك من خلال بناء مناطق اقتصادية وتوجيه سياسات المؤسسات إلى هدف واضح ومُحدد، وأيضاً تكامل المشاريع مع بعضها البعض في فلسلفة لوجيستية. ولن نسهب كثيرًا في هذا الأمر الواضح.
ولكن أذهب إلى ساحة أخرى من الضروري أن نلتفت إليها في المرحلة المقبلة وهي الاستثمار في القطاع السياحي والزراعي والسمكي، وهذا ليس بغريب على سوق السلطنة الذي يتكئ على تاريخ بحري ضارب في القدم وخبرة زراعية تشهد عليها الأفلاج العُمانية المحيرة للعالم.
يقول أحد الاقتصاديين المتحققين في مقال له "موضوع القيمة المضافة يعتبر من المواضيع المهمة والحساسة اقتصاديا خصوصا في ظل المعطيات الاقتصادية الخليجية الراهنة، حيث يصح القول بأن دول المجلس تشهد برامج إنفاق ضخمة، لكن بحكم طبيعة الأنشطة السائدة مثل التطوير العقاري والإنشاءات والتجارة وغيرها فإنّ قسما كبيرا من هذا الإنفاق يذهب للخارج سواء لكون الجزء الأكبر من المواد المستخدمة في هذه الأنشطة هو مستورد من الخارج أو بحكم أن المنفذين للمشروعات هم من الشركات الخارجية أو بحكم أن القسم الأكبر من العمالة المنفذة هم من العمالة الأجنبية التي تحول أموالها للخارج"
وهنا نتفق مع هذا القول إلا أن التركيز الكبير الذي شهدته دول المنطقة في السنوات الماضية للبنى الأساسية الضرورية، جعل فكرة التنويع الاقتصادي تركز من زاوية واحدة على قطاعات من التجارة والإنشاءات والمقاولات التي لا نختلف في أنها مهمة، ولكنها "لا توجد قيمة مضافة عالية للاقتصاد وتظل تتعامل في السلسلة الأولية من الإنتاج، كما أنَّ الوظائف التي تولدها تذهب في الغالب للعمالة الوافدة"
المواقع السياحية المنثورة كاللؤلؤ على شواطئ عُمان وأوديتها وجبالها مع طقسها الحالم في فصول العام، تجعلنا نفكر مليًا في وضع برنامج سياحي واضح للإستراتيجية السياحية يستهدف تنفيذ ما يتم التفكير به، واضعين نصب أعيننا القيمة الاقتصادية العالية لكل موقع مستهدف، فعلى سبيل المثال لا الحصر موقع ولاية صور الاستثنائي يمكن استثماره في مشاريع سياحية نوعية كالواجهات البحرية والأندية المائية وغيرها من المنتجات التي تستقطب الثروات إليها، ويحتاج من الجهة المُختصة وضع الخطوات العريضة والتفاصيل الدقيقة في كيفية استثمار هذا الجانب.
أما في القطاع الزراعي، فأعتقد أنّ واحدة من الأسباب الرئيسية التي أدت إلى تراجع الأراضي الزراعية هو عدم استثمارها بالشكل الأمثل، ويتم الآن تحويلها إلى استخدامات أخرى بغير الاستخدام الأصيل الذي منحت من أجله، وهذا ما جعلنا لا نعود قليلاً إلى التاريخ القريب كيف كانت مزارع الباطنة وأيضًا الداخلية وأجزاء من شمال الشرقية عامرة بالثروات التي لبت احتياجات السوق المحلي ومن ثمَّ سافرت إلى أسواق قريبة منها.
أما في الثروة السمكية، فأعتقد بأننا نحتاج إلى رؤية منظمة للقطاع تعمل على تعظيم العائد، وهنا نذكر بقطاع المعادن الذي كانت ثرواته غير واضحة في اقتصادنا، وأنشئت الحكومة مؤخرًا هيئة متخصصة تعمل على تعظيم العائد مع تطوير أحوال القائمين عليه بما يتماشى مع طموحات الاقتصاد.
لا نحتاج كثيرًا حتى نحقق أهدافنا في إضافة القيمة الاقتصادية، وعلينا فقط أن نفكر ملياً من أين نبدأ وما هي الأدوار التي تناط بالمختصين حتى نصل جميعاً إلى الهدف.