رحماك في أبي ثامر

 

 د. محمد بن سعيد الشعشعي

 إيماناً بقضاء الله وقدره غيَّب الموتُ يوم الخميس الماضي شخصية هامة من شخصيات ظفار، ألا وهو الشيخ سعيد بن مخيبي جداد الكثيري أحد أعمدة ولاية ثمريت، نحن مؤمنون بقضاء الله وقدره وبأنَّ الموت حق والمصير الأجل الذي لا مفر ولا مهرب منه، قال تعالى "كل نفس ذائقة الموت وإنما توفون أجوركم يوم القيامة" صدق الله العظيم

ومن باب ذكر محاسن أمواتنا، رأينا أن نعرض كلمات مُقتضبة نذكر بها ولو شيئاً يسيرًا من أفعال المرحوم الجليلة وهي لا شك لا يعلمها إلا من خلقه وإليه النشور.

شخصياً عرفت الشيخ المرحوم وأنا في الصف الثالث الإعدادي وتحديداً في العام ١٩٨٤ أي قبل حوالي ٣٣ عاماً، عندما كنت أدرس في مدرسة جابر بن حيّان في ثمريت، وجلست مع أولاده في منزله حوالي شهرين لنذاكر سويًا أنا وابنه ثامر في مساكن دائرة المياه بثمريت. وأذكر جيدا صورة الإبل المُعلقة على الحائط وراكبها غلام هو ثامر، وهذه الإبل لها قصة تحكى لن أخوض في تفاصيلها، وخلاصتها أن أبا ثامر قد عمل في الخارج واشترى إبلاً من السعودية وعبر بها رمال الربع الخالي سيرًا على الأقدام وصولاً إلى منزله في ظفار .

أذكر جيدًا أيضاً حثَّه المُستمر لنا على أهمية العلم ومواصلة الدراسة وأنَّ الحياة لا تستقيم إلا بالتعليم، فضلاً عن التزامه وثباته الدائم على أداء الصلاة في جماعة بالمسجد.

 

 

شارك أبو ثامر منذ فجر النهضة المباركة في خدمة الوطن وتدرج في وظائف ولجان مختلفة، انتهج لنفسه منهاجاً هو أن يكون مبتسماً دائماً، ومثقفًا، ومحافظاً على الثوابت من القيم الأصيلة، وظل محبوبًا من قبل الجميع لأنَّ ابتسامته وأخلاقه هي الرسالة التي دخل بها كل القلوب، علَّم أولاده ودرسهم في أرقى الجامعات للاعتماد على أنفسهم والتسلح بالعلم للمستقبل، مع أهمية التواصل مع مجتمعهم في الأفراح والأتراح فكانوا لا يفارقونه في المناسبات التي يحرص دائماً على المشاركة فيها .

أبو ثامر استقر في ثمريت وعرفته ثمريت منذ زمن بعيد وحتى انبلاج فجر النهضة، لذلك شيد الشيخ سعيد منزله في ثمريت ومنه ينطلق في مساعي الدنيا وواجبات الناس طوال حياته فلن تنساك ثمريت وأهلها إلى أبد الآبدين مثلما لم ينساك كل من عرفك أو سمع عنك من قريب أو بعيد .

 فالحشود وآلاف المصلين الذين امتلأ بهم مسجد السلطان قابوس وممراته، أتوا ليؤدوا الفريضة وبعدها النافلة وليبتهلوا لله بالدعاء في ذلك اليوم المُبارك بأن ينزلك خير منزل، قالى تعالى "وإذا سألك عبادي عني فإنِّي قريب أجيب دعوة الداع إذا دعان" صدق الله العظيم .

وما توافد الذين أتوا من محافظة ظفار وخارجها إلى خيمة العزاء الشامخة بولاية ثمريت، إلا وفاءً وتقديرًا لما قمت به وزرعته من واجبات وابتسامات وطيب مُعاملة طيلة حياتك .

إنَّ الموت حق وإنَّ العين لتدمع وإنَّ القلب ليحزن وإن ثمريت تبكي على فراقك يا أبا ثامر.

وختامًا تعازينا إلى الشيخ المهندس ثامر وإخوانه وأسرة المرحوم وأقاربه "إنِّا لله وإنِّا إليه راجعون" صدق الله العظيم .