"نفحات" رياضية

 

المعتصم البوسعيدي

(1)

إذا كانت النفحات التي مفردها النَّفْحَةُ تعني الطَّيبُ الذي ترتاح له النَّفْس، فإنَّ أولى النفحات التي أود الحديث عنها تفوحُ من طيب اللجنة البارالمبية العُمانية المعنية برياضة الأشخاص ذوي الإعاقة في السلطنة، لجنة ولدت عملاقة بنبل رسالتها وبأبطالها الذين ـ وللأسف ـ لم يحظوا بذاك الزخم الإعلامي الذي يستحقونه نظير بطولاتهم العالمية، نعم العالمية، ولا أبرئ نفسي من ذلك وأعترف عبر هذه السطور بالتقصير في حقهم، لكنهم بحق رسموا البطولة من رحم المُعاناة، وكسروا كل حواجز التحديات، ولقنوا "الأصحاء" ـ بمعنى الأصحاء المتعارف عليه ـ درسًا في البذلِ والعطاء، كما أنّ اللجنة برئاسة الدكتور منصور الطوقي والداعمين لها تمضي بخطة مُمنهجة وتطلعات تعزز من قاعدة المواهب وصقل وصناعة الأبطال.

 

(2)

كتبتُ سابقًا عن كرة الطاولة العُمانية التي تكبر يومًا بعد يوم بوجود شخصية قيادية بشخص المخضرم عبد الله بامخالف على دفة قيادتها المُبحرة بثبات نحو الأمام، وبدون ضجيج ولا "شوشرة"؛ حيث وصل منتخب كرة الطاولة للمونديال العالمي بألمانيا للمرة الأولى، وصولاً بمثابة العهد الجديد الذي يُعزز اتساع اللعبة وزيادة مُمارسيها، والتطلع ـ لاحقًا ـ لتحقيق الإنجازات المؤطرة بالميداليات الملونة، كما وأنَّ السلطنة أصبحت قبلة لاستضافة البطولات بعد الرضا الكبير والإشادة بالتنظيم من أعلى المستويات، ناهيك عن التسويق الرائع للمنتخبات وعقود الشراكة وبرامج التطوير التي سعت ـ وتسعى ـ لها اللجنة العُمانية لكرة الطاولة بكل إخلاصٍ وتفانٍ.

 

(3)

 لجنة أخرى تحث الخُطى نحو الارتقاء بلعبتها وبقيادة نسائية متمثلة في الأستاذة ليلى النجار، اللجنة العُمانية للشطرنج تلعب دورًا محوريًا في نشر اللعبة من خلال مراكز الناشئين التي تحرص على تفعيلها في كافة محافظات السلطنة؛ من أجل إيجاد الوعي بأهمية هذه الرياضة الذهنية بامتياز، وتأسيس منتخبات قادرة على تمثيل السلطنة، وصقل المواهب وتحسين المهارات وفق الأصول الصحيحة، علاوة على تأهيل المدربين والمحكمين في هذه اللعبة، وقد ارتبطت اللجنة ـ أيضًا ـ بشراكة مهمة مع القطاع الخاص إثر تنسيق رائع مع اللجنة الأولمبية العُمانية في هذا الموضوع بالتحديد.

 

(4)

 لا أعتقد أنني شاهدت الإعلام الرياضي المرئي ـ تحديدًا ـ والمتمثل في تلفزيون السلطنة العام في السابق أو حتى القناة الرياضية بهذا الرصيد من البرامج الرياضية في الوقت الحالي، مع تنوع جميل في الطرح والمواضيع، وتسليط الضوء على جوانب لطالما كنَّا نظنها مغيبة من ذاكرة الرياضة العُمانية، ويمكن القول أيضًا إن القناة الرياضية نالت قصب السبق المحلي بوجود برامج "ساخرة" تنتقد الواقع بأسلوب فكاهي مُحبب زاده ألق الاختيار الملفت لمقدمي برامجها، ولا شك أن ثمة فريق عمل جيد يملك جرأة وإدراكا لكثير من مما يدور في فضاء رياضتنا "الملوث" العديد من الممارسات الخاطئة؛ ذلك ما شاهدناه جليًا مع برنامج "الأمور طيبة" بنسختيه الأولى والثانية، علمًا بأن شهر رمضان المبارك كان فيما مضى "سرير نوم" البرامج الرياضية.

 

(5)

 إنَّ النفحات الرياضية والتي ذكرتها على سبيل المثال لا الحصر، تحمل الأمل لرياضة عُمانية سعيدة، ومما أستوقفني في هذه النفحات ـ وربما أستوقفكم ـ انبثاقها من "اللجان" أكثر من غيرها، هذا الأمر يبدو حمال أوجه، ليس أوله جدلية أيهما أفضل التعيين أم الانتخابات؟! وليس آخره مقارنة حجم العمل بين اللجان والاتحادات وفوارق الضغوطات ـ إن وجدت ـ بينهما، وعلى العموم ما نتمناه ـ حقًا ـ أن تزداد هذه النفحات وتعطر كل الأماكن الصامتة منها والصاخبة، وأن لا تقتصر على مواسم قد تأتي وقد لا تأتي، والله نسأله التوفيق في هذه الأيام المباركة، وكل عام والجميع بخير بمناسبة قدوم عيد الفطر السعيد.