" الفطيسي واحد منهم"

 

طالب المقبالي

سبعة وأربعون عاماً من عُمر النهضة عايشتها لحظة بلحظة، وإن كانت البداية في مرحلة الطفولة قد لا تسعفني الذاكرة فيها لاستيعاب الأمور من حولي كطفل ما زال في الصف الأول الابتدائي مع بداية النهضة المُباركة.

ولعل المرحلة من عام 1975 هي المرحلة الحقيقية لبدء استيعاب الأمور التي تحدث من حولي وأعتقد أنّها كافية لتمييز الأمور، فحينها كانت نقطة التحول الحقيقي في إدراكي للحياة والتي بدأت معها مرحلة تمييز الصحيح من الخطأ، وما قبل ذلك كانت مرحلة استكشاف للعالم المحيط من حولي والذي يصاحب مرحلة التحول في البلاد.

فالمواطن بطبعه خير مُقيِّم للأمور التي تحدث من حوله وفي مُحيطه، من خلال جودة ما يُقدم إليه من خدمات، فإذا ما أردنا تقييم ما نقوم به يجب أن نسأل المواطن المعني بالأمر من خلال الاستفتاء كما هو الحال في الغرب الذي نتخذه قدوة إلا في مثل هذه الأمور.

سنوات مضت، وزراء رحلوا، ووزراء أتوا، وزراء تنقلوا من وزارة إلى أخرى، ووزراء نجحوا وأبدعوا، ووزراء أخفقوا ومضوا في حال سبيلهم.

هذه سنة الحياة، فلو دامت لغيرك ما آلت إليك، جملة سمعناها وراقت لنا، ومن هنا نستطيع تقييم من رحلوا ومن هم باقون، فليس كل من رحلوا غير صالحين، وليس من بقوا جميعهم صالحين.

فهناك وزراء تمنيت استمرارهم من الذين رحلوا والذين أكنُّ لهم كل الاحترام والتقدير لجهودهم الملموسة وإخلاصهم ووفائهم لهذا البلد ولقائد مسيرته مولانا حضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم -حفظه الله- .

معالي الدكتور أحمد بن مُحمد الفطيسي وزير النقل والاتصالات أحد الوزراء الذين عملوا وأخلصوا وبذلوا قصارى جهدهم لخدمة هذا الوطن، فكل ما ذكر هذا الاسم تتسلل إلى نفسي البهجة والسرور، وترتسم في مخيلتي تلك الإنجازات التي حققتها وزارة النقل والاتصالات في عهده، بدءًا من طريق الباطنة السريع الذي يعتبر تحولاً ونقلة نوعية في الطرق في السلطنة، وكذلك طريق بدبد، صور، هذا الطريق الذي سيوقف نزيف الدماء التي ظلت تنزف طوال أربعة عقود ونصف العقد، ولنعرج قليلاً إلى مطار مسقط الذي كان قاب قوسين أو أدنى من الفشل، وكذلك مطار صلالة، ولا ننسى إنشاء عددٍ من المطارات في عدد من المحافظات من أجل تيسير التنقل الداخلي وتنشيط العملية السياحية والاقتصادية، وتأكيد التواصل الاجتماعي والأُسري من تسهيل التنقل بين المُحافظات، ولا يفوتنا أن نذكر مشروع سكة الحديد بالسلطنة التي تُعتبر من أهم المشاريع الإستراتيجية والمؤمل أن تسهم في تحقيق متطلبات التنمية المستدامة على كافة الأصعدة من خلال الدور الذي ستلعبه في ربط المراكز التنموية في البلاد، حيث سيضيف هذا المشروع نمطاً جديداً للنقل في المنطقة لما يتميز به من قدرة على نقل كميات السلع والبضائع إضافة إلى المسافرين لمسافات طويلة وبتكلفة تشغيلية أقل من المُتاحة حالياً.

فالفطيسي مثال يحتذى به، والسلطنة بحاجة إلى أمثاله، ولا أنكر وجود وزراء في همة الفطيسي وقد أبلوا بلاءً حسناً في وزاراتهم ونرفع القبعة احتراماً وتقديراً لهم ولما يقومون به في خدمة الوطن والمواطن.

muqbali@hotmail.com

الأكثر قراءة