علي بن بدر البوسعيدي
يمثل الثالث والعشرون من يوليو المجيد أغلى ذكرى وطنية تعرفها عمان الحديثة، فهو التاريخ الذي بزغ فيه فجر النهضة المباركة بالمقدم السامي لحضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم وتولى مقاليد الحكم في بلادنا الغالية، ليكون بداية لمسيرة ممتدة من المشروعات التنموية والخدمية في شتى القطاعات.
ومما لا شك فيه أنّ يوم 23 يوليو يمثل مرحلة عبور للمستقبل، حيث الانتقال إلى عهد جديد حمل في طيّاته تباشير الأمل والرغبة في بناء مستقبل مشرق لأبناء عمان، فكان هذا اليوم الأغر يوم سطعت فيه شمس النهضة والتنمية على عمان بأكملها، واحتشدت سواعد المخلصين لتبني عمان لبنة لبنة، وتصنع المجد الجديد، الذي يبرهن أنّ العمانيين قادرون على تخطي الصعاب وتجاوز المحن.
ومنذ ذلك الحين، والبلاد صارت شعلة متوهّجة من النشاط حيث قامت وزارة التربية والتعليم باستقدام مدرسين من الدول العربية الشقيقة والأوروبية الصديقة أيضا، فبدأت النهضة التعليمية، وانتشرت المعارف في كل مكان، حتى بات في كل قرية مدرسة، والجميع قادر على الالتحاق بالدراسة، ومن ثمّ الدخول إلى الجامعة.
وفي القطاع الصحي، شهدت مُستشفيات السلطنة تطورا وتنمية غير مسبوقين، فتحوّلت المُستوصفات الصغيرة إلى مستشفيات كبرى، يعمل فيها أمهر الأطباء وأفضل الطواقم الطبية، وتصاعدت وتيرة التنمية الصحية، وتراجعت معدلات الإصابة بالأمراض، وتوالت الإنجازات في هذا القطاع الحيوي المهم واحدا تلو الآخر، ما يعكس الحرص الشديد من جانب القائد المفدى لتوفير كافة سبل العيش الكريم للمواطن العماني.
كما توسعت البلاد خلال سنوات النهضة المباركة في قطاعات النقل والموانئ، فكان انتشار موانئ النقل والصيد في مختلف المدن الساحلية، فهناك بجانب الميناء الرئيس ميناء السلطان قابوس في مطرح، العديد من الموانئ الأخرى، في مقدمتها ميناءا صحار وصلالة، اللذان يستقبلان العديد من خطوط الملاحة الدولية المحملة بالبضائع وغيرها من الحاويات. علاوة على الموانئ ذات المواصفات العالمية مثل ميناء الدقم، والذي من يعزز جذب الاستثمارات المختلفة، فضلا عن تواجد الحوض الجاف في الدقم الذي يعمل على إصلاح السفن العالمية.
قطاع الطرق هو الآخر شهد نهضة فريدة من نوعها، فبعدما كانت الطرق قليلة وترابية، باتت السلطنة تزخر بآلاف الكيلومترات من الطرق، شمالا وجنوبا، شرقا وغربا، على الطرق الرئيسية وفي الشوارع الداخلية، فتحولت هذه المنظومة إلى نموذج مميز، نفخر به ونتفاخر به أمام الأمم، من حيث التحلي بوسائل السلامة المرورية، والخدمات المُقدمة على جانبي الطريق، في شتى الولايات.
وإذا ما جئنا إلى القطاع الصناعي، نجد أنّ السلطنة باتت قلعة صناعية، تزخر بالعديد من المشروعات الصناعية، بفضل سياسة التوسع في إنشاء المناطق الصناعية، ومنها منطقة الرسيل الصناعية، ونزوى وصحار وصلالة، وغيرها مما هو قائم وما سيتم إنشاؤه قريبا.
إنّ السلطنة تواصل المضي قدما في تحقيق النهضة الشاملة القائمة على تنمية الإنسان باعتباره هدف التنمية الأول، وذلك بالتوازي مع تأسيس دولة القانون والمؤسسات والتي أرسى دعائمها جلالة السلطان المُفدى.
وفي جانب آخر، تتمتع السلطنة بعلاقات دولية قوية وأواصر تعاون وصداقة مع مختلف دول العالم، ويتجلى ذلك في حجم التقدير الدولي للمقام السامي، لاسيما في أوقات الأزمات، ولجوء الجميع إلى عمان باعتبارها واحة السلام والمحبة والتسامح.
لقد قامت عمان بدور إيجابي ومميز في كثير من الملفات الإقليمية والدولية، وهو دور ينطلق من الثوابت العمانية الداعية إلى نبذ الخلافات وتسويتها بالطرق السلمية وتعزيز لغة الحوار.
دامت عمان بخير، ودام قائدها المفدى يرفل في ثوب العزة والعافية. وكل عام وجميع العمانيين بخير وسلامة.