طالب المقبالي
لقد حبا الله تعالى أرضَ ظفار بموسم ماطر جميل يمتدُّ من شهر يونيو إلى شهر سبتمبر من كلِّ عام، متأثرا بموسم خريفي ماطر جميل. فتخضرُّ الأرض وتزدان وتكتكسي جبالها باللون الأخضر الجميل، وتتدفق مياه العيون في عديد من المناطق كعين جرزيز وعين رزات وعين طبرق وعين حمران وعين أثوم وعين صحلنوت وعين كور ووادي دربات...وغيرها من العيون التي لم تحضرني أسماؤها.
وهنا، يتبادر إلى ذهني تساؤل بسيط وهو: أين تذهب هذه المياه؟
ففي شمال عُمان هناك عيون كثيرة قد هيِّئت لها جداول ومساقٍ لري المزروعات، وقد قُسِّمت المياه بين الأهالي حسب امتلاك الفرد من الأراضي الزراعية لري المزروعات؛ وبالتالي تستغل كل قطرة ماء تنبع من تلك العيون.
وهي على سبيل المثال لا الحصر، عين الكسفة وعين الخضراء بولاية الرستاق، وعين الثوارة في ولاية نخل...وغيرها من العيون التي تنبع من صدوع الجبال، وهناك عيون في ولايات عِدَّة استُغلت مياهها للشرب ولري المزروعات، إلى جانب الأفلاج التي ابتدعها الإنسان العمُاني منذ قديم الأزل.
إلا أنَّ الملاحَظ في ظفار أنه لا يوجد استغلال لمياه هذه العيون التي تذهب مياهها هدرا إلى البحر!
لقد أنعم الله على هذه الأرض الطيبة بنعمة الأمطار في هذا الموسم الجميل، وفي مواسم أخرى فتتدفق المياه من العيون والأودية، إلا أنها تذهب إلى البحر دون الاستفادة منها.
وهنا، أستحضر هذا السؤال الذي أوجهه مباشرة إلى الجهات المعنية بوزارة البلديات الإقليمية وموارد المياه ومكتب محافظ ظفار: لماذا لا تستغل هذه المياه من خلال إنشاء سدود لحفظ هذه المياه وللاستفادة منها في تغذية المياه الجوفية؟ كما يمكن الاستفادة منها في ري الأشجار في المدينة والمناطق المحيطة بهذه العيون للمحافظة على الرقعة الخضراء في هذه المناطق ما بعد موسم الخريف.
فبينما كُنت في زيارة لمنطقة المغسيل قبل أيام، شدَّ انتباهي قيام أحد العمال بتعبئة خزانات مياه دورات المياه بمياه منقولة عبر صهريج أخضر مكتوب عليه مياه غير صالحة للشرب! فترجلت من سيارتي وذهبت إلى العامل الوافد لأسأله عن مصدر تلك المياه، لأنني والعائلة وكثير من مرتادي هذا المكان نتوضأ للصلاة من تلك المياه، وقد تبادر إلى ذهني أنها مياه الصرف الصحي المعالجة.
الرجل أخبرني بأن تلك المياه غير صالحة للشرب، ويشير إلى أن مصدرها من الأرض ولم أفهم قصده، ولم يفهم مقصدي من السؤال، أو أن تلك المياه فعلا من مياه الصرف الصحي المعالجة، وهذه بحد ذاتها كارثة.
ولكنني فهمت من هذا العامل أن المياه مياه الآبار، أو مياه تلك العيون التي ذكرتها. فإذا كانت تلك المياه من مياه العيون، فإنَّ هذا استغلال جيد لتلك المياه، لكنه غير كافٍ، فصهريج المياه لا يحمل سوى النزر اليسير من تلك المياه المتدفقة؛ وبالتالي هناك فاقد كبير من تلك المياه التي تذهب هدرا إلى البحر أو تتلاشى في الصحراء دونما اسنغلال.
فالماء ثروة وطنية ونعمة من نعم الله على الإنسان، يجب المحافظة عليها واستغلالها الاستغلال الأمثل، وهذا لا يتأتى إلا بإقامة سدود شبيهة بسد وادي ضيقة بولاية قريات بمحافظة مسقط.
muqbali@hotmail.com