وكلاء وسماسرة والضحية اللاعب

 

أحمد السلماني

 

عالم كبير وفضاء واسع ومساق لا حدود له ويعد بمثابة حلم يراود لاعب كرة القدم الحقيقي في اليقظة والمنام ألا وهو الوصول إلى "عالم الاحتراف" بالساحرة المستديرة والمجنونة، وذلك بعد أن وصلت بعض عقود اللاعبين إلى أرقام قياسية وخيالية فاقت الحد المعقول وترقى لأن توصف بسوق "نخاسة" عصري غلافه براق إلا أنّ من يسبر أغواره يدرك يقينا قساوة البشر عندما جبلوا بطغيان حب المال، ومحظوظ ذلك اللاعب الذي يتمكن من القفز داخل أسوار هذا العالم متسلح بالذكاء والتخطيط السليم من قريب أو صديق مخلص له يدرأ عنه "قطاع الطريق" من السماسرة والوكلاء الجشعين ومساهمتهم الكارثية في قتل جمالية كرة القدم.

ولأنّ اللاعب هو المحور والركيزة في عالم كرة القدم وكل ما حوله إنّما هي أفلاك تدور في منظومة كرة القدم فإنّ من يحلم بالقفز والولوج لعالم الاحتراف عليه أن يتسلح بعوامل عدة اهمها الجد والاجتهاد والصبر والمثابرة والمهارة المطلوبة، وفوق هذا وذاك فإنّ الذكاء وحسن التصرف سلاح هام للتعاطي مع هكذا عالم يحمل وجهين أحدهما جميل والآخر بغيض قد يهوي باللاعب إلى قدر يرمي به إلى مزابل تاريخ كرة القدم أو على أقل تقدير ربما يعيش على الهامش في هذه المنظومة التي لا تعترف إلا بلغة المال أما المثل والقيم الأخرى فهذه ربما تأتي لاحقا وهي نادرة الحدوث ومحظوظ ذلك اللاعب الذي يستطيع أن يثبت أقدامه في دروب ودهاليز هذا العالم.

التاريخ الكروي العالمي حمل لنا قصص احتراف ناجحة وأخرى فاشلة، ومحليا لا زال الوسط الكروي وحتى الإقليمي يتذكر كيف أنّ موهبة احترافية وأدت في مهدها بفعل فاعل وبقرار تعسفي ضيق ومحدود الأفق لأفضل لاعب ناشئ في العالم وقتها وهو الدولي الموهوب محمد عامر الكثيري، قصص احترافية محلية أخرى كتب لها النجاح إقليميا على أقل تقدير وكانت للجيل الذهبي للكرة العمانية بعد ان تهيأت لهم في وقتها "منهجية" إدارية وفكر كروي مسؤول وطموح قفز بالكرة العمانية لآفاق لم تكن تحلم بها بوصولها للتصنيف الـ54 عالميا كما ولا زال النجم أحمد مبارك "كانو" صامدا في وجه كل متغيرات الصراع بعالم الاحتراف بوجوده بالدوريات القطرية نظير خبرته الميدانية الكبيرة، ونضوجه الفكري في التعامل مع العروض والعقود المقدمة له أمّا الرقم الاحترافي الصعب علي الحبسي فهذا خارج نص في هذا المقال.

ما دفعني لكتابة هذا المقال هو امتعاض الوسط الكروي عامة والإعلام الرياضي من التعاطي المبتذل والسيء وغير المسؤول للعرض المقدم للحارس الدولي فايز الرشيدي من أحد الأندية السعودية وفق ما أعلنته كثير من وسائل الإعلام وبرامج التواصل الاجتماعي بعد ان كشف أحدهم أن 4 أشخاص ادعوا أنهم وكلاء أو على اتصال مباشر به وبإمكانهم إنهاء صفقة انتقاله من ناديه السويق إلى النادي السعودي، مزايدة رخيصة واتفاقات بتقاسم الكعكة والمدهش كان نشر المحادثات والدردشات والحقيقة أن تصرف ضحل كهذا قد يعصف بمستقبل الحارس الاحترافي وكلنا يعلم القيمة الفنية العالية للدوري السعودي والاستفادة العالية والكبيرة التي سيجنيها اللاعب والمنتخب من وجود فايز في الدوري السعودي بزخمه الإعلامي المعروف، وربما كان القدر لطيفا بالرشيدي بوجود وكيل أعمال له يعرف كيف يتصرف في هكذا مواقف وربما تنتهي الصفقة من خلاله وهو ما نتمناه ولكل لاعب عماني موهوب قد يخدم كرة القدم العمانية يوما.

رسالة لاتحاد كرة القدم وما أكثر الرسائل التي أرسلناها له ولا نعرف مصيرها وهو وحسب معلوماتي الجهة المسؤولة والمخولة بتنظيم آلية استصدار تصاريح وكلاء اللاعبين والتي تخضع لمعايير محددة وهو من بيده إمكانية التدخل ولو بشكل ودي لحماية حق اللاعب ووكيله والأندية ذات العلاقة من تدخلات المتطفلين على مثل هذه الصفقات مع ضرورة التفريق بين الوكيل المعتمد والسمسار، وإن وضع خلية تتبع لجنة شؤون اللاعبين مهمتها مساعدة ودعم اللاعبين واحترافهم خارجيا وحتى داخليا وماذا لو أنشئت لجنة للاحتراف، اعتقد أنها ستكون ضمانا لجميع الأطراف، عدا ذلك فمستقبل كثير من مواهب السلطنة الكروية على كف عفريت.