البلسم الشافي (الجزء الخامس) (2)

حمد الحوسني

أيّها الإخوة الكرام والأخوات الكريمات، كان الحديث يوم أمس عن أهمية أن يحمد الله ويشكره من أدرك شهر رمضان المبارك وهو في صحة وعافية وقوة وأمن وسلام.

وقد طرح التساؤل الآتي: كيف يكون ذلك؟

وللإجابة عنه فقد ذُكِرَتْ في اللقاء الماضي نقطتان:

أولا: استشعار عظيم النعم التي تغمرنا بفضل من الله وتوفيق.

ثانيا: استغلال هذه النعم وتسخيرها فيما يرضي الله -عز وجل- ولما خلقت من أجله.

وفي هذا اللقاء أواصل إكمال الإجابة على ذلكم التساؤل:

ثالثا: عدم منع أي حق من الحقوق الواجبة في تلك النعم؛ فالحذر الحذر أن يكون حالنا كحال من ذكرهم الله -تعالى- في كتابه عندما قال: (وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ أَنفِقُوا مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ قَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنُطْعِمُ مَن لَّوْ يَشَاءُ اللَّهُ أَطْعَمَهُ إِنْ أَنتُمْ إِلَّا فِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ. وَيَقُولُونَ مَتَى هذا الْوَعْدُ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ. مَا يَنظُرُونَ إِلَّا صَيْحَةً وَاحِدَةً تَأْخُذُهُمْ وَهُمْ يَخِصِّمُونَ. فَلَا يَسْتَطِيعُونَ تَوْصِيَةً وَلَا إِلَى أَهْلِهِمْ يَرْجِعُونَ. وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَإِذَا هُم مِّنَ الْأَجْدَاثِ إِلَى رَبِّهِمْ يَنسِلُونَ. قَالُوا يَا وَيْلَنَا مَن بَعَثَنَا مِن مَّرْقَدِنَا هذا مَا وَعَدَ الرَّحْمنُ وَصَدَقَ الْمُرْسَلُونَ. إِن كَانَتْ إِلَّا صَيْحَةً وَاحِدَةً فَإِذَا هُمْ جَمِيعٌ لَّدَيْنَا مُحْضَرُونَ. فَالْيَوْمَ لَا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئًا وَلَا تُجْزَوْنَ إِلَّا مَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ) [سورة يس:

47-54].

والمؤمن لا يكون له مَثَلُ السوء، ولا يتشبه إلا بكرام الأفعال والأقوال والنوايا؛ ولذا تراه يجانب سلوك طريق الجاحدين لأنعم الله الذين لا يؤدون حقها؛ بل قد يصل بهم الأمر إلى الاستهزاء بالمُنْفِقين الذين لا يملكون إلا القليل ولمزهم وعيبهم؛ ألم تستمعوا إلى قول الله -تبارك وتعالى-: (وَمِنْهُم مَّنْ عَاهَدَ اللَّهَ لَئِنْ آتَانَا مِن فَضْلِهِ لَنَصَّدَّقَنَّ وَلَنَكُونَنَّ مِنَ الصَّالِحِينَ. فَلَمَّا آتَاهُم مِّن فَضْلِهِ بَخِلُوا بِهِ وَتَوَلَّوا وَّهُم مُّعْرِضُونَ. فَأَعْقَبَهُمْ نِفَاقًا فِي قُلُوبِهِمْ إِلَى يَوْمِ يَلْقَوْنَهُ بِمَا أَخْلَفُوا اللَّهَ مَا وَعَدُوهُ وَبِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ. أَلَمْ يَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ سِرَّهُمْ وَنَجْوَاهُمْ وَأَنَّ اللَّهَ عَلَّامُ الْغُيُوبِ. الَّذِينَ يَلْمِزُونَ الْمُطَّوِّعِينَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ فِي الصَّدَقَاتِ وَالَّذِينَ لَا يَجِدُونَ إِلَّا جُهْدَهُمْ فَيَسْخَرُونَ مِنْهُمْ سَخِرَ اللَّهُ مِنْهُمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ) [سورة التوبة: 75-79]؟ فلنحذر من سلوك طريقتهم أو اتباع منهجهم؛ لأن ذلك سبيل الدمار، وجالب العار والشنار: (وَلَا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَبْخَلُونَ بِمَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ هُوَ خَيْرًا لَّهُم بَلْ هُوَ شَرٌّ لَّهُمْ سَيُطَوَّقُونَ مَا بَخِلُوا بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلِلَّهِ مِيرَاثُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ. لَّقَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ فَقِيرٌ وَنَحْنُ أَغْنِيَاءُ سَنَكْتُبُ مَا قَالُوا وَقَتْلَهُمُ الْأَنبِيَاءَ بِغَيْرِ حَقٍّ وَنَقُولُ ذُوقُوا عَذَابَ الْحَرِيقِ) [سورة آل عمران: 180-181]؛ فبدل أن يشكروا نعمة الله عليهم جرأتهم نفوسهم الآثمة فوصفوا الله - تعالت صفاته، وتقدست أسماؤه- بما لا يليق؛ فقالوا إن الله فقير!!!

(سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يَقُولُونَ عُلُوًّا كَبِيرًا) [سورة الإسراء: 43].

* أمين الصندوق بالجمعية العمانية للعناية بالقرآن الكريم، والمشرف العام لمسابقة رتل وارتق للقرآن الكريم