دراسة بحثية لـ"الإحصاء والمعلومات" ترصد مستقبل "قاطرات النمو"

آفاق واعدة للاستثمار في السلطنة مع إحراز تقدم لافت في سياسات التنويع الاقتصادي

 

مسقط  - العُمانيَّة

تُشِير دراسة "مستقبل الاستثمار والتنمية" -التي أجراها المركز الوطني للإحصاء والمعلومات- إلى أنَّ الاقتصادَ العمانيَّ يقوم على عددٍ من قاطرات النمو كالصناعات التحويلية والسياحة وتجارة الجملة والتجزئة، كأبرز مُحرِّكات النمو الاقتصادي بالسلطنة، مع تقدم في سياسات التنويع الاقتصادي رصدته الدراسة؛ من خلال تراجع نسبة مساهمة الأنشطة النفطية في الناتج المحلي، مقابل صعود أنشطة أخرى؛ من بينها: نشاط النقل والتخزين والاتصالات الذي حقق طفرة خلال الأعوام السابقة جعلته قطاعا واعدا يحمل في طياته العديد من الفرص الاستثمارية.

وتقول الدراسة إنَّ قطاع الصناعات التحويلية -الذي ظهر خلال العقدين الأخيرين- أحد أقطاب النمو في الأنشطة الاقتصادية غير النفطية بصورة خاصة، والاقتصاد الوطني بصورة عامة؛ إذ حققت نموا بنحو 9ر661 بالمائة ما بين عامي 1998 و2015، كما ارتفعت قيمة الناتج المحلي الإجمالي بالأسعار الثابتة (أساس 2010) للصناعات التحويلية من نحو 3ر0 مليار ريال عماني في عام 1998 إلى نحو 6ر2 مليار ريال عماني في البيانات الأولية لعام 2015. واستنادا إلى معدلات النمو السنوي في الناتج المحلي للصناعات التحويلية، فإنَّ بداية الألفية شهدت الطفرة الأكبر والأهم في معدلات النمو مع صمود القطاع في مواجهة فترات عدم الاستقرار العالمي، حتى إنَّه وفي خضم الأزمة المالية العالمية سجَّلت الصناعات التحويلية عمليتي نمو متتابع في عامي 2008 و2009.

وتشير الدراسة إلى أنَّ هيكل الاستثمار في الصناعات التحويلية في العام 2011 تركَّز حول منتجات الخامات التعدينية غير المعدنية، والذي مثل نحو 4ر49 بالمائة من إجمالي الاستثمارات في الصناعات التحويلية في هذا العام، تلته الصناعات الكيماوية والمنتجات الكيماوية والبلاستيك والزجاج بنسبة 4ر29 بالمائة، في حين تغير هذا الهيكل قليلا في العام 2014؛ إذ جاءت صناعات الكيماويات والمنتجات الكيماوية والبلاستيك والزجاج في المرتبة الأولى بنسبة 5ر24 بالمائة  من إجمالي حجم الاستثمارات في العام 2014، تلتها صناعة المنتجات المعدنية بنسبة 9ر11 بالمائة. وكأحد القطاعات الرائدة ومع تعدد المقومات تعد السياحة بيئة خصبة للاستثمار في السلطنة؛ حيث توضح الإحصاءات أن الأعوام الثلاثة الأخيرة من المدة التي شملتها الدراسة (من عام 2013 وحتى عام 2015) تبرز طفرة واضحة ومتتابعة في أعداد السياحة الوافدة إلى السلطنة حيث وصلت في العام 2015 إلى نحو 6ر2 مليون سائح بارتفاع 7ر17 بالمائة مقارنة بالعام السابق مباشرة بإجمالي إنفاق بلغ 2ر288 مليون ريال عماني، مقارنة بـ9ر250 مليون ريال عماني في العام 2014.

ويوضح استعراض الناتج المحلي الإجمالي بالأسعار الثابتة لأنشطة المطاعم والفنادق وجود اتجاه صاعد لهذه الأنشطة وذلك بمتوسط سنوي بلغ نحو 2ر125 مليون ريال عماني خلال الفترة من 1998-2008، ومتوسط سنوي بلغ 3ر199 مليون ريال عماني خلال الفترة 2009-2015. وتبيِّن الدراسة أنَّ الناتج المحلي بالأسعار الثابتة لتجارة الجملة والتجزئة صعد خلال العقدين الماضيين من قرابة المليار ريال عماني في نهاية عام 1998 إلى 2ر2 مليار ريال عماني في البيانات الأولية للعام 2015.

وخلال الفترة محل التتبع للدراسة (من 1998-2015) حققت أنشطة تجارة الجملة والتجزئة في الناتج المحلي الإجمالي بالأسعار الثابتة ارتفاعات واضحة المعالم ظهرت في 3 مراحل زمنية الأولى خلال عامي 2003 و2004، بارتفاع 8ر9 بالمائة و4ر11 بالمائة على التوالي، والثانية في العام 2007 بمعدل نمو سنوي بلغ 1ر25 بالمائة، والثالثة في العام 2012 بمعدل نمو سنوي بلغ 4ر18 بالمائة.

كما توضِّح الإحصاءات الرسمية التي أوردتها الدراسة وجود طفرة واضحة أيضا في الناتج المحلي الإجمالي بالأسعار الثابتة لقطاع الإنشاءات؛ حيث حقق نموًّا يتعدى 4 أضعاف في عام 2015، مقارنة بالعام 1998، أي أنَّ القطاع استطاع أن ينمو على مدار 18 عاما بمعدلات سنوية وصلت في المتوسط نحو 6ر12 بالمائة، واضافة للطفرتين الأساسيتين اللتين حققهما القطاع في الفترة بين عامي 2001 و2003 (بنمو قارب الـ4ر84 بالمائة)، والفترة بين عامي 2006 و2008 (بنمو قارب 9ر123 بالمائة)، فإنَّ وصول معدل النمو السنوي في هذا القطاع في عام 2009 -أي في أعقاب الأزمة المالية العالمية- إلى ما يُقارِب 2ر15 بالمائة؛ مما يدل على نجاح السياسات الاقتصادية التي اتخذتها السلطنة في حماية هذا القطاع، كما يعني أيضًا أهمية وقوة الاستثمارات المنفذة في السلطنة في هذا القطاع، والتي منحت المستثمرين القوة والربحية.

وأضافت الإحصائيات أنَّ نشاط النقل والتخزين والاتصالات حقق طفرة تقارب 6 أضعاف خلال الفترة بين عامي 1998 و2015؛ حيث قفز الناتج المحلي الإجمالي بالأسعار الثابتة لهذا القطاع من نحو 284 مليون ريال عماني في العام 1998، إلى نحو 7ر1 مليار ريال عماني في العام 2015؛ مما يجعله قطاعا واعدا يحمل في طياته الكثير من الفرص الاستثمارية.

وتشير الدراسة إلى أنَّ هذا القطاع مر خلال فترة التتبع (1998-2015) بطفرة في النمو ممتدة المفعول والأثر؛ حيث إنه خلال الفترة بين عام 2000 وعام 2008 استطاع تحقيق معدلات نمو سنوي موجبة تتحرك بدءا من قرابة 10 بالمائة إلى نحو 27 بالمائة، وهو ما أوصل القطاع في عام 2008 إلى أن ينهي تلك الطفرة طويلة المفعول، مُحققا مُعدَّل نمو بلغ 9ر309 بالمائة مقارنة بالعام 1999.

وأعقب هذه الطفرة تراجُع بتحقيق معدل انكماش في العام 2009 لم يتعد حاجز 1 بالمائة ليعود القطاع مرة أخرى إلى الارتفاعات بدءا من عام 2010 إلى آخر نقطة تم رصدها في العام 2015 وقد تحقَّق معدل سنوي خلال هذه السنوات الخمس بلغ في المتوسط 9ر6 بالمائة.

وتظهر الإحصاءات الرسمية تضاعف قيمة صادرات السلطنة إلى 6ر9 ضعف في عام 2014 مقارنة بعام 1998؛ إذ إنها بدأت من نحو 1ر2 مليار ريال عماني إلى نحو 5ر20 مليار ريال عماني في عام 2014. أما الواردات فقد حققت إجمالي قيمتها نموا طبيعيا خلال الفترة محل التتبع في الدراسة إذ ارتفعت قيمتها من نحو 2ر2 مليار ريال عماني في عام 1998 إلى نحو 9ر11 مليار ريال عماني في عام 2014.

تعليق عبر الفيس بوك