نحو هيئة لإدارة المهرجان

 

حمود الطوقي

لاشكَّ أنَّ الجهود التي بُذلت على مدار العقود الثلاث الماضية من قبل الجهات المعنية بتنظيم كل من مهرجان صلالة السياحي وأيضًا مهرجان مسقط قد عملت نقلة نوعية لرفد وتعزيز مفهوم السياحة الداخلية والخارجية على حدٍ سواء. ورغم ما بذل من جهود ترفع القبعة إلا أنَّ هناك شعوراً يلوح في الأفق بأنَّ المرحلة القادمة يجب أن تكون أكثر مهنية وتميزا للانتقال من مرحلة تمويل المهرجان "الإنفاق" إلى مرحلة كسب "إيرادات" هذه الفكرة لا يمكنها أن تتحقق في ظل هيمنة الجهة المنظمة للمهرجان"البلدية" على كافة المناشط والفعاليات والأنشطة التي تقام خلال فترة تنظيم الفعالية، هنا يمكننا القول بأن المتلقي لا يرى أي تجديد للأفكار سوى تكرار ما هو موجود وما هو معلن.

 

إنَّ النهوض بالمهرجان والانتقال إلى مرحلة جديدة أكثر فاعلية يتطلب رسم خارطة طريق جديدة لتسويق أفكار للمهرجان تكون متكيفة مع متطلبات المرحلة الراهنة، التي لا تقبل إلا ما هو متميز، هنا أطرح في هذا المقال فكرة لإنشاء هيئة مستقلة معنية بتنظيم المهرجانات التي تقام في أرض السلطنة ويجب أن تكون هذه الهيئة فاعلة وتعمل بعقلية القطاع الخاص وكأن مشروع الهيئة شركة مطلوب منها تحقيق النجاح ولا تحتاج إلى موازنات من قبل الحكومة بل تعمل وفق منظومة اقتصادية قادرة على تسويق المهرجانات من خلال تحقيق شراكة حقيقية مع مختلف الأركان سواء الحكومة أو القطاع الخاص الذي يعد الممول الرئيسي طوال السنوات الماضية من خلال رعايته للمهرجان مقابل ما يحصل عليه من حزم إعلانية في وسائل الإعلام طوال فترة المهرجان .

 

هذه الشراكة لابد وأن تقفز إلى مرحلة أكثر نضجاً بإقامة أنشطة جديدة ذات صبغة عالمية من خلالها يمكن أن نروج للمهرجان في المحطات العالمية وننتقل بمهرجاناتنا من الصبغة المحلية إلى العالمية .

 

عندما أتحدث عن إنشاء هيئة للمهرجان، أسعى من خلال هذا المقترح إلى توسيع دائرة المهرجانات فبدلاً من أن تنظم فعاليتان في السنة في مسقط. وصلالة فبالإمكان من خلال الهيئة الجديدة التي يجب أن تطعم بدماء جديدة وبكوادر شابة تستطيع أن تطلق العنان لأفكار إبداعية في قدرتها وحماسها أن تنظم أكثر من مهرجان في السنة.

فعلاوة على مهرجاني مسقط وصلالة فيمكن للهيئة الجديدة إذا كانت مقنعة تنظيم مهرجانات متعددة وبأسماء مختلفة على سبيل المثال لا الحصر مهرجان لجني التمور في موسم الجداد ومهرجان للجمال في الصحراء ومهرجان للعودة إلى المدارس ومهرجانات تقام في المحافظات المختلفة تحت إشراف وتنظيم من الهيئة الجديدة.

 

هناك أفكار كثيرة سوف تتشكل إذا أعلن عن ميلاد هيئة للمهرجان وهذه الأفكار يجب أن تكون ذات مستوى عال من الإبداع والتميز بحيث تكون قادرة على جعل السلطنة محطة مهمة في خارطة السياحة العالمية.

 

إنَّ السلطنة بما حباها الله من مقومات سياحية مختلفة تتنوع بين الطبيعة والثقافة والتراث والإرث الحضاري والبيئة النظيفة والشواطئ الواسعة والجبال الشاهقة وطيبة الإنسان العماني وجاهزية البنية التحتية كلها عوامل يمكنها أن تلعب دورا مهما في جعل من بلادنا بؤرة للرقي والتميز.

 

قد ينتقدني البعض رافضًا فكرة الهيئة كون الهيئات تثقل كاهل الحكومة بتخصيص لها موازنات كبيرة.

 

هنا أقول إن الهيئة التي أنشد إنشاءها يجب أن تكون مستقلة وتعمل وفق رؤية القطاع الخاص ولا تنتظر أية موازنات من قبل الحكومة بل يكفيها مباركة الحكومة وتضع رؤية واضحة المعالم والأهداف بحيث تستطيع أن تمول نفسها في كل شيء حتى رواتب موظفيها وطاقمها الإداري.

 

هذا هو التحدي الحقيقي للإبداع وخوض التجربة يتطلب العزيمة والصبر والنجاح فنجاح التجربة خير برهان.

ولعل وعسى أن يجد هذا المقترح الصدى ونرى السياحة العمانية قد عانقت العالمية في المستقبل القريب .