البطون الخاوية وجبروت المحتل

 

 

عادت مجددًا معركة البطون الخاوية إلى ساحات النزال والنضال السلمي، في ظل تعنّت وجبروت المحتل الإسرائيلي بحق الأسرى الفلسطينيين بسجون الاحتلال، فقد بدأ مئات الفلسطينيين الأسرى إضرابًا عن الطعام احتجاجًا على الظروف السيئة وسياسة الاحتجاز دون محاكمة التي ينتهجها الاحتلال الغاشم منذ أكثر من 3 عقود.

هذه المعركة ورغم أنّها لا تنطلق للمرة الأولى، إلا أنّ صداها يبث الرعب والجزع في نفس المحتل، ما دفع سلطات الاحتلال إلى وصف الإضراب بأنّه نابع من دوافع سياسية، وهو وصف مراوغ للالتفاف على الحق الأصيل الذي تكفله المواثيق الدولية والعهود الأممية بشأن أسرى الحرب والاحتلال، وكيفية التعامل معهم، وحقهم في محاكمة عادلة واحتجازهم في مواقع توفر لهم معايير إنسانية وظروفا تحترم آدميتهم.

أهميّة هذا الإضراب تأتي في وقت تتحدث فيه الدوائر الإعلامية والسياسية بعدد من الدول العربية الفعّالة في الملف الفلسطيني، عن "صفقة" محتملة لهذا الملف، علاوة على تزامن القضية مع اقتراب ذكرى مرور نصف قرن على احتلال الضفة الغربية والقدس الشرقية وقطاع غزة في عام 1967.

وتمثل هذه المعركة ردًا قويا وواضحا على سياسات الاحتلال اللاإنسانية سواء من حيث الممارسات التي يقوم بها على الأرض الفلسطينية أو في داخل السجون والمعتقلات.

فالمحتل الإسرائيلي لا يكف عن مواصلة انتهاك الأراضي الفلسطينية، تارة بالاحتلال المسلح خلال سنوات ماضية، وتارة أخرى عبر إعطاء الضوء الأخضر للمغتصبين من المستوطنين للتوسع في سرطانهم الاستيطاني، وهي الخطة السوداء لإحداث تغيير ديمغرافي على الأرض الفلسطينية، وفرض سياسات التهجير والطرد بقوة المدافع والدبابات ومعول الجرافات.

الأنباء الواردة من داخل هذه السجون تؤكد ما يتعرض له الأسرى من انتهاكات سواء كان عبر أساليب تعذيب بحق الأسرى، أو معاملات مهينة وغير إنسانية، فضلا عن الإهمال الطبي المتعمد الذي أودى بحياة البعض من الأسرى المناضلين، علاوة على سياسات الحبس الانفرادي، واستمرار الاعتقال الإداري دون محاكمة.

إنّ القضية الفلسطينية ينبغي أن تظل قضية العرب الأولى، وألا تتوقف محاولات استئناف مفاوضات السلام لاستعادة الحق الفلسطيني المغتصب، وعودة الاستقرار إلى هذه المنطقة، لكن ذلك يتطلب أولا وقبل أي قرار آخر، أن يقدم الاحتلال التنازلات الكفيلة بطمأنة المفاوض العربي، وأن تمتنع الولايات المتحدة عن دعم السياسات غير الشرعية للاحتلال والتي يرفضها ويعارضها المجتمع الدولي، وأن تتوقف آلة الهدم الإسرائيلية عن هدم البيوت وتشريد الفلسطينيين لبناء مستوطنات للمتطرفين اليهود.

تعليق عبر الفيس بوك