فريدة عثمان.. صناعة أمريكية بجين مصري خالص

 

أحمد السلماني

سعدت كثيراً وأنا استمع للنشرة الرياضية لقناة "بي بي سي" وهي تُعلن الفوز المذهل للسبَّاحة المصرية فريدة عُثمان ببرونزية 50 متر فراشة ببطولة العالم للسباحة وبفارق ضئيل عن السباحتين السويدية سارة والهولندية رانومي واعتقد جازماً أنَّ غالبية وكالات الأنباء العربية والإعلام العربي وخاصة المصري قد سلط الضوء على هذا المُنجز العربي التاريخي والهام كونه الأول الذي تحققه مصر على مدى تاريخها العريق في السباحة.

الخبر حتى لحظة إذاعته كان لافتاً ولكن مر بهدوء إلى أن ذهبت الـ"بي بي سي" بعيدًا بإذاعة حوار أجراه مراسلها مع البطلة العربية وعلمت لاحقاً أن غالبية وكالات الأنباء العالمية التي تبث وتنطق بالعربية قد حاورت السباحة لتتحدث عن هذا الإنجاز العربي المدهش ولقد تحدثت بلهجتها المصرية والذي سأورده بتصرف وباختصار حين قالت" قبل أشهر قليلة أنهيت دراستي بالجامعة الأمريكية بولاية كاليفورنيا وبالتالي فالشكر كل الشكر لمدربتي الأمريكية "تيري ميكفري" التي أشرفت على تدريبي بأسلوب علمي يعتمد تقنيات وتفاصيل دقيقة بحتة والشكر موصول لمسؤولي الجامعة على توفير المسبح والأدوات التي تدربت عليها"، وأردفت" لقد استثمرت وجودي في الولايات المتحدة الأمريكية لتطوير قدراتي وأول من هنأني كانت مدربتي والتي آمنت بموهبتي وأدركت ما الذي احتاجه للوجود بمنصات التتويج لذا كان التركيز على الجانب البدني وتفاصيل دقيقة تتعلق باستثمار الجهد والنسق البدني لمصلحة عامل الوقت وكان ذلك طوال فترة التدريب منذ تخرجي في الجامعة حيث واصلت المكوث بأمريكا استعدادا لبطولة العالم ولإهداء وطني مصر هذا الإنجاز الرياضي التاريخي ".

هنا وطوال بحثي عن الموضوع لم تتطرق البطلة إلى اتحاد السباحة في بلادها ولكن ضمنته ضمن قائمة الشكر واعتقد أنّه من باب المجاملة لا أكثر وهنا مربط الفرس، فالمقال ليس لتمجيد الإنجاز بقدر تسليط الضوء على نقطة غاية في الأهمية نفتقدها هنا في الرياضة العربية بشكل عام وبرامج إعداد الأبطال بشكل خاص، فهناك ما بين السطور في تصريحات البطلة المصرية يتحدث عن الهوة الكبيرة التي تفصل الرياضة العربية عن نظيرتها في العالم المتقدم رياضيًا من حيث تبني الأسلوب العلمي وطرق التدريب وتسخير الإمكانيات وقبل كل ذلك الإخلاص  في العمل على تأهيل الرياضيين وصناعة الأبطال.

وعندما أتحدث عن الإخلاص في العمل فهنا أقف عند المدربة "ميكفري" وما دفعها لتبني فتاة عربية ليست من بني جلدتها، فلطالما جلب العرب وخاصة الخليجيين الخبراء والكفاءات التدريبية الأجنبية والغالب منها إما أتى لجني المال أو أنه اصطدم بواقع مر من حيث سوء الإدارة وعدم توفر الإمكانيات وقبل كل ذلك "إرادة التفوق" مع بعض الاستثناءات العربية البسيطة التي خلدها التاريخ الرياضي العربي بأحرف من نور.

المقال لا يمكن بأيّ حال من الأحوال إسقاطه على الواقع الرياضي العُماني في الفترة الحالية على أقل تقدير من حيث تبني الأسلوب العلمي أو توفير البيئة التدريبية المناسبة بالخارج في الطريق لصناعة الأبطال رغم ما نمتلكه من بنية رياضية تحتية جيدة ومعقولة وذلك لأننا حتى عندما كنا نعيش البحبوحة الاقتصادية فهذه ذهبت مع "سوء إدارة الموارد البشرية والمالية" فضلاً عن تسكع الكفاءات والإدارات الرياضية وتنقلها بين الاتحادات واللجان الرياضية فقط لضمان المناصب والسفرات الخارجية وإلا لما سافرنا لبطولة العالم لألعاب القوى بلاعب واحد و3 إداريين بعد 46 عاماً من النهضة والتطور في كل شيء إلا الرياضة، "أخبركم، أهم شيء رفع العلم".