عبيدلي العبيدلي
كما جرت عليه العادة، أقامت الجمعية البحرينية لقاءها الرمضاني السنوي، لكن هذه المرَّة، بمُشاركة مميزة من شركة "أمازون" الأمريكية، ممثلة في شخصية رئيس إدارة القطاع الحكومي في شركة "أمازون" الأمريكية في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا زبن شوبغار، سوية مع حضور مكثف من قبل شركات قطاع تقنية المعلومات والاتصالات، تتقدمهم شركات رائدة من بينها شركة "بتلكو"، و"زين" و"فيفا".
وبوصف كونه المتحدث الرئيس في ذلك اللقاء، رسم شوبغار، في كلمة مقتضبة، لكنها غنية بالمعلومات، بعناية فائقة الصورة الراهنة لشركة "أمازون"، مركزًا على المحطات الرئيسة في مسيرة تلك الشركة التي أسسها جيفري بيزوس في يوليو 1994، ويقع مقرها الرئيسي في مدينة "سياتل"، كمستودع إلكتروني لبيع الكتب، قبل أن تتطور كي تتبوأ المكانة التي تحتلها اليوم، التي باتت تقدم، كما تؤكد مواقع المصادر المالية الإلكترونية خدماتها "لأربع مجموعات رئيسية من العملاء: المستهلكين، والبائعين، والمؤسسات، ومبدعي المحتوى. كما تقدم الشركة خدمات تسويقية وترويجية أخرى، مثل الإعلان عبر الإنترنت واتفاقات بطاقات الائتمان ذات العلامات التجارية المُشتركة. كما تخدم الشركة المطورين والشركات من جميع الأحجام من خلال (خدمات أمازون ويبAWS)، التي توفر الوصول إلى البنية التحتية للتكنولوجيا التي تمكن أي نوع من الأعمال تقريباً. وتعمل الشركة من خلال ثلاثة قطاعات: أمريكا الشمالية، الدولية، وخدمات الويب. ويشمل قطاع أمريكا الشمالية مبيعات التجزئة للمنتجات الاستهلاكية والاشتراكات من خلال المواقع التي تركز على أمريكا الشمالية مثل www.amazon.com و www.amazon.ca. ويشمل القطاع الدولي مبيعات التجزئة للمنتجات الاستهلاكية والاشتراكات من خلال مواقع الويب التي تركز على الأسواق الدولية. ويشمل قطاع خدمات الويب في أمازون المبيعات العالمية للحساب والتخزين وقاعدة البيانات وغيرها من عروض خدمات أوسع للشركات الناشئة والشركات والوكالات الحكومية والمؤسسات الأكاديمية". وتضيف تلك المصادر في حديثها عن المزيد من الإنجازات التي حققتها أمازون قائلة " إنه في العام 2015 أعلنت شركة أمازون عن صافي دخل قدره 596 مليون دولار مقارنة مع خسارة صافية قدرها 241 مليون دولار في العام السابق بسبب زيادة المبيعات يقابلها جزئيا ارتفاع تكاليف التكنولوجيا والمحتوى. كما ارتفع صافي النقد الناتج عن أنشطة التشغيل بنسبة 74٪ ."
وفَّر اللقاء، الذي عقد برعاية كريمة من وزير الاتصالات والمواصلات المهندس كمال أحمد، الذي أضفى على اللقاء نكهة خاصة مميزة، من خلال الأحاديث الجانبية التي تبادلها مع العديد من ممثلي الشركات ممن حضروا ذلك اللقاء، فرصة ثمينة لتبادل وجهات النظر بين الوزير وأولئك الممثلين حول مستقبل سوق وصناعة تقنية المعلومات البحرينية خلال الفترة المُقبلة، بكل مستجداتها، بما فيها دخول أمازون تلك السوق، ومشاركتها في تلك الصناعة.
رفع ما جاء في كلمة شوبغار بشأن توجهات "أمازون" وإستراتيجيتها تجاه السوق الشرق أوسطية من خلال مركزها الإقليمي في مملكة البحرين مجموعة من التساؤلات تمحورت حول النقاط التالية:
· ما هي الإضافات الكمية والنوعية التي سيفرزها انطلاق أعمال أمازون من البحرين على حجم ومن ثم نمو، سوق صناعة تقنية المعلومات والاتصالات البحرينية؟ وتطرق الحديث هنا إلى إمكانية الاستفادة مما توفره البحرين من مهارات بشرية محلية لتزويد عمليات أمازون في المنطقة. وهو ما يميز البحرين عن العديد من شقيقاتها الخليجيات.
· كيف ستهيئ البحرين نفسها، كقطاع عام وخاص على حدٍ سواء، كي تكون قادرة على التحول التدريجي المرن، من مجرد مستقبل جامد للخدمات التي ستوفرها أمازون، إلى حاضن ديناميكي متفاعل قادر على امتصاص تلك الخدمات، وإعادة بنائها في صورة جديدة مبتكرة، بعد إضافة قيمة جديدة لها؟.
· وفق أية معادلة سيتم تشييد هيكل العلاقة البناءة بين زوايا المثلث الجديد: القطاع العام، القطاع الخاص، وأمازون، بما يضمن مد السوق البحرينية بالحيوية التي تحتاجها كي تتحول من مجرد سوق استهلاكية لخدمات ومنتجات أمازون، إلى أخرى ذات طبيعة مزدوجة مبتكرة سواء في الاستهلاك أو الإنتاج؟
· في أية هيئة سيجري مد قنوات التفاعل المثمر بين مخرجات التعليم، وعلى وجه الخصوص المهني منها، واحتياجات السوق التي من المتوقع أن تشهد تحولا نوعيا عند ممارسة أمازون خدماتها في السوق البحرينية؟ وهنا حذرت النقاشات الجانبية التي جرت على هامش حديث شوبغار، من الوقوع فريسة سهلة لأشكال القنوات التقليدية التي هجرتها تطورات صناعة تقنية المعلومات والاتصالات التي ولدتها ثورة المعلومات.
محطة مميزة توقفت عندها تلك النقاشات الجانبية، وهي الفرص الكبيرة بآفاقها الواسعة التي توفرها التحولات التي عرفتها أمازون في مسيرتها التطورية، وعلى وجه التحديد في قطاع "صناعة المحتوى". ففي أسواق صناعة تقنية المعلومات والاتصالات أصبح المحتوى هو الحاكم بأمره، ومن ثم فمن يملك مفاتيح كنوز بناء محتوى أصيل مبدع، يمسك بزمام سوق تقنية الاتصالات والمعلومات، ويتحكم في مفاصلها. ومتى ما جرى الالتفات نحو هذه الفرص بشكل استراتيجي، فمن السهولة بمكان الحديث، بشكل جدي عن تنويع الاقتصاد، والخروج من عنق زجاجة الاعتماد على النفط كمصدر رئيس من مصادر الدخل القومي. ومن الخطأ الفادح حصر المحتوى، كما يتوهم البعض، في النصوص، أو الصور، أو حتى أشرطة الفيديو، في هيئاتها التقليدية. فصناعة المحتوى اليوم، هي إطار شامل يضم كل ما سبق، لكن بعد نسجه في شبكات معقدة تبث فيه روح الديناميكية الممزوجة بالإبداع.
لقاء "بتك"، كان كما جرت عليه العادة، ممتع ومثمر في آن، ومتميز أيضًا لمن شارك فيه وهو يحمل في ثنايا صدره مهمة تحويل البحرين إلى مركز إقليمي عصري لصناعة المعلومات والاتصالات، وهو ما أثارته تلك الأحاديث الأمازونية في تلك السهرة الرمضانية.