برنامج العمل عن بعد

 

فايزة الكلبانية

"برنامج العمل عن بعد" هو أحد البرامج الوطنية التي أصبحنا اليوم في حاجة لتفعيل ثقافة العمل بها، لتعزيز أداء العمل وجودته بدون الحاجة إلى الرقابة الصارمة سواء بتسجيل الحضور في سجلات الحضور اليومية أو البصمة التي تأخذ الحيز الهام من أعمال الموارد البشرية، ومحاسبتهم على الحضور وعدم تواجد بصمات أو توقيع الحضور لسبب أو لآخر حتى في ظل وجود إنتاجية وعمل يشهد للموظف فلابد أن يتبع ذلك مساءلة (استفسار عن الغياب في اليوم الفلاني والتاريخ الفلاني).

لكن في المقابل يتناسى الكثير من مسؤولي الموارد البشرية وأصحاب الأعمال النظر إلى عمل الموظف لساعات أطول من ساعات عمله المفروضة عليه وأحيانا في يوم إجازته إن تطلب الأمر ذلك، وهذا يظهر في بصمات الانصراف والحضور، لكن يتم تجاهل مراعاة الموظف ومكافأته إذا أمضى أغلب أيام الشهر محققا لمتطلبات العمل يحضر باكرا وينصرف متأخرا عن وقته. في حين أنّه إذا غاب يوما واحدًا عن العمل لظروف صحية أو اجتماعية حتى وإن أدى عمله "عن بعد" فهو غائب وتخصم يوميّته لأنّ بصمة حضوره غير موجودة، إلا إذا قدم عذرا- والعذر مرفوض غالبا- إن لم تتبعه ورقة عذر طبي تعتمد من الإدارة.

من هنا نبارك مبادرة معالي الدكتور علي بن مسعود السنيدي وزير التجارة والصناعة إصداره القرار الوزاري رقم (157/2017) والمتعلق بضوابط العمل عن بعد من خلال نظام "استثمر بسهولة"، حيث جاء قرار العمل عن بعد بهدف قيام موظف وزارة التجارة والصناعة بأعمال وظيفته في غير مكان العمل الطبيعي والمعتاد عليه سواء في منزله أو الأماكن العامة أو حتى في فترة الإجازة، وذلك بشرط زيادة إنتاجية الموظف ورفع سرعة إنجاز المعاملات والدقة في أدائها، والاستغلال الأمثل للوسائل التقنية الحديثة عبر نظام استثمر بسهولة.

وبهذا تكون وزارة التجارة والصناعة الجهة الأولى في السلطنة التي تطبق نظام العمل عن بعد، حيث يساعد هذا القرار الموظف الذي يحيل بين حضوره لمقر عمل ظروف صحية أو ظروف طارئة وبإمكانه إنجاز معاملات المستثمرين عن بعد إذا لم تكن طبيعة عمله تستدعي مقابلة المراجعين، وهذا القرار يشمل بعض الوظائف المخولة بإنجاز المعاملات عبر نظام "استثمر بسهولة" ولا يشمل كافة الوظائف الإدارية في الوزارة، ولابد أيضا من وضع اشتراطات وقوانين تنظم آلية العمل بهذا النظام.

قد يكون تطبيق هذا النظام اليوم في استثمر بسهوله فاتحة لدراسة تنفيذ هذا النظام على عدد من الوظائف التي تسمح طبيعة العمل بها باتباع هذا النظام، ولاسيما وأنّ التطورات التقنية المتلاحقة في خلق ثقافة جديدة داخل سوق العمل، توفر فرص وظيفية مرنة تتجاوز حواجز الزمان والمكان، وتجمع صاحب المنشأة بالموظف من خلال بيئة عمل إلكترونية يجري من خلالها أداء الوظائف والمهام دون الحضور إلى مكان الشركة أو المؤسسة.

من هذا المنطلق، فإنّ "برنامج العمل عن بعد" من الممكن أن يعمل على إيجاد حلول لتجاوز تحديات عدم توافر وسائل النقل، وظروف البعض من النساء اللاتي بحاجة إلى رعاية أطفالهن في فترة العمل، فتطبيق برنامج العمل عن بعد يشكل أهمية أكبر لفئتين أساسيتين من القوى العاملة الوطنية الالتحاق التي تعاني من صعوبة وتحديات بسوق العمل، وهما النساء وذوو الإعاقات، من خلال تقديم فرص وظيفية مرنة تتجاوز هذه التحديات في ظل التطورات التقنية والتكنولوجية.

faiza@alroya.info