احترموا الإعلام الرياضي

 

أحمد السلماني

لطالما ارتبط نجاح عمل أي مؤسسة أو مشروع أو فعالية أيا كان نوعها بالإعلام وتغطيته لكافة الجوانب المتعلقة بتلك الفعالية فما بالكم لو كانت هذه واحدة من أكبر التظاهرات الرياضية والكروية بالسلطنة؛ ألا وهي نهائي كأس مولاي جلالة السلطان المعظم لكرة القدم، النهائي الحلم الذي يستنفر كل المنظومة الرياضية من وزارة واتحاد اللعبة والإعلام لضمان خروجه بالصورة المثلى والتي ترقى والاسم الكبير والغالي الذي تحمله، إنّه أغلى الألقاب.

جهود كبيرة تلك التي بُذلت وطاقات بشرية وتقنية عالية استنفرت من أجل إبراز الحدث وظهوره كما يجب، وقد نجح القائمون على ذلك بعد تلك الصورة المُبهرجة والأضواء بألوانها الساحرة والحضور الجماهيري المقنع إلى حد ما خاصة من جانب السويق وجماهير الباطنة القريبة جغرافيا من موقع الحدث الرياضي الأهم على الإطلاق.

المباراة لم ترتقِ لمستوى الحدث ولا إلى الهالة الإعلاميّة التي سبقتها سوى في 20 دقيقة فقط من شوطها الثاني وهي الفترة التي حسم فيها البطل المباراة وأحرز لقبها للمرة الثالثة، عدا ذلك فإنّ اللاعبين لم يكونوا في الملعب سوى أشباح ذكرتني بالهنود الحمر وهم يرقصون حول النار، ومع ذلك فقد حقق حكيم شاكر وأبناؤه المطلوب حيث لن يذكر التاريخ سوى النتيجة والبطل أمّا العروض الكروية فلن يتذكرها أحد.

ويبدو أنّ المنظمين قد أغفلوا جانبا مهما للبطولة وهو الإعلام الرياضي الذي سخر آلته الإعلامية الضخمة المسموع والمرئي منها والمقروء فضلا عن الفضاء الإعلامي الجديد لإبراز الحدث ومنذ فترة ما قبل وبعد؛ وهذا واجبه.

إن الآلة الإعلامية الضخمة هذه التي صاحبت الحدث كان وراءها جنود أوفياء لمهنة المتاعب، ولكن أن يأتي الصحفي لموقع الحدث ولديه تصريح خاص بالكأس نفسه ولا يسمح لسيارته بالدخول قريبا من المنصة خاصة المصور وحتى المحرر ويقومون بحمل معداتهم الثقيلة من كاميرات وحوامل وحواسيب وعندما يصل للمنصة المخصصة للإعلاميين يجد أنّها محتلة من قبل الجماهير وبعضهم جلب أطفاله وما تبقى من كراسي هي في المنطقة الدنيا التي لا تسمح بمشاهدة المباراة حتى أضطر بعض الزملاء إلى الجلوس على الممر الخاص بمدرج المنصة واضطررنا للوقوف كثيرا فماذا عسى أقلامنا أن تكتب لحظتها، المدهش في الأمر أن اتحاد الكرة هذه المرة كان صارما في استصدار التصاريح الإعلامية وبمحدودية ولكنه أفرط في الدعوات الخاصة التي شاهدتها مرمية على أرضية المنصة وكأنها منشور ملقى من الجو في حين لا زلت وزملاء آخرين لي نحتفظ بتصاريح دخول "خليجي 19" وما بعدها من تصاريح.

وبعد انتهاء الحدث وكما جرت العادة وحسب البروتوكول المعروف كان لا بد من أخذ تصريحات راعي مباراة النهائي ومعالي الوزراء والمسؤولين ولكن الحضور من الجماهير حال دون أن نتمكن من الولوج إلى الصالة المعدة لذلك ولكن على كل حال فهو مجرد بروتوكول رغم أنني كنت قد أعددت سؤالا أتمنى أن يصل لمعالي مستشار جلالة السلطان لشؤون التخطيط الاقتصادي، إن كان هناك من "منظور يدرس إمكانية الاستثمار في الرياضة" كرافد في اقتصاد السلطنة، وهو يسعى لتنويع مصادر الدخل لها وبالتالي القفز بواقعها الحالي نحو آفاق أفضل وأرحب وبعوائد اقتصادية للمنظومة الرياضية وللبلاد؟ بدل سؤاله عن انطباعه عن المباراة وبما شاهده!

إنّ الإعلام الرياضي نفسه لم يحترم ذاته ليحترم ويمنح حقوقه نظير ما يقدمه من واجب، نسخ ولصق وتطبيل ومجاملات ووزارة واتحاد يجاملان مؤسسة إعلاميّة محسوبة عليهما وهكذا دواليك وهذا هو المقابل وهذا هو المآل، جل ما أتمناه هو تدارك هذا الأمر في المناسبات القادمة.

لجنة الإعلام الرياضي بجمعية الصحفيين عليها مسؤولية كبيرة في مراجعة "المنظومة الإعلامية الرياضية" للوقوف على هم الإعلام الرياضي بكافة أطيافه بعد أن تخلى عنه رموزه واكتفوا بالظهور والطنطنة بوسائل التواصل الاجتماعي، والبقية الباقية عليها المثابرة في فرض مهنيتها واحترامها للآخر بدل اللهاث وراء سفاسف الأمور من سفرات وهدايا وعطايا تنتقص من هيبة الصحفي، أفلا تتدبرون؟