عيسى الرواحي
في فترة الصيف تكثر حفلات الزواج سواء عقد القران أم حفلات الزفاف، وفي بلدنا العزيز ظاهرة اجتماعية فريدة تخفف عن كاهل الشباب حملًا من الأعباء المالية ألا وهي ظاهرة الزواج الجماعي التي تستحق الإشادة وتقدير جهود القائمين عليها، وقد شهدنا خلال الأسبوع الماضي أعراسا جماعية في ولايات مختلفة لعلها كانت توافقا مع التأريخ المميز الذي يهم الشباب كثيرا (7/7/2017م)، ومن الأهمية بمكان أن نحافظ على هذه الظاهرة الاجتماعية الطيبة، ونوسع دائرتها على نطاق كافة القرى والولايات، آملين أن يكون للأندية الرياضية والفرق الأهلية الدور الأبرز في تنظيم هذه الأعراس.
أعباء حفلات الأعراس كثيرة وهي تتزايد يوما بعد يوم في ظل ما تشهده تطورات الحياة المعاصرة، ولكنَّ هناك من الظواهر الاجتماعية التي زاد نطاقها واتسع انتشارها يمكننا الاستغناء عنها كقاعات الأعراس؛ فقاعة الأعراس التي تُستأجر بمبالغ مرتفعة تشكل عبئا آخر على كاهل الشاب المتزوج كان يمكن الاستغناء عنها، فينبغي للمجتمع أن يراعي الشاب في إكمال شطر دينه.
نعم قد تكون هناك ضرورة ملحة وأمر لا محيص منه لهذا الأمر، ولكن في أغلب الأحيان يكون استئجار هذه القاعات من باب الترف، وزيادة الأعباء المالية على كاهل الشاب المتزوج؛ إذ يشترط عليه من قبل أهالي الزوجة أن يكون حفل زفافها في قاعة مستأجرة، وربما كان الشاب هو صاحب الفكرة، أضف إلى ذلك ما قد ما يصحب هذه القاعات من محظورات ينبغي تجنبها. بقي أن نشير إلى أنه ليس من مكان أفضل تخرج منه البنت إلى بيت زوجها من المكان الذي ولدت فيه، وعاشت فيه أعواما طويلة.
في الحديث النبوي الشريف الذي رواه أبو هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أن المرأة تنكح لأربع: لمالها وجمالها وحسبها ودينها.
لكنَّ هناك من الشباب من يقصر تفكيره في البحث عن الفتاة التي يريدها زوجًا له على أمر واحد فقط، فقد يكون كل همّه الفتاة التي لديها وظيفة، وربما كان همّه الجمال فقط، وهناك من الشباب من يظل أعواما طويلة يبحث عن فتاة عمره؛ فلديه مواصفات عجيبة ومعايير غريبة وشروط طويلة عريضة، ومثل هذا سيتعب نفسه وأهله كثيرا، وقد يستحيل عليه أن يجد ما يرتضيه، ومن الواجب علينا أن نذكر أمثال هؤلاء الشباب بأننا لسنا في الجنة حتى تتحقق لنا جميع المواصفات التي نبحثها عن الفتاة التي نريدها، وأنّه لا يوجد إنسان شابا كان أم فتاة على هذه الأرض له كمال الخَلق والخُلق، وواجب علينا أن نذكر كل شاب أيضا بوصيّة الرسول صلى الله عليه وسلم في هذا الشأن "فاظفر بذات الدين تربت يداك".
ارتفاع حالات الطلاق في وطننا العزيز في الأعوام السابقة أمر مزعج جدًا، حتى إنّه يتجاوز ثلاثة آلاف حالة في العام الواحد حسب الإحصائيات الرسمية، وهذا مؤشر خطير، ويؤكد بوضوح أنّ هناك خللا واضحا ونقصا كبيرا في الوعي الحقيقي والثقافة الراسخة بأسس الحياة الزوجية ومبادئها لدى الشباب المقبلين على الزواج من كلا الجنسين. ورغم ما يقوم به الشاب قبيل حفل الزواج بل قبله بأسابيع وأشهر من تجهيزات الحفل وتوفير مطالبه الكبيرة واحتياجاته العديدة، وما يحتاجه في هذا الشأن من وقت طويل ومال وفير؛ فإنه وللأسف الشديد نجد من الشباب المقبلين على الزواج من لا يشتري كتابًا حول فقه الحياة الزوجية، وأسس التعامل مع الطرف الآخر، ولا يخصص وقتا للقراءة والاستماع إلى ما يتعلق بهذه الحياة الجديدة؛ لذا فقد صار الجهل بأمور الحياة الزوجية شديدا، والوعي بأسس التعامل مع شريك العمر ينقصه الكثير من الحكمة والمهارة؛ لذا فلا غرابة أن ترتفع نسب حالات الطلاق في مجتمعاتنا؛ فقد يكون هذا من أبرز الأسباب.
نأمل أن ينتبه كل شاب مقبل على الزواج إلى هذه القضية المهمة، كما نأمل أن يكون لوزارتي التنمية الاجتماعية والأوقاف والشؤون الدينية أداور بارزة وجهود واضحة في توعية الشباب المقلبين على الزواج، وتثقيفهم في كل ما يخص الحياة الزوجية بالوسائل المناسبة.. والله المستعان.