إنهم لا يحترمون معتقداتنا وتقاليدنا

مسعود الحمداني

حِيْن تزُور أيَّ دولة في العالم، عليك أن تحترم عاداتها، وتقاليدها، ودينها كذلك.. عليك ألا تُسِيء إلى بقرة في الهند مثلا، وأنْ لا تأكل العلكة في سنغافورة، وأنْ لا تزعج جيرانك بأي شكل من الأشكال، أو أن تعبر الشارع من غير المكان المخصَّص للمارة في عموم أوروبا، وغير ذلك من قوانين تراها كل دولة مناسبة لها؛ لذلك فعلى أي زائر احترام هذه القوانين في تلك البلدان، وإلا سيتعرَّض لعقوبات لا يتوقعها. وفي السلطنة -كما في غيرها- هناك قوانين تجرِّم انتهاك الحُرمات العامة، غير أنها غير مفعلَّة بالقدر الكافي؛ لذلك يتجرَّأ البعض على تجاوزها مع سبق الإصرار والترصد دون خوف من عقاب أو ردع، وهو ما يُعتبر استهتارا بقوانين الدولة ومجتمعها.

ولشهر رمضان خصوصيته وقداسته لدى عموم المسلمين، غير أنَّ ذلك لم يَرْدَع بعض الوافدين، وبعض العمانيين كذلك من انتهاك حرمته، والتعدي على قداسته، فليس غريبا أن تشاهد نساءً وافدات في النهار يرتدين (الشورتات) أو الملابس غير المحتشمة في الأماكن العامة، ويتجوَّلن بحُرية دون احترام مشاعر المسلمين، وليس مستغربا أن تشاهد بعض الشباب والعمال وهم يجاهرون بالفطر ويأكلون ويشربون وكأنهم يتحدُّون تقاليد المجتمع، فضلا عن تعدِّيهم على مُعتقدات ودين الدولة الرسمي.

والأغرب من ذلك أنه لا توجد مناشدة حازمة من جهات الاختصاص في وسائل الإعلام منذ اليوم الأول تطالب غير المسلمين باحترام حُرمة الشهر الفضيل، ولا توجد حملات أو لوائح وقوانين صارمة تطبَّق في المجمعات والأماكن العامة تشدِّد على أهمية لبس الملابس المحتشمة للجنسين أثناء ارتياد هذه المجمعات أو الأماكن العامة، وضرورة احترام مشاعر وعادات وتقاليد البلاد في شهر رمضان على وجه الخصوص، وكأنَّ الأمرَ لا يعني هذه الجهات، ولا يمس مشاعر المواطن والمسلم بشكل عام.

في قانون الجزاء العماني في الباب الحادي عشر تحت بند (القباحات) تنص المادة رقم (312) على أنه "يعاقب بالسجن التكديري أو الغرامة من ريال إلى خمسة ريالات أو بإحدى هاتين العقوبتين، كل من أقدم على: "نقض الصيام علنا في شهر رمضان من قبل المسلمين دون عذر شرعي"، وكذلك: "الظهور في أمكنة عامة بصورة مخالفة للحشمة". ورغم العقوبة البيسطة وحصر العقاب على المسلمين المخالفين لقواعد الصوم، إلا أن القانون يجب أن يمتد إلى غير المسلمين الذين ينتهكون حرمة شهر رمضان، وإلزامهم بعدم المجاهرة بالأكل والشرب في الأماكن العامة، والتشديد على ارتداء الملابس المحتشمة -في هذا الشهر على الأقل- احتراما لمعتقد الأغلبية المسلمة في هذا البلد، إلى جانب تغليظ العقوبة بشكل حازم على المخالفين والنظر في هذه المادة من قانون الجزاء العماني لتكون رادعا حقيقيا لضرورة احترام عادات وتقاليد المجتمع العماني؛ فاحترام تقاليد وموروثات أي مجتمع من قبل المقيمين والزائرين فيه دليل على هيبة الدولة ذاتها.

من الغريب أنْ نَجِد المواطنَ الأوروبيَّ والآسيويَّ يطبِّق قوانين دولته بحذافيرها داخل بلده، ونعتبره بالنسبة لنا نموذجا ومواطنا مثاليا علينا أن نقلِّده، بينما ينقلب هذا المواطن الأجنبي رأسا على عقب في بلادنا، ولعل مردَّ ذلك إلى أنه يعلم أن بعض القوانين المتعلقة بالجوانب الاجتماعية معطلَّة لدينا، ويرى أمامه نماذج تسرح وتمرح دون رقيب أو حسيب فيتجرأ -من باب العدوى- على التعدِّي على حرمة الآداب العامة، والمعتقدات الدينية؛ فمن أَمِن العقوبة أساء الأدب، وما أكثر غير المتأدبين مع عاداتنا وتقاليدنا، وديننا، والذين حان الوقت لوقف استهتارهم من خلال سن تشريعات رادعة، قبل أن يستفحل الأمر، وتعم عدواهم.

Samawat2004@live.com