عبثية التلاعب ووهم "الحروز"

 

أحمد السلماني

مؤسف جدًا ما طفا ويطفوا على السطح عند اقتراب أفول شمس دورينا كل موسم من قضية التلاعب بنتائج المُباريات في مراحله الأخيرة، ليكثر الغمز واللمز واللغط هنا وكيل التُّهم هناك بأنَّ فريقًا ما لا تهمه النتائج ويلعب مستريحاً قد تهاون أو تلاعب بالنتيجة لمصلحة نادٍ ينافس على الصدارة وآخر لتجنب الهبوط وهكذا.

والحقيقة التي يجمع عليها الوسط الكروي وخاصة ممن عاصروا الدوريات بالسلطنة أنَّ هذه القضية واقع وكأس مُر تعاطاه الكثير حد الثمالة، بل هي قضية عالمية تُعاني منها غالبية دوريات العالم رغم أنَّ كثيراً من الدول والتي يساهم قطاع الرياضة بشكل عام وكرة القدم تحديدًا في مواردها المالية واقتصادياتها تنزل أشد العقوبات بالمتلاعبين سواء كانوا أندية أو أفرادًا، ولا زلنا نتذكر القرار التاريخي للاتحاد الإيطالي لكرة القدم في هبوط نادي يوفنتوس من "السيريا أ" لدوري الدرجة الثانية والذي استوعب الدرس جيدًا بعد ذلك ليعود بين كبار الكاليتشيو ويحرز آخر 5 ألقاب متتالية، كما وأنه بات قريبا جدا من تحقيق لقب دوري الأبطال هذا الموسم وبالتالي فإنَّ من شأن ردع المتلاعبين بالنتائج أن يصنع دوريات ومسابقات قوية تنعكس إيجابًا على كرة القدم العُمانية ومُنتخباتها.

ولقد أقرَّ الكثير ممن عاصروا دورينا بوجود مثل هذه التجاوزات التي تقفز فوق القيم والمثل وروح التنافس الشريف في الرياضة وكرة القدم التي تستعين بها الدول وحكوماتها وشعوبها لتنسيهم ما يجتري العالم من حروب وأزمات، وبالتالي فإنَّ من شأن مثل هذه التجاوزات والتلاعب في النتائج أن ينسف جهود موسم كامل لأندية بذلت الحال وأنفقت واستدانت المال لضمان تدوين تاريخ لها في سجل الدرع فإذا بزمرة غير مسؤولة وأندية فقدت الحافز والوازع تتساهل في المباريات لتستفيد أندية على حساب أخرى وتطغى لغة المال والعلاقات على المتعة الكروية وروح وقوة المُنافسة في ظل الوضع المادي الصعب للأندية ووجود مستحقات ورواتب للاعبين وحتى مدربين لم تدفع منذ أشهر مثلا ونفس أمارة بالسوء.

إنَّ غياب الرادع والحافز جعل الدوري أرضًا خصبة لمثل هكذا تجاوزات ووبال على الكرة العمانية والأندية التي تمتلك الحس العالي من المسؤولية وتتعامل برقي مع الآخرين، وعندما أتحدث عن الحافز فإنَّ ذلك بيد اتحاد الكرة وذلك بأن يمنح أول 8 أندية في ترتيب دوري المحترفين بطاقة العبور لدوري الـ16 بكأس صاحب الجلالة السلطان قابوس(تم طرحه في تحقيق صحفي بالزميلة "الشبيبة") أو منحها حافزا ماديا كبيرا ومع ذلك فأعود وأقول إنّ هذا يحدث مع أناس لا يدركون أنهم يسيئون لتاريخهم الكروي ولمكانتهم بين أندية ولاعبي أندية السلطنة ممن سطروا ويسطرون تاريخهم بحروف من ذهب وإنهم سهم مسموم في خاصرة كرة القدم العُمانية.

قضية أخرى نادراً ما يتم تسليط الضوء عليها مع أنها هاجس ووباء ينخر ويسري في جنبات رياضتنا العمانية وكرة القدم وهي الشعوذة وأوهام أسطورة "الحروز " حيث ولطالما عاشت عقول محسوبة على كرتنا ووقعت في مثل هذه الأوهام وأنفقت أموالاً طائلة على زمرة من الدجالين والمشعوذين لدرء الخسارة وتحقيق أماني الفوز فخسرت المال والنتيجة وكان حرياً بها أن تصرف مثل هذه الأموال في صناعة كرة قدم حقيقية وجيل كروي مميز يصنع المجد لهذا النادي أو الفريق وحدثوا العاقل بما يعقل، فلو كانت هذه الأوهام حقيقة لما كان منتخبنا في التصنيف الـ115 عالميا ولصعدنا لكأس العالم، لذا حرروا عقولكم وطهروا كرتنا من عبثية التلاعب ووهم "الحروز" .