إعادة جدولة القروض

فايزة الكلبانيَّة

المتعارَف عليه أنَّ أغلبَ الاستثمارات -سواء تَتْبَع القطاع الحكومي أو الخاص- من شركات كبيرة أو صغيرة أو متوسطة، تعتمد في تمويلها على البنوك والقروض المختلفة؛ لذا فإنَّ الجميعَ في بداية مشروعه من الضروري أنْ يكُوْن قدْ وَضَع دراسة جدوى تركِّز على تحقيق فوائد وأرباح من العمل والبيع والشراء والتفاعل مع منتجات المشروع، أيًّا كان نوعه والخدمة التي يُقدِّمها، إلا أنَّه ومع تعرُّض اقتصاد العالم والسلطنة لتأثيرات متباينة جراء تراجع أسعار النفط، فقد وُجِدت فجوة كبيرة بين دراسات الجدوى والأرباح والعوائد التي وُضِعَت لتحقيقها خلال فترة تشغيل المشروع.

وبَيْن الاصطدام بالواقع المتأثِّر بالتراجع في المبيعات والشراء والدخل، تذهب أحلام تحقيق الأرباح أدراج الرياح، ومن هنا يتشكَّل العجزُ الماليُّ في سلسلة تربط مُختلف المؤسسات ببعضها. فالحكومة تكون عاجزة عن سداد مُستحقات الشركات الكبيرة، والشركات الكبيرة هي الأخرى تُصبح غير قادرة على سداد مُستحقات الشركات الصغيرة والمتوسطة المتعاقدة معها؛ مما يؤدي لتعثُّر الأعمال والسيولة والربحية في مختلف المؤسسات نتيجة افتقارها للسيولة المالية، وهنا يكُون مصير البعض منها إمَّا سجن صاحبها نتيجة للشيكات المرتجعة، أو الإفلاس.

ومن هذا المُنطلق، وفي ظل وجود مثل هذه الأزمات، لابد من إيجاد حلٍّ جذريٍّ لمنع تعثُّر بعض الشركات، والتي غالبا ما يكون أداؤها جيدا، وطاقم العمل بها وأنشطتها على أعلى مستوى، ولكن نتيجة لنقص السيوله تتعثَّر في زوبعة الأزمة. وقد يكمُن الحلُّ هنا في أنْ يعمل البنك المركزي العُماني على ضرورة دراسة إعادة جدولة القروض، لمساعدة هؤلاء المستثمرين؛ فيشكِّل ذلك نوعاً من المرونة في تطبيق اتفاقية "بازل 3" المعروفة بصرامتها؛ باعتبار أنَّ هذه الاتفاقية لا تُعْنَى فقط بمُطالبة المصارف بالاحتفاظ بأكبر قدر مُمكن من رأس المال، وإنما هي فُرصة للبنوك لتحسين جودة وشفافية أموالها، بما يُسَاعد على تعزيز قدرات البنوك على استيعاب الصدمات والخسائر، لاسيما وأنَّ الحياة المعيشية اليوم أصبحتْ تتطلَّب الكثيرَ من الإنفاق والصَّرف على مُختلف احتياجاتها؛ لذا فإنَّ القروضَ بأنواعها كانت الملاذ الذي يتجه إليه المواطنون لتحقيق أحلامهم؛ سواء كانت قروضًا شخصية أو سكنية أو غير ذلك.

فاليوم، أغلب الشركات مُتضرِّرة من آثار أزمة تراجع أسعار النفط؛ مما أدى لخسارة البعض مع تراجع مُعدَّلات البيع والشراء والإقبال على المنتجات؛ فيقف الجميع أمام تحدٍّ آخر وهو تراكم الديون، فيمرُّون في نفس السلسلة ليس ضَعْفا في إدارتهم لمشروعهم، أو تخاذلا في العمل، بل هذه هي أوضاع الأسواق الاقتصادية العالمية اليوم وليس محليا.

الكلُّ يبحثُ عن حلول بأقل الخسائر للخروج من هذا النفق المظلم، وقد يكُوْن جزءًا من حلِّ هذه التحديات "إعادة جدولة القروض" وفق اشتراطات وضوابط تُنَاسِب الطرفيْن، فهل من مُستجيب؟!!

faiza@alroya.info

الأكثر قراءة