"موناكو".. دعوة لتعلم طريق النجاح

 

حسين الغافري

(1)

في مُفاجأة كبيرة وغير مُتوقعة حقق نادي موناكو لقب الدوري الفرنسي مُتجاوزاً كل الأندية وبالأخص الأموال القطرية في إدارة باريس سان جيرمان ونُجوم عالمية يمتلكها الفريق أدّت إلى سيطرته المطلقة في الأعوام الأخيرة. أكثر ما يُحسب لموناكو طيلة موسمه الكبير المُنقضي كان في ابتعاد الماكينة الإعلامية عنه في مُستهل مشوار اللقب حتى نهاية فبراير أو بداية مارس. الغالب كان يظُن بأن كل ما يقوم به نادي الإمارة لا يتجاوز "حماس" و"توفيق مؤقت" يُغلّفه جُهّدْ مجموعة شابة توقّع الكثيرون ألا تذهب بعيداً. هذا المُعطى منح موناكو شيئاً من الهدوء في تعامله مع بطولة الدوري المحلي ودوري أبطال أوروبا وأخذ بالسير في سلسلة الانتصارات ليحقق لقبه الثامن.   

(2)

يمكن القول بأن موناكو حقق لقبا تاريخيا فِعلاً برصيد قياسي من النُقاط وصل إلى 95 نقطة مُتقدم بفارق وصل إلى ثمان نقاط عن منافسه الباريسي بعد تغلبه في الجولة الأخيرة على رين. التتويج جاء ظنه الكثيرون خارج التوقعات في ظل وجود باريس سان جيرمان ونجومه ذات القيمة العالية. مُوناكو حقق الدوري الفرنسي للمرة الثامنة في تاريخه، والأولى له بعد ما يُقارب 17 عامًا من آخر تتويج بالدوري، بميزانية هزيلة رغم أنّه بإدارة يدها الكبرى تعود للملياردير الروسي ديمتري ريبولوفليف، وتجاوز هذا الموسم النادي الباريسي المُحّتكر للبطولة آخر أربعة مواسم، وهو ما علّق عليه المدير الفني جارديم بعد التتويج بقوله: "إن تتويج موناكو بلقب البطولة الفرنسية، تساوي في المُقابل 4 ألقاب لنادي باريس سان جيرمان" كونه على تعبير جارديم أمر طبيعي في تتويج باريس سان جيرمان بالألقاب والبطولات، أمّا نادي موناكو فالموقف مختلف كثيراً وليس بتلك السهولة!.

(3)

بطل النجاح الأول المدرب البرتغالي ليوناردو جارديم الذي كان له دور محوري في التتويج بذكائه في توليف شكل الفريق وعناصر شابة أمثال الحارس دانييل سوباسيتش وجبريل سيدبي وجواو موتينهو والموهبة الشابة إمبابي والمخضرم الكولومبي رادميل فالكو. نجاح موناكو تأتى بهدوء ذكي في تعامل الإدارة مع المدرب واللاعبين وتوفير بيئة رياضية تمنح عناصر النجاح. بالإضافة إلى الاستقرار الإداري واكبه ذكاء كبير في استقطاب أسماء مغمورة وطموحة للفريق وبأموال بسيطة أصبحت أندية أوروبا تتهافت عليها بعد الأداء الكبير الذي قدموه. مع نجاح موناكو محلياً لا يمكن إغفال نجاحه الأوروبي ووصوله إلى نصف نهائي البطولة والخروج أمام بطل إيطاليا نادي يوفنتوس.. الوصول إلى هذا الدور لم يكن سهلاً إطلاقاً ويحسب لهم كإنجاز إضافة لبطولة الدوري. إجمالاً، ما يحدث لموناكو يذكرنا بأمر مُماثل حدث العام الماضي في نادي ليستر سيتي الإنكليزي وحصده اللقب في ظل وجود أندية بميزانيات هائلة تتجاوز ليستر بفوارق كبيرة. ليبريغ الألماني كذلك حقق الشيء الكثير بعد صعوده إلى الدرجة الممتازة في ألمانيا واحتلّ مركز الوصافة. ما يمكن أن نقوله في ختام المقال: إنّ الركيزة الأساسية للنجاح والألقاب ليست المال وحده ولو أنها ركيزة هامة وضرورية في عصر الاحتراف، ولكن يبقى الأهم هو الاستقرار والتخطيط الجيد وقياس الطموح بحسب القدرات المتاحة شيئاً فشيئاً. طريق يحتاج لأنديتنا محلياً أن تسلكه وتتعلم منه في مختلف الرياضات وليس في كرة القدم فقط.. البطولات والألقاب ليست حكراً لقوة المال فكم من ينفق الكثير ولا يحصد ما يرنو إليه.. العطاء بقدر البذل.