قمم "أبطال أوروبا" وتكافؤ الفرص

 

 

حسين الغافري

 

(1)

تدخل لقاءات ربع نهائي دوري أبطال أوروبا مرحلة حاسمة والبداية بلقاءات الذهاب والمواجهات الصعبة جدًّا؛ وبطبيعة الحال فاللقاءات الأربع جميعها مؤكد أنها ستكون مثيرة كما جرت العادة.

مُباراة ريال مدريد الإسباني وبايرن ميونخ الألماني مؤكد بأنّها ستخطف الأنظار وستكون الأعين موجهة بشكل كلي مساء الأربعاء إلى أقوى المواجهات المرتقبة، مع الإثارة قبلهما مساء الثلاثاء بين يوفنتوس وبرشلونة. في البداية يبدو لقاء برشلونة الإسباني ويوفنتوس الإيطالي، امتداد لإثارة القرعة وحماسيتها المتوقعة. نتذكر بأنّ برشلونة قبل اصطدامه بيوفنتوس صنع ملحمة تاريخية لا تنسى وقلب الطاولة على النادي الباريسي في موقعة مثيرة جعلتها واحدة من اللقاءات التي ستعاد مراراً وتكرارًا في أرشيف البطولة. وكما اتفق جميع محبي النادي الكتالوني ولاعبوه فإنّ مسألة تجاوزهم النادي الباريسي بلقاء "الريمونتادا" لن يصبح بقيمة كبيرة إن أنهى برشلونة موسمه بدون اللقب. ولعلني اختلف كثيراً مع من يقول بأنّ برشلونة يتقدم بخطوة إضافية في مواجهته أمام يوفنتوس معللاً ذلك بلقاء النهائي الأوروبي في برلين قبل أقل من عامين؛ الوضع بعيد جداً من سيناريو مشابه؛ فالنهائي يبقى بحسابات مختلفة وقراءات مختلفة وأدوات غير التي كانت بحوزة الطرفين سلفاً. اللقاء الحالي يدخل ضمن لقاءات إقصائية، وطبيعة هذه النوعية من المواجهات ترتكز على المناصفة في فرص التأهل وتطلب الحضور الجيّد في مجموع المواجهتين. برشلونة الحالي يفتقد لعوامل كثيرة غير تلك التي جعلته يفوز على يوفنتوس سابقاً ومنها صلابة خط المنتصف والحضور الجيد للخط الخلفي وإزعاج مستمر للأطراف التي تساند المهاجمين. اليوم برشلونة بخط وسطه يملك فراغات واضحة وشاهدنا ميسي كثيراً ما يتراجع لوسط الميدان لمعاونة زملائه. أمّا يوفنتوس فهو بحال أفضل عن برشلونة ويسير إلى تتويج محلي جديد وبأسماء بها من التجديد ما يمكن أن تضعه في قمة أوروبا.. وثقل بوسط ميدان؛ إضافة إلى حارس كبير كبوفون ودكة احتياط جاهزة تنافس الفريق الأساسي في الجودة. باختصار فإن حلم يوفنتوس الآن هو التتويج الأوروبي. ولعلّ مواجهة برشلونة مبكراً دافع قوي في قياس مستوى هذا الحلم الكبير.

(2)

بينما الريال يدخل مواجهة بايرن وعينه على لقبه الثاني عشر توالياً كيف لا وهو زعيم البطولة وحامل لقبها في الموسم المنصرم.

في الجانب الآخر، لا يُمكن التقليل من فرص بايرن ميونخ الألماني أحد كبار القارة العجوز ويمتلك ثقلا كبيرا يؤهله للعب أدوار مُتقدمة وتصنيفه كمرشح للقب في الأعوام الأخيرة. بايرن ميونخ ما يميزه أوروبيا هو الراحة التي يتمتع بها محلياً والفارق الكبير بينه وبين بقية المنافسين. بايرن ميونخ سيدخل المواجهة بضغوط بدنية أخف كثيراً عن الريال بسبب سيطرته المريحة محلياً.

وقلت سابقًا أنني أُشارك من يقول بأنّ ضعف المنافسة بالدوري الألماني أسهم في خفض الحضور الذهني أوروبياً للبايرن؛ على عكس بقية الأندية؛ لذلك نجده "مرتاحاً" بدرجة كبيرة. والفريق يهز منافسيه بنتائج ثقيلة، ولو لم يشرك فريقه الأساسي وهو ما يخفي العيوب الموجودة فنياً ويضعف معرفتها مسبقاً؛ ليتجنّبها في المنافسات الأوروبية. بينما الحضور الكامل محلياً وشدة المنافسة تظهر الأعطال ومكامن الضعف وهذا ما شاهدنا عليه ريال مدريد في العام الماضي وبرشلونة قبله.

عموماً، الأمر ليس بمقياس ثابت ومواجهات من هذا النوع تستقطب اللاعبين قبل الجماهير وهو ما سيمنح اللقاءات جدية وإثارة مرتقبة في المواجهتين.

(3)

أيضاً تبقى المواجهتان الأخيرتان بين أتلتيكو مدريد وليستر سيتي وبين موناكو وبروسيا دورتموند جاذبتين بما فيه الكفاية. حيث يدخل أتلتيكو مدريد بآمال تحقيق حلمه الأوروبي بعد أن خسر النهائي مرتين في آخر ثلاثة أعوام بمواجهة ليستر سيتي الضيف الجديد على البطولة. ويتفق جميع المحللين على أن أتلتيكو سيميوني نصَّب نفسه كرقم صعب أوروبيًّا، وصنع مجموعة مقاتلة صعبة المراس. سيميوني يعمل بشكل كبير على النواحي النفسية والبدنية بمعية طاقمه بالإضافة إلى أنه قارئ جيد للمباريات وذكي في تعامله مع لاعبيه. بالمقابل تبدو مغامرة ليستر تصطدم اليوم بفريق خطير مؤهل لنهائي جديد. ليستر يمر بمرحلة ممتازة محليًّا بعد إقالة مدربه الكبير رانييري وبات مبتعدا عن شبح الهبوط الذي طارده منذ شهرين تقريباً. وفي آخر المواجهات تتكافا الحظوظ بين بروسيا دورتموند الألماني وموناكو الفرنسي. ولربما يظهر النادي الفرنسي بكعب أعلى وبانتعاش كبير كونه متصدر الدوري الفرنسي وتجاوز مانشستر سيتي في الدور الماضي بخامات موهوبة وشابة يمتلكها؛ وأصبحت تتهافت عليها كبار أندية القارة وعينها ترصد هؤلاء الموهوبين. من جانب آخر فدورتموند فريق لا غبار عليه وصنع لنفسه حضورا أوروبيا في الخمسة أعوام الأخيرة ولم يتأثر بخروج مدربه كلوب إلى ليفربول؛ الأمر الذي يثبت القيمة الفنية العالية للأسماء التي يمتلكها، وتبقى المتعة مضمونة في اللقاءات الأربع واحتمالية التأهل مناصفة بين المباريات الأربعة؛ الأمر الذي سيجعل المتابع المحايد المستفيد الأكبر.

HussainGhafri@gmail.com