المعتصم البوسعيدي
يختلفُ تعريف التنافسية بإختلافِ المؤسسات والمجالات ولا يوجد تعريف ثابت لها، لكن كل التعاريف تلتقي حول "الإستغلال الأمثل لكافة الموارد وتحقيق الرفاهية؛ بإتباعِ أفضل الأساليب والممارسات" وللتنافسيةِ مُكونات وقياس وأهداف تُبين مكامن القوة وتحسن من الأداءِ وفق شفافية مُعلنة.
التنافسية الظاهرة على لقبِ دوري "عمانتل" للمحترفين أو حتى على النزول خاصة فيما يتعلق بمباراة الملحق، باتت ـ حسب رأيي ـ سمة حاضرة في هذا الموسم والمواسم السابقة أيضًا، واليوم وقبل الجولة الأخيرة نجد نادي ظفار على بُعد نقطة واحدة عن اللقب الذي غاب عنه طويلاً في حين يلعب الشباب بفرصة واحدة تتمثل في الفوز لا غير على الزعيم في معقله بمحافظة الجمال والخريف الآسر، بعدما أفلت ـ أي الشباب ـ كل حبات العقد من يديه!! أمّا العروبة فحاول بجد ومثابرة ولكن "النفس الأخير" لم يسعف سفينته للوصول إلى الميناء الأخير، إلا أنه سيظل متطلعًا للوصافة التي من المتوقع أن ينالها حسب نتيجة مباراة التتويج بين ظفار والشباب، وفي المقابل وبعدما تأكد عودة الرستاق وجعلان لدوري الأولى، بقت الإثارة حاضرة فيمن يهرب من ثالث الترتيب بحسبة العد التنازلي مع حظوظ وافرة لمسقط وعُمان وحظوظ قليلة للخابورة الذي يتوقع لعبه المباراة مع نادي مرباط؛ حيث كان الصراع على الهبوط أكثر اتساعًا قُبيل الجولات الختامية.
إنّ التنافس الظاهر على التتويج والهبوط في دوري "عُمانتل" للمحترفين ربما لا يعني التنافسية بمعناها الحقيقي المُعرف في بداية المقال؛ فظفار مثلاً البطل المرتقب ـ نظريًا ـ استبدل مدربه في هذا الموسم ثلاث مرات رغم الجدية والرغبة والإعداد الجيد للفريق من قبل مجلس الإدارة والواضح في "كاريزما" رئيسه الشيخ علي الرواس. ويبدو أن الزعيم يحتاج هذه البطولة بالذات "بأي ثمن" ومستعد للتضحية بكل شيء، ومع أنني أُكِبر هذه الرغبة إلا أن الاستعجال قد يسبب إشكاليات كثيرة، ويعطل من ديمومة العمل لهذا الموسم وما يليه، والأمر قد ينسحب على أغلب أنديتنا التي تبدل من جلدتها على مستوى اللاعبين والمدربين بصورة تغلب عليها العشوائية وردات الفعل السريعة.
قياس التنافسية في الدوري إذا ما عملنا مقاربة في المكونات والقياس وما تحققه ربما سيوجد نتيجة "مُخيبة"؛ فالعمل غير واضح في الأندية منذ لحظة الإعداد وحتى نهاية الموسم، وهناك أمثلة كثيرة، ليس أولها الإستعداد الضعيف وليس آخرها عدم وجود أولوية في الأهداف المُعلنة للنادي عن الموسم، والتي يُمكن أن تكون معنية بالبقاء في الدوري لا غير والسعي لمركز في المنطقة الدافئة واللعب على هذا الوتر بحكم قيمة النادي وكينونته بين مصاف الأندية، إضافة إلى الميزانية العامة للنادي، وهذا ليس بالعيب على الإطلاق، وأعتقد أنّ وجود الحوافز من قبل الاتحاد العماني لكرة القدم مهم جدًا ليس للثلاثة المراكز الأولى فقط؛ بل لباقي المراكز من حيث توزيع حصص المشاركات الخارجية والمحصلة المالية لكل مركز؛ مما يجعل التنافس أكبر وقد يلغي نغمة "المعزوفة المشروخة" للتساهل والتلاعب في الجولات الأخيرة وإن كان هذا الأمر ليس حكرًا لدورينا دون غيره.
نتمنى أن تكون هناك تنافسيّة حقيقية مُنظمة في المؤسسات الرياضية تعتمد على إحصائيات وأرقام ومعلومات منشورة، وضمن قوانين وأنظمة وسياسة معلومة، على ألا تحتكر المؤسسة تقييم عملها بشكل ذاتي، بل تتيح المشورة من الأفراد والمؤسسات على حد سواء، دورينا بأمانة يمكن أن يتحسّن بصورة مُلفتة إذا ما صنعنا هذه التنافسية وأوجدنا حلا جذريا للعشوائية، وأعتقد أن ضبط الإيقاع مسؤولية اتحاد اللعبة بنسبة كبيرة، علاوة على فهم التنافسية ـ على العموم ـ من الأندية بأنّها مؤشر نمو متصاعد يحتاج دائمًا للتطوير والابتكار.