نحن أبناء البيئة

 

 

مدرين المكتومية

البيئة ليست تلك المساحة من الأرض التي نعيش عليها فقط، ولكنها السبيل الذي منحه الله لكل خلقه، هي المنحة التي يعجز خيالنا عن حصرها، فكيف نحصر السماوات السبع والأراضين السبع، وكيف يُمكن أن تعي عقولنا المحدودة عدداً لا محدود من الكائنات الحيَّة منها والجامدة، هذه البيئة باتساعها تتلخص أحياناً في المكان الذي ننتمي إليه، والتفاصيل التي تلفنا، هي الماء الذي نشربه، والهواء الذي نستنشقه، هي تلك اللوحات التي رسمناها منذ الطفولة متأثرين فيها برموز معينة كالجبال والتلال والبحار والطيور، هي الألوان التي أعطيناها لأنفسنا، البيئة قبل أن تكون مجرد احتمال هي تلك الحقيقة التي تجاهلها البعض وتناسى الآخر واجباته تجاهها، فهي الأم التي عاش عليها الجميع، الأم التي يجب علينا أن نؤمن أنها الأساس قبل أي تنمية، وأنها المكان الذي يجب أن يكون مهيئاً للجيل القادم.

وكما يُقال رُبَّ ضارة نافعة، فكلما تأوهت البيئة مما نفعل بها يكون التأوه مؤلمًا وعنيفًا، تغيرات مناخية واندثار لكائنات وظهور أجيال جديدة من الفيروسات، سيول وأعاصير في مكان وشح في المياه في مكان آخر، كل هذا مما نراه أحيانًا كغضب للطبيعة ليس سوى شكوى مازالت مكتومة، وأشبه ما تكون بغضبة الأم الحنون على أبنائها حين يعُقونها، لكن هذه الأم مازالت تأمل في جزء من الاهتمام والتفكير، وأن تصبح جزءًا لا يتجزء من تفاصيل حياتنا، حينها سنكون أهلاً للمنحة التي منحنا إياها الله لنكون خلفاؤه فيها، فما نريد وما نأمل أن تكون ضمن أولوياتنا التي لا يمكن أن نتخلى عنها، وألا نتركها لتتلطخ بأفعالنا المشينة أو غير المسؤولة.

وفي عُماننا ومن هذا المنطلق تلعب الكثير من الجهات دورا كبيرا في الحفاظ على مفهوم الاستدامة البيئية التي هي مسؤولية الجميع. وتحت هذه المسؤولية هناك تضافر جهود واضح من خلال الاهتمام بقضايا البيئة، وتوضيح مفهوم الاستدامة والعمل على صون التنوع الأحيائي لتحقيق الاستدامة في عُمان، والتي تأتي بمفهوم نهج "إعلام المُبادرات" الذي تبنَّته جريدة الرؤية منذ انطلاقتها، لتعزيز مفهوم الشراكة وتكاتف الجهود.

وبذلك نترقب انطلاق فعاليات مُنتدى عُمان البيئي في دورته الأولى والذي يأتي بتنظيم من جريدة الرؤية بالتعاون مع ديوان البلاط السلطاني ممثلاً بمكتب حفظ البيئة، والذي يعد نوعًا جديدًا من الشراكة بين القطاع الحكومي والقطاع الخاص في خلق الحوار المجتمعي الذي يثري الحياة واستدامتها.

 

madreen@alroya.info