"زنجبار بملامح عمانية".. 132 عاماً من التواجد العماني بالساحل الشرقي الإفريقي

 
مسقط - العُمانيَّة
صدر، مؤخرًا، عن دار سؤال اللبنانية، للكاتب والباحث في التاريخ عماد بن جاسم البحراني، كتاب "زنجبار بملامح عمانية"، ضمن البرنامج الوطني لدعم الكتاب الذي يتبناه النادي الثقافي.
والكتاب اختزل 132 عاما من مراحل التواجد العماني في زنجبار منذ عهد السيد سعيد بن سلطان والذي اتخذها عاصمة لعُمان في العام 1832م وحتى العام 1964م، وحاول تسليط الضوء على جزء يسير من التاريخ العُماني في زنجبار وآثاره الحضارية والثقافية والإنسانية.
ويتشكَّل مُحتوى الكتاب في 232 صفحة، يضم في طياته 4 فصول؛ هي: زنجبار الأرض والشعب، وسلاطين زنجبار، وشخصيات من زنجبار، ومقتطفات من صحف وعملات وطوابع زنجبار.
ويؤكد الباحث في الكتاب أن علاقة عُمان بزنجبار والساحل الشرقي لإفريقيا، علاقة تاريخية موغلة في القدم من خلال استدلال المؤرخون على أن الوجود العُماني العربي في زنجبار سبق ظهور رسالة الإسلام لأن هجرة حاكم عُمان سليمان ابن عباد بن عبد الجلندى وأخيه سعيد إليها بعدتهما وعتادهما لا بد أن يستند على وجود سابق له يأمنان فيه على حياتهما وأموالهما وذويهما وقبل ذلك على دينهما. وبعد هذه الهجرة، بدأ الوجود العماني في الجزيرة يتوطد أكثر وأكثر خصوصا في عهد دولة اليعاربة (1624-1741م) ثم وريثتها في حكم عُمان الدولة البوسعيدية، وبلغ هذا الوجود أوجه في عهد السيد سعيد بن سلطان البوسعيدي (1806-1856م) الذي جعل من زنجبار بدءا من عام 1832م حاضرة لسلطنته وأصبحت لاحقا مركزا هاما في تجارة العالم آنذاك.
وبالتالي؛ كان للتواجد العُماني في تلك المنطقة دور مهم في تقدُّم وازدهار الجزء الشرقي من القارة الإفريقية، لاسيما في الجوانب الاقتصادية والثقافية والعمرانية، كما كان للعُمانيين دور مهم في نشر الإسلام واللغة العربية في تلك المناطق.
وبقراءة سريعة لمحتوى فصول الكتاب الأربعة، نجد أنَّ الفصل الأول تحدث عن زنجبار الأرض والشعب وتضمن شذرات من تاريخ زنجبار منذ أقدم العصور حتى انتهاء الحكم العماني في عام 1964م ومجموعة من الصور التاريخية لمعالم زنجبار، فيما حمل الفصل الثاني اسم سلاطين زنجبار، وفيه عدد الباحث السلاطين الذين حكموا زنجبار من أسرة البوسعيد منذ عهد السيد سعيد بن سلطان الذي اتخذ منها عاصمة لدولته المترامية الأطراف في 1832م حتى عهد السلطان جمشيد بن عبدالله والذي انتهى في عهده الوجود العماني في زنجبار وشرق إفريقيا وذلك في مطلع العام 1964 وهم: السيد سعيد بن سلطان، والسيد ماجد بن سعيد، والسيد برغش بن سعيد، السيد، وخليفة بن سعيد، والسيد علي بن سعيد، والسيد حمد بن ثويني، والسيد خالد بن برغش، والسيد حمود بن محمد، والسيد علي بن حمود، والسيد خليفة بن حارب، والسيد عبدالله بن خليفة، والسيد جمشيد بن عبدالله.
كما احتوى هذا الفصل على نبذة تعريفية عن كل سلطان من هؤلاء السلاطين وعدد من الصور النادرة لهم والتي توثق جانبا مهما من مسيرة هؤلاء السلاطين وفترة حكمهم لزنجبار.
وتطرق الفصل الثالث المعنون بـ"شخصيات من زنجبار"، إلى سيرة عدد من الشخصيات العمانية التي برزت في زنجبار خلال تلك الفترة والذين تتوافر لهم صور فوتوغرافية، كسعيد بن علي المغيري ومبارك بن علي الهنائي وهاشل بن راشد المسكري وأبومسلم البهلاني ومحمد بن خلفان البرواني وبشير بن سالم الحارثي وسالمة بنت سعيد بن سلطان.
وحمل الفصل الرابع اسم مقتطفات من صحف وعملات وطوابع زنجبار، وفيه عرض الباحث مجموعة من الصحف والعملات والطوابع التي صدرت في زنجبار خلال فترة الحكم العماني للجزيرة والتي يمكن لقارئ الكتاب التفحص بعمق لقوة الامبراطورية العمانية في كافة المجالات السياسية والفكرية والثقافية والاجتماعية.
وقال السيد سعيد بن سلطان بن يعرب البوسعيدي الذي كتب تعريفا لهذا الكتاب، إنَّ أعمار الدول وتاريخها هي ما يصنع حاضرها ومستقبلها، وسلطنة عُمان تحمل في طيات تاريخها العريق الكثير من التجارب والمميزات التي تثري مختلف جوانب المعرفة السياسية والاقتصادية والاجتماعية. وفي هذا الكتاب نجد تلك الأرضية التي تمهد لمزيد من التعمق في دراسات وأبحاث تتناول مجالات وتجارب من ملامح التاريخ العُماني في زنجبار والذي يُعد في حد ذاته نموذجاً متكاملاً صريحا يعكس ذلك التوهج الفكري في جميع المجالات المرتبطة بالدولة والشخصية العُمانية.
أمَّا الباحث أحمد بن خلفان الشبلي المتخصص في تاريخ زنجبار، فقال في تقديمه لهذا الكتاب: "بذلت ما في وسعي لمراجعة الكتاب، فوجدته حقا كتابا متوازنا ومتسلسلا في طرح قضاياه، كما أنه يتسم بأسلوب شائق سهل، يستطيع الجميع أن يتناولوه بكل يسر وسهولة، لما حواه من معلومات شاملة ومختصرة، مدعومة بعدد كبير من الصور والوثائق والصحف والطوابع البريدية المرتبطة بموضوعات الكتاب، وهي بلا شك معينة على رسم صورة ذهنية راسخة في عقول قارئيه، حول طبيعة الوجود العُماني في شرق إفريقيا بشكل عام وزنجبار بشكل خاص، وهذه الخاصية تدلل بلا شك على عمق الخبرة عند الباحث وطول باعه ومثابرته في سبر موضوعات كتابه".

تعليق عبر الفيس بوك