الوجه "القبيح" للرياضة

 

 

 

المعتصم البوسعيدي

 

من يُصدق ما حدث؟! عالم مُتغير يقوده جنون لا "يُبقي ولا يذر"، أخترق كل القيم، وفككك نسيجا اجتماعيا اكتشفنا في لحظة أنَّه "أوهن من بيت العنكبوت"، أبنية من الشعاراتِ البراقةِ أمست أطلال لا تغري الشعراء ليستفتحوا بها قصائدهم، بل وربما لا وجود ـ أصلاً ـ لشعراء يستحقون أن تُكتب قصائدهم "بماء الذهب" ولا "كعبة" هناك تزدان بالمعلقات!!.

 

المشهد "كارثي" وبقدر الألم الذي يوجع أصحابه بقدر الألم الذي يستشعره المشاهد المحايد، وقليلٌ هم المحايدون، وقد نتفهم الخلاف والتخاصم، لكننا لا نتفهم غربتنا عن "الخليج الواحد"، تداعيات سياسية ألقت بظلالها على كل شيء بما فيها تفاصيل الحياة الصغيرة، وفي كل يوم نصحو على طعنات من هنا وهناك، وثمة بشر يحبون "أكل لحم إخوتهم" أحياءً كانوا أم أمواتاً، وصندوق من "الغلِ" لم يغلقهُ دُعاء "اللهم لا تجعل في قلوبنا غلاً للذين آمنوا".

 

أوسع الموضوع نقاشا وتحليلاً وكلامًا غثًا وسميناً، ولقد دخل الحصار أو المقاطعة أو أي تسمية أخرى حيز الرياضة، ورأينا "عجائب" من التصرفات التي كان من الممكن تجاوزها بكل سهولة؛ هناك من غادر شقيقه دون أن يراعي حتى "الخبز والملح"!! وهناك من يترقب فرحًا سحب تنظيم مونديال 2022م شماتةً ونكاية!، وهناك من يتحيَّن الفرصة لزلة قديمة كانت أو حديثة ليُطلق الأحكام ويبتذل في الوصف والموصوف!، وعناوين "تصب الزيت على النَّار"، وفعليًا استبدل طاقم التحكيم القطري لمباراة الأبيض الإماراتي مع تايلند، وحجبت قنوات "بي إن سبورت"، بل حتى "مايكرفون" القناة صار غير مرغوب وفيه، وسؤال المراسل لا يُجاب عليه وسط سخرية القريب والبعيد!، والقادم يبدو أعظم وأكبر إن ظل الوضع دون حلول إيجابية، ناهيك عن التراشق الإعلامي غير المسبوق مع "عنتريات" وسائل التواصل الاجتماعي.

 

إنَّ القارئ البسيط للتاريخ الإسلامي وقيمه الإنسانية بالتحديد، سيجد أن كل المواثيق تحدد نهجاً في الخصومة، بل وفي الحروب،  فما حالنا مع أزمة نسأل الله ألا تطول، وأن تنجح كل المساعي الخيرة لرأب الصدع، وكم كنا نتمنى أن تنتصر الرياضة بوجهها الجميل الغالب على السياسة، على أن الحل يكمنُ ـ بالتأكيد ـ في نطاق "البيت الخليجي والعربي"، غير ذلك سنشهد بوضوح أكبر الوجه "القبيح للرياضة"؛ حيث انتهاء البطولات الخليجية في جميع الرياضات، ثم لا مكان للأرض والجمهور في البطولات القارية والعالمية، وتصعيد الإجراءات والعراقيل، وعند مفترق "كل حزب بما لديهم فرحون" سيخسر الجميع رهان القوة!!.

 

مع ظلمات "الشياطين البشرية" التي لم تُصفِدها حُرمة الشهر الفضيل بما تثيره من أقاويل "لا تسمن ولا تغني من جوع"، سيبقى الأمل مرهونًا بالمتغيرات القادمة على مستوى الوساطات وربما التغيير في موازين القوى، وعسى "العقبى" خير وصلاح للخليج وللأمة العربية والإسلامية، ولعلَّ باب الرياضة أحد الأبواب المشرعة للتلاقي، وأتمنى عدم تسيسها وتحييدها عن الجمال الذي تمارسه، وكم شاهدنا انتصارات إنسانية باسم الرياضة بين دول مُتحاربة فما بالكم ونحن الموحدين دينًا وعروبة ونسبًا وعادات وتقاليد وجغرافيا واحدة، "أفلا تعقلون"؟!.