الثانية عشرة بتوقيت "الملكي"

 

 

 

حسين بن علي الغافري

 

مُباراة نهائية مُثيرة حقَّق فيها ريال مدريد لقبه الأوروبي الثاني عشر والثاني توالياً على حساب يوفنتوس الإيطالي على أرضية ملعب كارديف بويلز. مُباراة كبيرة أثبت فيها الملكي عُلو كعبه الأوروبي وتسيّده للقارة العجوز ومُضاعفته لرقمه القياسي في عدد مرات التتويج باللقب.. وفي الجانب الآخر فحلم يوفنتوس بالثلاثية التاريخية والظفر باللقب الأوروبي بعد سنوات عجاف تبخّر ولم يُكّتب له أن يتحقق، واصطدم بكتيبة بيضاء أكلت الأخضر واليابس وعمّقت السقوط ليكون برباعية تاريخية مؤلمة. عُموماً هي مُباراة مثالية وغنية بالقراءات المُستفادة من الناحية الفنية .. خُصوصاً من جانب الملكي في شوطه الثاني الذي عرف من أين تُؤكل الكتف، وكيف تمكّن  من أن يقضي على يوفنتوس بالضربة القاضية مثلما أراد ذلك، وخطط له زيدان.

توقعنا نهائياً مُتكافئاً في الميدان وهو ما تحقق في شوط المباراة الأول فقط وآلت نهايته إلى التعادل الإيجابي. إلا أنَّ شوط المُباراة الثاني كان مُغايراً بما تعنيه الكلمة من معنى وتفوق الريال بثلاثية نظيفة وباستحواذ وسيطرة مُطّلقة بالطول والعرض. عوامل عديدة يمكن استنباطها من لقاء النهائي: أولها عمق الخبرة الكبيرة التي يمتلكها ريال مدريد دون غيره من المنافسين في التعامل مع النهائيات خصوصاً الأوروبية منها، وهو أمر تفتقده السيدة العجوز الذين خسروا سابع نهائي، والثاني في آخر ثلاث مواسم بعد خيبة الأولمبي ببرلين وسقوطهم بثلاثية في النهائي أمام برشلونة. بالإضافة إلى قراءة زيدان الفنية طيلة شوطي المباراة والتي يثبت من خلالها يوما بعد يوم عن ذكاء وقدرات كبيرة في تسيير المباراة لصالحه نصّبته بطلا لأوروبا مرتين إلى جانب تحقيقه اللقب المحلي قبل أسبوعين فقط. بالعودة إلى المُباراة، ففي شوط المباراة الأول استدرج زيدان يوفنتوس للهجوم والتقدم بهدف مُبكّر وهو ما خلق مساحات كبيرة في الخلف عند الارتداد يمتاز فيها لاعبو الريال بالسرعات والتعامل مع الهجمات المُعاكسة.. ليتقدم الريال بهدف السبق. التعادل بالنسبة ليوفنتوس لم يغير الشيء الكثير .. لم تتحسن الفرص ولم تكن الكرة تصل إلى المُهاجمين إلا في حالات لا تشكل خطورة تُذّكر. وهُنا يمكن أن نتطرق إلى قوة وسط الميدان الملكي في إدارة شكل المباراة وهو أمر أشرت إليه الأسبوع الماضي بمقالي عندما ذكرت بأنَّ أن العنصر الفاعل للريال في الموسم الحالي هو خط الوسط والظهيرين، بالإضافة إلى القراءة الذكية وتعامل زيدان مع نجومه بصورة ضمنت له عطاء أكبر عدد من لاعبيه سواء الأساسيين أو الاحتياطيين.

.. ختاماً، على الجميع أن يهنئ هؤلاء اللاعبين بما قدّموه وعلى الألقاب التي حققوها هذا الموسم. موسم رياضي آخر كبير للريال؛ الأمر الذي يجعلنا نقول بأنَّ هذه الأسماء قادرة على العطاء لسنوات قادمة وتحقيق ألقاب مضاعفة. الريال نجح في استثمار المواهب التي انتدبها وبنى عليها طموحاته. سياسة جلب النجوم عشوائياً وبأرقام مالية فلكية لم تعُدّ تُشكّل مُفتاحا للألقاب في أي بقعة بالعالم إذا لم تقترن بخطط مدروسة .. ولذلك المُتابع لأسعار اللاعبين الذين انتدبهم الريال في المواسم الأخيرة أغلبها والأميز منهم جاءت بأرقام مالية بسيطة في عالم السوق الرياضي العالمي. الوضع اختلف والريال أصبح ينتدب الأسماء الموهوبة الطموحة التي يضمن من خلالها تحقيق الإضافة في منافساته.

استمرار هؤلاء اللاعبين وتدعيم المجموعة بإضافات جديدة يضمن لنا رُؤّية الملكي في القمة للمواسم المُقبلة. الثانية عشرة جاءت بسرعة ونتوقع بأن الثالثة عشرة والرابعة عشرة ليستا ببعيدتين إذا ما ثبتت طريقة إدارة الفريق الحالية واتُخذتْ مسارا ثابتا للريال. مبارك للريال وجمهوره الكبير نهاية الموسم الرياضي بأغلى الألقاب. فعلاً فريق ممتع وبطل استحق اللقب.

 

HussainGhafri@gmail.com