أحمد السلماني
تشرفتُ قبل أيام بقبول دعوة كريمة لحضور جلسة حوارية بعنوان"الإعلام الرياضي وتوجهات الشباب الحديثة" وذلك ضمن كوكبة جميلة من الأسماء المُجتهدة في الإعلام الرياضي حضرت للاستماع إلى التجربة الإعلامية الثرية لاثنين من أقطاب الإعلام الرياضي وهما سالم الحبسي رئيس لجنة الإعلام الخليجي والمذيع الرياضي المعروف خميس البلوشي وذلك بتنظيم من الكلية العالمية للهندسة والتكنولوجيا بالخوير مشكورة، الهدف منها كان الوقوف والتأكيد على أهمية الرياضة والإعلام الرياضي في تثقيف وتوجيه الشباب نحو ما يُفيدهم ويُجنبهم ويلات الكثير من العادات والسلوكيات الخطيرة على حياتهم ومُستقبلهم ومستقبل وطنهم وأمتهم.
الجلسة كانت من التشويق شيئاً لا يوصف بعد أن أدار الحوار المذيعة الرياضية الرائعة سلوى الخنبشية والأهم كان النخبة من الحضور من أكاديميين وإعلاميين وطلبة لمست فيهم من الحماسة والرغبة في إثبات الشيء الكثير والسلبية الوحيدة التي صاحبتها كان محدودية الوقت وطبعًا كل استقى ما يُريد منها حسب اهتماماته.
بالنسبة لي شد انتباهي الطرح الخاص بالعوائد الاقتصادية الكبيرة للرياضة وشريك ديمومتها الإعلام، القضية التي لم ولن أمل من طرحها على ذوي الاختصاص بين الفينة والأخرى خاصة وأننا وفي هذه الأزمة الاقتصادية الخانقة التي تمر بها السلطنة والمنطقة وترديد عبارة" تنويع مصادر الدخل القومي" التي صارت ملازمة لكل البرامج والتقارير والمؤتمرات والندوات وحديث الشارع وكله يظل في خانة الثرثرة والاستهلاك الإعلامي ما لم يُصاحب ذلك إرادة حقيقية للتنفيذ.
وهنا أطرح الموضوع من زاوية تجارية، ولكن قبل ذلك فإنَّ السؤال الذي يطرح نفسه، هل هناك من توجه أو حتى طرح لمشروع "الاستثمار في الرياضة" لرفد اقتصاد البلاد في خضم المداولات التي أعقبت الانهيار الكبير في أسعار النفط؟، اعتقد جازمًا أن هذا لم ولن يحدث قريباً.
إذن إليكم بعض الحقائق المهمة، المناخ الآمن للاستثمار بالسلطنة هو أهم عامل لنجاح تجربة "الاستثمار الرياضي" فإن لم توجد نية للتعاطي مع هذا المساق على عوائده الكبيرة فلا بأس من إلحاقه بالقطاع السياحي كونه أحد أهم ركائز التنوع الاقتصادي بالسلطنة إضافة إلى قطاعات الزراعة والثروة السمكية والتعدين.
كذلك نحن نمتلك نظاما مؤسسيا رياضيا متكاملا أرست دعائمه الحكومة ولو تيسرت له منظومة إدارية متخصصة ومُحترفة في جلب الاستثمارات بقطاع الرياضة بتنظيم الفعاليات والبطولات الكبرى وما يصاحبها من إعلام والعوائد الاقتصادية المجزية فضلاً عن القطاعات التشغيلية التي ستصاحب مثل هذه الفعاليات.
كذلك فإننا بالسلطنة لدينا القوة البشرية المؤهلة لإدارة هذا القطاع الحيوي فبخلاف القاعدة الرياضية التي نمتلكها فإنَّ مخرجات التعليم العالي بالسلطنة كبيرة وهذه الطاقات الهائلة والمتوقدة لو وجهت نحو قطاع الاستثمار الرياضي والسياحي لكانت حلا جذريا لمعضلات التعمين والتوظيف، فضلاً عن الثراء الذي سيتحقق لشريحة مجتمعية كبيرة.
الأساتذة تحدثوا عن عوائد مالية كبيرة ومجزية للإعلام الرياضي في شراكته مع الرياضة وأرقام مذهلة يسيل لها اللعاب ولكنها بحاجة إلى عاملين هامين وهما، الإرادة من قبل الحكومة والمجتمع والإدارة الكفوءة، فالعوائد المالية من النقل التلفزيوني الفضائي للأحداث والبطولات مجزية ومغرية ولكن الواقع حالياً فرض على الإعلام الرياضي التعاطي فقط مع المنتج الرياضي المحلي كالدوريات والكأس الغالية والبطولات الرياضية الأخرى في النطاق المحلي لأنَّ المنافسة والمقارنة مع الشبكات التلفزيونية العالمية حاليًا ظالمة، والمدهش أن الإعلام الرياضي تفوق على المنتج ومنحه جرعات إعلامية مناسبة للنهوض به وأفضل مثال لذلك شهادة بعض محللي ومنفذي البرامج الرياضية بالشبكة القطرية bein sport بأن ما تمتلكه الهيئة العامة للإذاعة والتلفزيون من إمكانيات وأجهزة وأستديوهات تفوق في بعضها تلك الموجودة في هذه الشبكة فضلا عن الكوادر العمانية المؤهلة للتشغيل، أيضاً لا نغفل هنا الدور الكبير للصحافة الرياضية والفضاء الإعلامي الحديث في نقل الأحداث الرياضية المحلية وإبرازها.
دور كبير وفرصة للقطاع الخاص المحلي والأجنبي للاستثمار في القطاع الرياضي الواعد بالسلطنة شريطة توفير البيئة الحاضنة له من قبل المؤسسات المعنية بالسلطنة من إرادة وإدارة.